ماذا بعد؟
المؤتمرات النقابية انتهت في المحافظات، وأعضاؤها الحاضرون أدلوا بدلوهم فيما يروه من قضايا وحقوق، إضافةً إلى واقع المعامل والشركات، وما تعانيه من مشاكل مختلفة تعيق إلى حد بعيد الإقلاع بالإنتاج وتجويده، وهذا مرتبط بدور الحكومة وتوجهاتها بخصوص الدعم المطلوب، والاستثمار في الشركات والمعامل من أجل الإقلاع الفعلي، وإذا ما تم فإنه سيكون مهماً على الموارد التي تحتاجها الحكومة، وعلى العمال من حيث حصولهم على حقوقهم ومطالبهم بما فيها تعويضاتهم
كانت الردود من قبل المسؤولين الحاضرين لهذه المؤتمرات جميعاً مسبوقةً بحرف السين، أي: لا ردود فعلية يمكن الاستناد إليها فيما يتعلق بأطروحات العمال المختلفة، وهذا سبب خيبة أمل عندهم، وكانت ردود فعلهم إزاء النتائج فيها الكثير من الغضب والاستياء وعدم الرضا.
السؤال الأهم المستخلص من تجارب العمال على مدار السنوات الخمس التي حضروا فيها مؤتمراتهم السنوية، ويتهيَّؤون لدورة انتخابية جديدة: كيف للعمال الخروج من عنق الزجاجة التي حصرتهم بها السياسات الليبرالية؟ وما هي أدواتهم الجديدة بعد أن استفذت الأدوات القديمة دورها وفاعليتها في إمكانية تحقيق ما يطالب به العمال؟ وخاصةً زيادة أجورهم زيادة حقيقية ومن مصادر غير تضخمية، وهذه المصادر معروفة ولا تحتاج للدلالة عليها ولكن سندل عليها لمن غابت عنه معرفتها.
المصادر الحقيقية في جيوب من راكم الثروة وعمل على نهبها بأشكال مختلفة أدت إلى إفقار الملايين من شعبنا، وجعلتهم يعيشون حدّ الكفاف بدرجاته الدنيا، والتقديرات الاقتصادية تشير إلى المليارات من حجم الثروة المنهوبة، وهذا مؤشراته ليست اقتصادية فقط، بل مؤشراته سياسية بامتياز تؤسس الآن ولاحقاً لإعادة إنتاج أزمة جديدة قد تكون أثارها ونتائجها كارثية على شعبنا المغلوب على أمره، بما ابتلي به من حصار مُرَكّب، حصار خارجي جائر، وحصار داخلي ينهش بلحمه قبل جيوبه.
إن الطبقة العاملة وجميع العاملين بأجر يدركون حجم المخاطر، ويعلمون بناهبيهم، ولكن إلى الآن أدواتهم في الرد من أجل حقوقهم قاصرة ومقيدة بقيود لابد من فكها والخلاص منها حتى تستقيم الأمور، حيث الطرف الناهب له حريته في النهب، بينما الطرف المنهوب مقيدة حريته في الدفاع عن حقوقه، وهنا بيت القصيد فهل يفعلها المنهوبون؟ سنعيش ونرى.