المحكمة العُمَّالية (4) (وسائل الإثبات في الدعوى العمالية)
لا بدَّ لنا بداية من تعريف عقد العمل وفق ما جاء في المادة 46 من قانون العمل رقم 17 لعام 2010 والتي نصت على ما يلي: (عقد العمل الفردي هو العقد الذي يلتزم بموجبه العامل بالعمل لدى صاحب العمل وتحت سلطته وإشرافه مقابل أجر).
ويتضح من نص هذه المادة أنَّ عناصر عقد العمل هي :
1– تقديم الأجر.
2– تقديم العمل.
3– تبعيَّة العامل (خضوعه لسلطة وإشراف صاحب العمل).
وأن انتفاء أي من هذه العناصر يفقد العلاقة صفة عقد العمل ويحولها إلى علاقة تعاقدية أخرى غير مشمولة بأحكام قانون العمل، وقد تتداخل بعض العقود أو تتشابه في بعض خصائصها مع عقد العمل، خاصة عندما تكون التبعية غير واضحة أو واهية لدرجة الغموض، ولكن التسمية الصُّورية للعقد لا تقيِّد القاضي الذي يتمتَّع بسلطة تكييف العقد وتوصيفه بالصفة الموافقة له، وفي جميع الأحوال فإن بوسع القاضي الموضوع أن ينظر إلى هذه المعايير بضوء شروط العقد وظروف تنفيذه لتحديد الصفة الحقيقية للعقد.
كيف يتم إثبات عقد العمل؟
ألزم القانون رقم 17 لعام 2010 صاحب العمل بتحرير عقد عمل مكتوب مع العامل حيث جاء في المادة 47 منه على ما يلي:
(يلتزم صاحب العمل بتحرير عقد العمل المبرم مع العامل كتابة وباللغة العربية على ثلاث النسخ لكل من الطرفين نسخة ونسخة باللغة الأجنبية في حال كان العامل غير عربي، ويلتزم صاحب العمل بإيداع نسخة ثالثة لدى مديرية التأمينات الاجتماعية المختصة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تحرير العقد).
أما في حال عدم وجود عقد عمل مكتوب فقد عالجت الفقرة (ب) من المادة 47 هذه الحالة والتي نصت على أنه: إذا لم يوجد عقد مكتوب جاز للعامل إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات ولصاحب العمل إثبات العكس بنفس الطريقة، مع أن قانون العمل السابق أجاز للعامل وحده إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات دون صاحب العمل، لأنه الطرف الضعيف في العقد، ولأن عدم وجود عقد مكتوب يرجع إلى إرادة صاحب العمل وحده، ومساواة القانون رقم 10 العامل بصاحب العمل في هذه المادة، فيها إجحاف للعامل.
من الحقوق العمالية التي يستطيع العامل إثباتها بالشهادة فهي:
بدء العلاقة العمالية.
الأجر الشهري للعامل، وفيما إذا كان مسجَّلاً بالتأمينات الاجتماعية أم لا.
تقاضي العامل لحقوقه العمالية المتمثلة ببدل الإجازات السنوية وبدل العطل الأسبوعية والرسمية وبدل الأعياد الدينية وبدل تعويض العمل الإضافي والزيادات القانونية والترفيعات الدورية ومكافأة نهاية الخدمة وغيرها.
انتهاء العلاقة العمالية وسبب ترك العامل للعمل لمعرفة أحقيته في الحصول على تعويض التسريح غير المبرر أم لا.
ويستطيع صاحب العمل إثباته بالشهادة أيضاً.
إخلال العامل بالتزامه تجاه صاحب العمل المنصوص عليه في المادة 64 من قانون العمل رقم 17 لعام 2010.
إثبات انقطاع العامل عن عمله دون سبب مشروع.
جواز إثبات عكس ما يدّعيه العامل وذلك عن طريق شهود البينة العكسية وفق المادة 47 فقرة ب من قانون العمل وتعود للمحكمة سلطة تقدير قيمة الشهادة.
اليمين الحاسمة
هي التي يوجهها أحد المتداعيين إلى خصمه ليحسم بها النزاع، ويكون ذلك بإذن المحكمة حيث تعتبر اليمين الحاسمة من وسائل الإثبات الهامة التي يلجأ إليها المتقاضون لإثبات الدعوى العمالية وحسمها، ولا سيَّما العامل، وذلك حين يعجز عن إثبات دعواه عن طريق الوثائق أو الشهادة، واليمين الحاسمة تحسم النزاع بين الطرفين على الواقعة التي جرى التحليف عليها كما أنها من حقِّ الخصم وحده دون المحكمة، ويجوز توجيه اليمين الحاسمة في أية مرحلة من مراحل النِّزاع، ويجب ألا يكون موضوعها مخالفاً للنظام العام والآداب.
لا بدَّ أخيراً من الإشارة إلى أنَّ توجيه اليمين الحاسمة من قبل أحد المتداعين للآخر إنما يعتبر تنازلاً عن عداها من البينات.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 943