التأمين الصحي
ما تزال قضية التأمين الصحي لعمال القطاع العام واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل، إذ تتربع على رأس قائمة من المشكلات العالقة، المعروضة على طاولة الحكومة الحالية والحكومات التي سبقتها، ولم تكن معالجاتها سوى ذرٍّ للرماد في العيون، ومحاولة لإطالة عمر التأمين الصحي بصيغته الحالية، التي أثبتت إخفاقها بجدارة.
رحلة العلاج
تبدأ رحلة العلاج بأن يجد الموظف الطبيب المتعاقد مع شركة إدارة النفقات الطبية، ويتأكد من أنه سيقبل بمعالجته بناء على بطاقة التأمين، وهو ما يتطلب منه الانتظار ريثما يتواصل الطبيب مع الشركة، ويحدث الأمر نفسه أحياناً في الصيدليات، إذ يعتذر الصيدلي عن تقديم الدواء رغم أنه موجود لديه، وذلك بسبب تأخر شركات إدارة النفقات الطبية في إعطاء المتعاقدين من مخابر وصيادلة وأطباء مستحقاتهم المالية، ما يدفعهم إلى الامتناع عن خدمة المريض، أو تأجيل صرف الوصفة إلى حين التواصل مع الشركة، ويظن كل من حصل على بطاقة التأمين أنه أكثر حظاً من غيره ولا سيما في ظل ارتفاع أسعار المعاينات الطبية والدواء، ولكن عندما يحين موعد استخدامها في العيادات والمشافي، التي بحث عنها عبر الشبكة الطبية يُصدم بإجراءاتها، هذا عدا عن تحمله مزاجية الأطباء الذين يمتنعون أحياناً عن استقبال المؤمن عليه، فمنهم من يدعي أن فحص الإيكو لا يدخل في أجرة المعاينة، بالإضافة إلى تقاضي البعض أجرة فحوصات وهمية مأجورة رغم أن المؤسسة العامة السورية للتأمين تقوم بالسداد للأطباء كل بحسب اختصاصه، وبالحد الأعلى لتعرفة وزارة الصحة «حسب سنوات ممارسة المهنة»
معاينة مأجورة
التقت قاسيون إحدى الموظفات التي بدورها قالت: دخلت إحدى العيادات في مدينة السويداء حاملة بطاقة التأمين ظناً مني أن المعاينة مجانية، وما أن طرحت الفكرة مع طبيبي بعد أن فحصني حتى تفاجأت أن البطاقة لا تشمل فحص الإيكو، الأمر الذي اضطرني لدفع معاينة الإيكو، وهذه المرة الثانية التي أراجع فيها طبيباً مشتركاً في شركات التأمين ويطالب بأجرة المعاينة.
تابعت قاسيون الموضوع بسؤالها أحد الأطباء المسؤولين في شركات إدارة النفقات الطبية وأجاب: تتم معالجة شكاوى تعاطي أجور الخدمة والامتناع عن استقبال المريض المؤمن عليه باتصال الشركة مع مقدم الخدمة، والتحقق من مضمون الشكوى، ويتم الاكتفاء بداية بلفت النظر ومن ثم مراسلة الجهات الإدارية التي يتبع لها مقدم الخدمة «نقابات، هيئات» وإن تكررت تلك التجاوزات من قبل مقدم الخدمة، يتم إلغاء التعاقد معه وحذف اسمه من الشبكة الطبية المعتمدة، وهذا ما حصل مع بعض الأطباء.
توسيع شبكة التأمين
سألت قاسيون أحد المعنيين في المؤسسة العامة للتأمين: لماذا لا تقوم شركات التأمين بتوسيع شبكة الخدمة الصحية أسوة بغيرها في دول العالم لتشمل أفراد الأسرة؟ أجاب: أنه لا مانع لدى المؤسسة من توسيع شبكة الخدمة لكي تشمل الشخص وشريكه وأولاده، وأردف: بل لا مانع من إضافة أية تغطيات جديدة، ولكن المؤسسة هي جهة تنفيذية وتشميل كهذا يحتاج إلى قرار من الجهات الأعلى، وأن المؤسسة قدمت جميع الدراسات اللازمة لذلك، ولكن مشكلة التمويل تطرح نفسها عائقاً أمام هذا التشميل.
معاناة كبيرة لحاملي
بطاقة الضمان الصحي
أحد الأطباء المتعاملين مع بطاقة التأمين الصحي قال: إن الروتين ضمن أروقة الشركة السورية للتأمين، دفع الأطباء والصيادلة للعزوف عن التعاقد واعتذارهم عن تقديم خدماتهم العلاجية والطبية لحاملي بطاقات الضمان الصحي، بسبب التأخر في دفع استحقاقاتهم المالية وضياع وقتهم ووقت المريض من جراء عدم فتح الإنترنت لأخذ الموافقة، والنتيجة تشتت المرضى بين العيادات والصيدليات للبحث عن طبيب يعالج وصيدلاني يصرف الدواء.
يتمنى المستفيدون من هذه البطاقة وكذلك الأطباء أن تكون وزارة الصحة هي الجهة المتعاقد معها لتقديم الخدمات الصحية لحاملي هذه البطاقة، ولا سيما أنها تمتلك بنية تحتية كبيرة بدءاً من المشافي وانتهاءً بالمخابر، عدا عن ذلك فهناك ذهاب الأموال للخزينة العامة، بدلاً من شركات القطاع الخاص.