بصراحة: النقابات.. 81 عاماً بين مد وجزر؟

بصراحة: النقابات.. 81 عاماً بين مد وجزر؟

النقابات مثلها مثل أية بنى اجتماعية أخرى تخضع في عملية تطورها وتراجعها للقوانين الموضوعية التي تحكم عملية التقدم والتراجع مثل علاقات الإنتاج السائدة، وواقع القوى المنتجة في ظل علاقات الإنتاج ومستوى الحريات السياسية والحريات الديمقراطية التي تفرضها موازين القوى الطبقية داخلياً وخارجياً.

الحركة النقابية في عامها الحادي والثمانين تاريخ الإعلان الرسمي عن الاتحاد العام لنقابات العمال، حيث لا يعني أن النقابات لم تكن موجودة قبل هذا التاريخ، فقد تدرج الواقع التنظيمي إلى أن وصل إلى الإعلان عن اتحاد موحد يعبر عن الحركة العمالية في أنحاء البلاد، الذي هو تتويج لمراحل سابقة من النضال العمالي والنقابي، الذي مر بتطورات مختلفة تبعاً لمجمل الظروف التي كانت تسود في كل مرحلة من مراحل عملها، وهي محكومة بها ومتأثرة بعملها إلى حد بعيد بعلاقات الإنتاج السائدة ومستوى تطور القوى المنتجة والقوى السياسية الفاعلة على الأرض، والمناخ السياسي السائد محلياً وإقليمياً ودولياً في اللحظات المختلفة.

مع التطور الذي جرى في علاقات الإنتاج وبداية تحولها إلى الإنتاج الرأسمالي أخذت الطبقة العاملة بالتطور أيضاً من حيث وعيها لذاتها على أساس مصالحها المشتركة، وضرورة الدفاع عنها وتحسين شروط عملها وتحديد ساعات عملها بثماني ساعات، وبهذا أخذت تطور من أدواتها في المجابهة مع الرأسمال وخاصة في منتصف الخمسينات، وساعدتها في عوامل عدة، منها: تغير موازين القوى بانتصار الاتحاد السوفيتي الذي كان قوة مثلٍ محفزةٍ لتطوير النضال العمالي والنقابي بمختلف أشكاله، ووجود مستوى من الحريات السياسية والديمقراطية تجعل إمكانية المواجهة مع قوى رأس المال ممكنة وتحقق نتائج حقيقية على صعيد حقوق العمال المختلفة، وهذه الفترة الزمنية التي كانت بمثابة العصر الذهبي للديمقراطية وحرية العمل السياسي ليس للحركة النقابية فقط بل لمجمل القوى السياسية.

ولكن هل استمر هذا الوضع بالنسبة للحركة النقابية والعمالية بما يخص قدرتها على التعبير عن مصالحها واستقلالية قرارها، وقدرتها على الاستمرار باستخدام أدواتها النضالية كما في السابق؟ نعتقد جازمين أن الأوضاع قد تغيرت مع التغير بموازين القوى منذ إعلان الوحده عام 1958 حيث جرى التحكم بحراكها وتنظيمها والتضييق عليها إلى حد بعيد عبر الشعارات والقوانين والتشريعات، وعبر الاشتراط الحزبي لكوادرها وقادتها وعبر التحكم بشكل ومضمون خياراتها الانتخابية، وهذا الواقع ما زال سائداً، ولكن السؤال: هل سيبقى هذا سائداً؟ أم أنّ الطبقة العاملة بعد تجربتها الطويلة مع الانتهاكات الجارية لحقوقها ومصالحها سيكون لها موقف آخر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
905