حقوق العمال بالعدالة الاجتماعية!
البشر يبحثون عن عدالة قد ضاعت منهم منذ بزوغ فجر الطبقات بتشكيلتها الأولى، ولن يتوقف البحث البشري عن العدالة التي ينشدونها مهما حاولت القوى المغتصبة لها إخفاء سلوكها وأدواتها بشعارات ومقولات لتغييب حقيقة الظلم الاجتماعي الواقع على القوى التي تنتج ولا تنال من إنتاجها إلا ما يكاد يجعلها قادرة على إعادة إنتاج قواها، التي تمكنها من استمرارها بالحياة لتصنع الربح مرةً ثانية، ليس لها وإنما لمغتصبي نتاج عملها.
القوانين تعبر بشكل أساسي عن مصلحة الطبقة السائدة، وكيما تسود هذه الطبقة لابد لها من تقديم الفتات المتبقي من موائد الاستغلال، وهذا ما عبرت عنه بعض النظريات الاقتصادية في مراحل تاريخية سابقة اصطلاحاً «بالضمان والرفاه الاجتماعي» أي: تقديم الرشوة للطبقة العاملة وبعض ممثليها كي يبقى السلم الاجتماعي على ما يرام دون منغصات من قبل أصحاب الحق العمال؟ وحتى تلك الرشوة الهزيلة لم تستمر، وبُدئ بسحبها من العمال مع المركزة الشديد لرأس المال، أي: مع تبني الليبرالية الاقتصادية الجديدة، التي تم تصديرها إلى بلادنا مثل بقية بلدان الأطراف، وتم تبنيها رسمياً عبر تبني ما يسمى اقتصاد السوق الاجتماعي، وصنعت لها ما يلزم من أدوات مختلفة، قانونية واقتصادية واجتماعية لعبت دوراً أساسياً في تعميق فرز المجتمع السوري إلى ناهبين «أقلية» ومنهوبين «أكثرية»، وهو ما يعبر عنه بمعادلة «أرباح- أجور» الناظمة لشكل ومضمون النهب الجاري في الدولة والمجتمع معاً.
إن تحقيق أعمق عدالة اجتماعية في الظرف السوري الراهن، يعني: تصحيح تلك المعادلة «أرباح- أجور» لمصلحة الأجور وهذا له أدواته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها:
• مستوى عالٍ من الحريات السياسية، والنقابية، والديمقراطية تمكن الطبقة العاملة وعموم الفقراء من تنظيم أنفسهم للدفاع عن مصالحهم.
• حركه نقابية مستقلة في قرارها واستخدام أدواتها الكفاحية وفي مقدمتها حق الإضراب والتظاهر السلميين.
• قوانين عمل تضمن ليس حقوق العمال فقط بل أيضاً تطبيقها الفعلي.
• قضاء عمالي مستقل وغير منحاز يؤمن حقوق العمال العادلة المعتدى عليها، وأهمها: حق العمال بعمل مستقر.
• تبني نهج اقتصادي جديد يحقق أعلى نموٍ وأعمق عدالةٍ.