رجال تحت الشمس
عادل ياسين عادل ياسين

رجال تحت الشمس

العمال رجال تحت الشمس يعملون دون ضجيج، ينجزون ما هو واجب إنجازه، ويتحملون ما هو كائن من مصاعب ومخاطر أحياناً كثيرة تكون مؤلمة، بسبب نتائجها التي يتحمل تبعاتها الكاملة هم العمال والعمال وحدهم.

العمّال في الأزمة تحمَّلوا ما لا يستطيع أحد تحمله من الكوارث التي حلت بشعبنا، وهي كبيرة ومؤلمة، وما زالوا يتحملون، لأن خياراتهم للخلاص مما هم فيه ضيقة ومحدودة، ولكن ظروفهم التي وضعوا فيها وشروط عملهم في ظل الأزمة فرضت عليهم نمطاً محدداً من التعاطي مع الواقع بما يلزم من الإخلاص والشجاعة والتفاني.
كل يوم تُورد الأنباء عن وفاة عامل كان يقوم بعمل خطر يؤدي إلى وفاته وكان أخيرها وليس آخرها عامل الكهرباء في كهرباء ريف دمشق، الذي تعرَّض لصعق كهربائي أثناء الصيانة. وقبلها وفاة عامل في مصفاة بانياس، وبعدها وفاة عامل في كهرباء حمص، هذا عدا إصابات العمل التي تسبب عاهات دائمة أو مؤقتة تخرج العامل عن العمل، ويمكن أن نعرّج على ما كان يقوم به العمال من أعمال بطولية، وهم يعيشون في كل لحظة من لحظات عملهم تحت الخطر المباشر جرَّاء الأعمال القتالية الدائرة في أماكن عملهم، ونعتقد أن عمال شركة تاميكو قبل أن ينقل مكان عملهم يتذكرون تلك الأيام القاسية التي كان العمال ينتجون في المعمل والمعارك دائرة خارجه. ورغم هذا الواقع يذهبون من معملهم ويعودون إليه كالمعتاد لكي تبقى عجلة الإنتاج دائرة لا تتوقف.
عمّال الخماسية ليسوا أفضل حالاً فقد كانوا يذهبون إلى العمل والقذائف تمر فوق رؤوسهم مشياً على الأقدام كي يبقى المعمل وتبقى عجلة الإنتاج تدور.
عمال المغازل والمناسج ليسوا أقل حظّاً من زملائهم العمال، فيما كانوا يتعرضون إليه، فقد تمكنوا من إنقاذ العديد من أنوال النسيج التي تم تفكيكها من قبلهم من تحت الأنقاض ليعاد تركيبها مرة أخرى وتصبح جاهزة للإنتاج. هذا غيضٌ من فيضٍ مما تعرض له العمال ليس في معامل دمشق فقط، بل في المحافظات التي كانت معاملها على خطوط النار.
هناك عمال قاموا بأعمال لا تقل عن الأعمال البطولية الخارقة التي تحدثنا عنها، قاموا بصيانات لمحطات الكهرباء ومصافي النفط تقدَّر قيمتها بمليارات الليرات بخبراتهم التي اكتسبوها، ووطنيتهم التي تحرك وجدانهم وهممهم لتبقى منشآتهم تعمل وتلبي حاجات الشعب السوري ومتطلباته.
بالمقابل، فإن الموقف من حقوق العمال ومطالبهم تبقى حبيسة الحكومات المختلفة، ويرهنون تحسين أوضاعهم المعيشية بإجراءات لا تقدم للعمال ما يوازي جزءاً من تضحياتهم في الوقت الذي يعيشون أعضاء الحكومة في رغد العيش وفي رفاهية ليس مثلها رفاهية، والأنكى من هذا يطلبون من العمال شدَّ الأحزمة على بطونهم أكثر وهي خاوية.
إن الطبقة العاملة تقول لأهل العقد والربط بما يتعلق بشؤونها لقد بلغ السّيل الزبى فهل من مجيب؟ نعتقد الإجابة سيقدمها العمال في اللحظة التي يرونها ممكنة من أجل انتزاع حقوقهم وتحقيق مطالبهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
940