أين دور الحركة النقابية؟ وجهة نظر
لطالما كانت الحركة النقابية في سورية في طليعة المدافعين عن القضايا الوطنية في كل المراحل التي مرت فيها سورية، وكان لها دور مهم في المنجزات التي أنجزتها الطبقة العاملة خلال القرن الماضي.
واليوم، في خضم الأحداث التي تشهدها سورية، ومن أهمها انطلاق أعمال اللجنة الدستورية في جنيف، لم نرَ للنقابات دوراً حقيقياً أو رأياً قانونياً لعرض رؤيتها وموقفها العمالي في «الدستور الجديد»، بل بقي موقف النقابات متخفياً تحت عباءة الوفد «المدعوم» من الحكومة التي لا تهمها حقوق العمال فهي من تحاربهم في لقمة عيشهم، وهي تحمل وتمثل رؤية أصحاب الربح والمستثمرين.
فأين موقف النقابات المستقل المعبر عن موقفها الطبقي؟ وأين أطروحاتها؟ ولماذا لم نسمع رأياً مستقلاً للنقابات باحتمالات الإصلاح الدستوري الجديد، أو على أقل تقدير تقديم رؤيتها للطبقة العاملة وتوعيتها بأهمية عملية الإصلاح الدستوري الجارية؟ وما يجب أن ينص عليه الدستور الجديد من حقوق للطبقة العاملة؟ وماهي ضمانات تطبيقها حتى لا يحدث كما حدث مع نصوص الدستور الحالي المتعلقة بحقوق الطبقة العاملة التي بقيت حبراً على ورق! ألا تعتبر النقابات نفسها أنها الجهة الوحيدة الممثلة للعمال والمدافعة عن حقوقهم؟.
النقابات والحكومة
إلى متى ستبقى النقابات تختفي تحت عباءة الحكومة وتلتزم بقراراتها وتعتبر أن هذه القرارات هي من مطالب العمال، وتغلف قرارات الحكومة بشرعية عمالية؟ فإذا كانت النقابات غير مقتنعة بدورها المستقل والمادة الثامنة في الدستور الحالي فهذه فرصتها اليوم للتسلح بهذه المادة لفرض موقفها ورؤيتها في «الدستور الجديد»، الذي يمكن أن يكون متطوراً أشواطاً كثيرة عن الدستور الحالي، لما سيوفره للشعب عموماً وللطبقة العاملة خاصةً من حرية في التحرك للمطالبة بحقوقهم؟.
لماذا القائمون على النقابات يبقون النقابات مقيدة بالمادة الثامنة القديمة ويمنعون أي تحرك مستقل لها، ويَضيّعون اليوم فرصة لفرض الطبقة العاملة رؤيتها في الدستور الذي سيحدد مصير البلاد لعشرات السنين؟.
على ماذا تراهن النقابات في المرحلة الحالية والقادمة في الدفاع عن حقوق العمال؟ هل ستبقى تراهن على منطق الحوار مع الحكومات كما في السابق والذي أوصل الطبقة العاملة لحافة الجوع وأدى إلى فقد ثقة العمال بالنقابات؟.
أين دور النقابات المستقل؟؟
لماذا تتماهي النقابات مع الحكومة ووفدها، وهي من المفترض تعرف أنها مستقلة عنهم وتمثل الطبقة العاملة، وأن تكون النقابات شريكة للحكومة؟ هذا يعني أنَّ على النقابات تبني رأي الحكومة في الدستور الجديد بما يخض القضايا الاقتصادية والاجتماعية والحريات الديمقراطية النقابية للطبقة العاملة، وهذا يعتبر غير دستوري ويصل إلى حد اختطاف النقابات ومصادرة قرارها، وتجيير تلك المؤسسة للعمل على التهادن مع قوى رأس المال التي تمثلها الحكومة.
من يمثل العمال؟
القليل من القوى السياسية المشاركة في مناقشة الدستور يتحدثون عن ضرورة «ماذا يجب أن ينص الدستور الجديد من حقوق في الجانب الاقتصادي الاجتماعي»، وتبقى التغييرات التي تطرحها تلك القوى تتعلق بالجانب الديمقراطي فقط، ومع ضرورة هذه المواضيع وأهميتها، إلّا أنّ هذه القوى لا تتحدث عن مصالح فئات الشعب وحقوقها بل تكتفي عادة بالإشارة إلى ما يهم توجهها السياسي والاقتصادي، والتوجهات لتلك القوى السياسية مكشوفة ومعروفة للجميع بما فيه وفد الحكومة.
لذلك يجب على النقابات البدء من اليوم، فتح جلسات حوارية دستورية في مبنى النقابات، والاستماع إلى رأي العمال والنقابيين والحقوقيين لتكوّن موقفاً واضح من الإصلاح الدستوري، ولا بد أن تُمثَّل النقابات فيها كطرف مستقل، وتكونَّ رأياً وموقفاً عمالياً موحداً وتسعى لفرض موقفها ورؤيتها على المشاركين، وتعزز موقف المشاركين الذين يمثلون مصلحة العمال والطبقة العاملة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 939