المحكمة العمالية وتطورها (1)
صدر قانون العمل الموحد رقم /91/ لعام 1959 الذي أعطى المحاكم الصلحية اختصاصاً شاملاً للنظر في منازعات العمال، ويكون حكم محكمة الصلح قابلاً للطعن بطريق الاستئناف، ويكون حكم محكمة الاستئناف مبرماً.
وفي عام 1962 صدر المرسوم التشريعي رقم /49/ الذي انتزع سلطة التسريح من صاحب العمل وأوكلها إلى لجنة قضايا التسريح والمشكلة كما يلي:
1 – قاضٍ ترشحه وزارة العدل رئيساً.
2 – مندوب عن وزارة العمل عضواً.
3 – مندوب عن المحافظة وفي دمشق عن وزارة الداخلية عضواً.
4 – مندوب عن نقابات العمال في المحافظة ينتخبه رؤساء النقابات عضواً.
5 – مندوب عن أصحاب العمل أو الجهة الإدارية عضواً.
وتنحصر صلاحية اللجنة في البحث في القضايا المتعلقة بالتسريح الإفرادي الذي لا يؤدي إلى وقف المنشأة، وقرار هذه اللجنة قابلٌ للاستئناف خلال خمسة أيام من تاريخ تبلُّغه ويكون حكم الاستئناف مبرماً.
القانون رقم /17/
بقي الحال على ما هو عليه إلى أن صدر قانون العمل رقم /17/ لعام 2010، والذي جاء نتيجة لتَبنّي الحكومات السورية المتعاقبة للسياسات الليبرالية- الاقتصادية، وتكريس انسحاب الدولة من الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وترك لرب العمل حرية تنظيم منشأته دون تدخل من الدولة أو من القضاء لحماية العامل الطرف الأضعف في علاقة العمل، فقد ألغي بموجبه المادة /279/ منه القانون رقم /91/ لعام 1959، وتعديلاته والمرسوم التشريعي رقم /49/ لعام 1962، وأعطى سلطة البتّ في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكامه إلى المحكمة المختصة والمشكلة بموجب المادة /205/ من هذا القانون على النحو التالي:
تحدث في مركز كل محافظة بقرار من وزير العدل محكمة بداية مدنية من:
1 – قاضي بداية يسميه وزير العدل رئيساً.
2 – ممثل عن التنظيم النقابي، يسميه المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال عضواً.
3 – ممثل عن أصحاب العمل يسميه اتحاد غرف الصناعة أو التجارة أو السياحة أو التعاوني للنظر في المنازعات العمالية بين العمال وأصحاب العمل عضواً.
كما يسمي ككل من المكتب التنفيذي لاتحاد العام لنقابات العمال واتحاد غرف التجارة واتحاد غرف الصناعة واتحاد غرف السياحة عضواً ملازماً يقوم مقام الأصيل في حال غيابه.
وعندما وضع نصّ المادة /205/ من القانون وفق ما ذكر أعلاه موضع التطبيق، تبيَّن أن هذا النص جاء قاصراً، ولم يحقق الغاية المنشودة منه لعدم التزام أعضاء المحكمة، وخاصة مندوب أصحاب العمل عن حضور جلسات المحكمة، لكي لا تصدر أحكام بمواجهتهم مما أدى إلى تعطيل هذه المحاكم عن العمل، وتنسيب الدعاوى لما يقارب أربعة أعوام، وتمّ تسريح عشرات الآلاف من العمال خلال هذه الفترة، وبلغ عدد الدعاوى المتراكمة بحدود آلاف الدعاوى في محكمة دمشق، وعشرات الآلاف في محكمة ريف دمشق.
تعديل المادة /205/ من قانون العمل
بقي الوضع على ما هو عليه لحين صدور المرسوم رقم /64/ لعام 2013، الذي عدل تشكيل المحكمة العمالية على النحو التالي:
تعدل المادة /205/ من قانون العمل رقم /17/ الصادر بتاريخ 12/4/2010 لتصبح على النحو التالي:
تُحدث محاكم عمل في مركز كل محافظة من محافظات الجمهورية العربية السورية، تختص بالنظر في المنازعات المتعلقة بالعمل الفردي في شأن تطبيق أحكام القانون رقم /17/، وعقد العمل الفردي وتشكل المحكمة وفق التالي:
قاضٍ يسميه وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى رئيساً.
ممثل عن العمال يسمّيه الاتحاد العام لنقابات العمال من حملة الإجازة بالحقوق، ممثل عن أصحاب العمل يسميه وزير العدل من حملة الإجازة بالحقوق بناءً على اقتراح اتحاد غرف الصناعة والتجارة والسياحة عضواً.
وقد فَرّغ هذا المرسوم التشريعي أعضاء المحكمة للعمل فيها ومنحهم تعويضاً شهرياً من الجهة التي يمثلونها، وكذلك أخضعهم للالتزامات والواجبات الملقاة على عاتق القضاة بموجب قانون السلطة القضائية، وإلى إدارة التفتيش القضائي.
وتمَّت إحالة الدعاوى العمَّالية بوضعها الراهن وكذلك الدعاوى القائمة أمام محكمة الصلح المدني ولجان قضايا التسريح إلى محكمة البداية المدنية العمالية المحدثة بموجب هذا المرسوم.
وكانت محكمة الصلح العمالية توفِّر على العمال كثيراً من الجهد، نظراً لانتشارها الواسع في كثيراً من المناطق عكس محكمة البداية العمالية التي يكون مركزها مراكز المدن فقط، كما أنّ هناك العديد من المحافظات السورية لم تتفتَّح فيها محاكم عمالية إلى الآن.
ومع ذلك ما زالت الدعاوى متراكمة أمام المحكمة العمالية، ومن المعلوم أنَّ أية قضية عمالية تحتاج إلى سنوات للبت فيها، فلماذا لا يتم تخصيص غرفة في المحكمة مختصة بقضايا التسريح فقط، لتخفيف الضغط على المحكمة؟ هذا عدا عن أنه يحقُّ لرب العمل رفض قرارات المحكمة العمالية، وتسريح العامل من عمله، كل هذه الأمور دفعت العمال إلى الإحجام عن التوجه للمحكمة العمالية، وباتت حقوقهم في مهب الريح.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 940