حرفيو دير الزور كحال مدينتهم!
إن حجم الدمار والتخريب والنهب الذي طال الممتلكات العامة والخاصة في دير الزور، كبير جداً، قياساً بإمكانات المحافظة، ويتراوح بين 80 و90% بخلاف ما يصرح به بعض الوزراء، وبعض المسؤولين الكبار والصغار، بأنه لا يتجاوز 5% للتعمية عمّا جرى.
إذا كان التخريب والتدمير قد طال الممتلكات العامة، لكن بقي العاملون في المعامل يتقاضون على الأقل جزءاً من رواتبهم، فإن حرفيي دير الزور، فقدوا منشآتهم التي يعتمدون عليها في حياتهم ومعيشتهم، هم وعمالهم، وباتوا بلا مأوى وبلا عمل، وتهجروا وتشردوا.
أرقام وحقائق
يبلغ عدد الحرفيين في دير الزور حوالي تسعة آلاف حرفي، وكل حرفي يعمل لديه في الحد الأدنى عاملان، وفي الأقصى تسعة عمال، وإذا اعتبرنا رقماً وسطياً 5 عمال، يكون عدد الحرفيين وعمالهم حوالي 45 ألفاً، وإذا كان كل واحدٍ منهم يعيل أسرة من 5 أفراد يكون عدد الذين يعيشون على العمل الحرفي حوالي 225 ألفاً، عند هذا يمكننا تصور حجم المأساة التي يعاني منها هؤلاء!
يبلغ عدد الجمعيات 12جمعية حرفية، وواحدة تعاونية إسمنتية في مدينة البوكمال
ونسبة الضرر في المنطقة الصناعية 85 % ونسبة السرقات فيها كاملة100%
ويبلغ العدد التقريبي للمحلات في المنطقة الصناعية 2500محلٍ، ومحلات الحرفيين ومنشاتهم داخل المدينة 1500 محل، والضرر أكثر من90 بالمائة
خلاصة القول كما بينها أحد الحرفيين: أصابت الحرفيين كارثة إنسانية اقتصادية، لن يعودوا إلى ما كانوا عليه إلاّ بعد 50 عام، وهي الفترة ذاتها التي استغرقت على الأقل الإنشاء من الأجداد إلى الآباء، إلاّ إذا تلقوا إعانات ودعماً وقروضاً ميسرة، وبحسب الأسعار الحالية للبناء والمعدات، تقدر الخسائر بمليارات الليرات السورية!
كما يوجد حرفيون في مدن: البوكمال والميادين وهجين والعشارة، وهناك منطقة صناعية للمواد الإسمنتية غرب المطار، مساحتها 1500 دونم، ومنطقة صناعية في البوكمال، وأخرى في الميادين، وبمساحات كبيرة نسبة الإنجاز فيها 80 بالمائة، ناهيك عن الحرفيين في المدينة الصناعية على طريق الحسكة.
وهناك آلاف من العاملين في مهن البناء، ممن يقومون بالعمل بمفردهم، وهؤلاء فقدوا عملهم ومصدر دخلهم وعيشهم.. باتوا مشردين مقهورين.
أهم الجمعيات الحرفية
هناك منشآت حرفية فيها معدات بمئات الملايين، مثل: محل حسين البنكي للخراطة الذي وفر على الدولة ملايين الليرات من خلال عمله في تصنيع قطع غيار للطائرات، أو للمنشآت النفطية بدل استيرادها من الخارج تكلفةً وزمناً، كما يقوم بتصنيع آلات حرفية دقيقة للصاغة وغيرهم، وهو خسارة اقتصادية وطنية كبيرة للبلد، وأمثاله آخرون. وكذلك الجمعية التعاونية الإسمنتية في البوكمال تقوم بتصنيع البلوك والقساطل والأعمدة الخرسانية، وهي من أهم التعاونيات في سورية وفيها حوالي 2000 عاملٍ، وعدد المكابس في المحافظة يفوق 5000 مكبس!
بلا تعويضات!
لم يعوض أي حرفي في دير الزور، ويسعى الاتحاد العام للحرفيين، جاهداً لتفعيل ما هو متوفر، واستعادة مقر الاتحاد في دير الزور، الذي هو بحوزة الدفاع الوطني، والمطالبة بتأمين جزءٍ من الكهرباء، وتشكيل لجان لحصر الخسائر والأضرار، لأن الحرفيين عافوا الجمل بما حمل، وقسم كبيرٌ منهم هاجر خارج المدينة، وخارج القطر. وخاصةً أن عموم الحرفيين يجهلون قوانين التأمينات، ولم يؤمنوا على محلاتهم، كما أن أغلب الحرفيين يشغل ثمانية عمال، ويسجل واحداً فقط في التأمينات الاجتماعية، وحتى المطاعم والفعاليات الأخرى على الشاكلة نفسها، باستثناء الجمعية الإسمنتية التي يجبر الحرفي فيها على تسجيل عاملٍ أو عاملين، وكلهم سجلوا عمالهم.
قاسيون تابعت أوضاع حرفي دير الزور المهجرين في المحافظات الأخرى والتقت بالبعض منهم، وهي تنقل حجم مأساتهم، وتقف إلى جانبهم في مطالبهم، حيث لا دخل آخر لهم، بعد أن فقدوا منشآتهم الحرفية ومنازلهم، وغالبيتهم باتوا بلا عملٍ، وبعضهم، وكما قال أحدهم:
تصور بعد أن كنت معلماً كبيراً، أصبحت أجيراً!
وأنهم يطالبون أن تقوم الدولة بتعويضهم عمّا خسروه، وأن توفر لهم محلات لعملهم وحرفهم، وأن تقدم لهم التسهيلات كافة من قروضٍ ميسرة لشراء الآلات والمواد اللازمة.. لعل وعسى أن يتمكنوا من العيش بكرامة، ويساهموا في إعادة إعمار الوطن!