عبودية الأجر
عادل ياسين عادل ياسين

عبودية الأجر

عبودية الأجر تصف الوضع الذي يكون فيه الشخص معتمداً في تحصيل قوته على الأجر الذي يكسبه، ويستخدم المصطلح لوصف الحالات التي تحصل فيها العمالة على أجور منخفضة بشكل غير معقول. 

وثمة آخرون يشيرون إلى بعض نقاط التشابه بين امتلاك أو توظيف شخص، ويوسعون معنى المصطلح ليشمل نطاقاً واسعاً من علاقات التوظيف في بيئة اجتماعية هرمية بخيارات عمل محدودة، مثلاً: العمل عند شخص تحت التهديد بالموت جوعاً، الفقر أو العار الاجتماعي).
التشابهات ما بين عمالة الأجر والاستعباد أُفصِح عنها في زمن شيشرون. تم توضيح تلك التشابهات من لدن مفكرين لاحقين، أمثال: برودون وماركس، خصوصاً بحلول الثورة الصناعية، كما كان مصطلح عبودية الأجر مستخدماً على نطاق واسع خصوصاً من قبل المنظمات العمالية خلال منتصف القرن التاسع عشر، بيد أنه استبدل تدريجياً بالمصطلح الأكثر براغماتية، «أجر العمل» مع نهاية القرن نفسه.
فكرة أن ثمة تشابه بين أجر العمل وبين الرق، بدأ الحديث عنها في أواخر القرن الثامن عشر، وأوائل القرن التاسع عشر من قبل المدافعين عن الرق (في الأغلب في الولايات الجنوبية في الولايات المتحدة)، ومن جانب المعارضين للرأسمالية، والذين كانوا منتقدين للرق.
كان المدافعون عن العبودية، الذين كانوا غالباً من الولايات الأمريكية الجنوبية، يجادلون بأن العمال كانوا «أحراراً فقط بالاسم- ولكنهم عبيد المجهود المضني الأبدي»، وبأن عبيدهم كانوا في حالٍ أفضل (من أوضاع العمال في الولايات الشمالية).
وضَّح فكرة عبودية الأجر الفيلسوف وعالم الاقتصاد، كارل ماركس، الذي وصف عبودية الأجر أنها تقليل من شأن الوجود والاستقلال الفردي، وذلك ببنائهما على فكرة سلعنة الجسد والحرية وسبغ الطابع المادي البحت عليهما.
يقول ماركس: يباع العبد، البروليتاري مجبر على ذلك يومياً وكل ساعة. العبد الفرد، ملكية السيد الواحد، لا يخشى على وجوده، مهما كان ذلك الوجود بائساً، من أجل مصلحة السيد. البروليتاري الفرد، هو ملك الطبقة البرجوازية بأكملها، وهي الطبقة التي تشتري عمله فقط إذا كان أحد أفرادها يحتاجه، والبروليتاري ليس لديه وجود آمن. هذا الوجود مكفول فقط لطبقة ككل. العبد خارج المنافسة. البروليتاري في خضم المنافسة ويعيش تقلباتها كافة.
المؤيدون لفكرة أن أجور العمل مشابهة للرق، حاججوا بأن :
- بما أن العبد هو ملك لصاحبه، قيمة العبد للمالك هي أعلى من قيمة العامل الذي قد يستقيل، أو يسرح من العمل، أو يستبدل. مالك العبد. لهذا السبب، لا يسرح أو يطرد العبيد مثل عمال الأجور. يمكن لعبد الأجر أن يتضرر بتكلفة ضئيلة أو حتى بدون تكلفة بالمرة. يقوم صاحب العبد باستثمار أكبر من حيث مبلغ المال الذي يصرفه على عبيده. لهذا السبب، في أوقات الكساد الاقتصادي، لا يمكن، من منطلق اقتصادي، طرد العبيد كما يسرح عادة بعض العمال.
هنالك العديد من الإستراتيجيات والنضالات المتبناة من عبيد الأجور، التي أسفر عنها ما يمكن تسميته بالنقابات، مراكز الضمان الاجتماعي التي تستطيع الحد من الظلم الناتج عن عبودية الأجر.
- بخلاف العبد، يستطيع عبد الأجر أحياناً أن يختار رئيسه، ولكنه لا يستطيع أن يبقى بدون رئيس. أسوأ خيار بالنسبة لعبد الأجر، هو: إما العمل عند رئيس أو مواجهة الفقر أو الموت جوعاً. بشكل غير مباشر، السجن، الضرب، الإهانات، وعقوبات أخرى، هي ما يمكن أن يُواجهه أي عامل يحاول النجاة بدون العمل مع رئيس، ومثال ذلك: عمال يحاولون إدارة مصنع رأسمالي، أو زرع وحصد الأطعمة من الأرض التي يمتلكها الرأسماليون. عندما يرفض عبد أن يعمل، ثمة عدد من العقوبات قد تنزل به، من الضرب، إلى الحرمان من الطعام، على الرغم من أن بعض ملاك العبيد «العقلانيين» مارسوا تحفيزاً إيجابياً للوصول إلى أفضل النتائج بدلاً من خسارة استثمارهم وذلك بقتل عبد ثمين.
- تاريخياً، كان نطاق الوظائف والمواقع المشغولة من قبل عبيد عاماً بعمومية ذلك النطاق المشغول من قبل الأحرار، مما يشير إلى بعض التشابهات بين الرق وعبودية الأجور.
التشابهات ما بين عبودية الأجر والرق، كانت قد لوحظت من لدن العمال أنفسهم. على سبيل المثال، «فتيات لويل ميل»، وهن نساء عاملات في مصانع نسيج في ولاية ماساتشوستس في أمريكا، اللاتي بدون أية معرفة بالراديكالية الأوروبية، استنكرن «الانحطاط والخضوع» المتمخضين عن النظام الصناعي الناشئ، وأكدن بأن «أولئك العاملين في المطاحن يجب أن يملكوها». وكن قد عبرن عن تلك الأفكار في إحدى أغنياتهن التي غنينها في إضراب عام 1836:
«أليس من المحزن، أن ترسل فتاة جميلة مثلي إلى المصنع
لا أستطيع أن أكون أمةً، ولن أكون أَمَةً
لأنني أعشق الحرية»
وشجبت المناضلة العمالية الأمريكية )إيما جولدمان (عبودية الأجر، بالقول: «الفرق الوحيد هو أنكم عبيد ولستم عبيداً سوداً»