التعديلات على قانون العمل (1)
بالرغم من الانتقادات الكثيرة التي طالت قانون العمل رقم 17 من أغلب الحقوقيين والنقابيين والمهتمين بشؤون العمال وحقوقهم، ومع أن نتائجه باتت واضحة وضوح الشمس على أرض الواقع، بسبب نتائجه الكارثية على الطبقة العاملة، إلا أن الحديث عن تعديل قانون العمل لن يكون جوهرياً على ما يبدو، ولن يتعدى عن كونه تعديلاً شكلياً، ربما لامتصاص موجة الانتقادات التي وجهت إليه، وبالتالي المحافظة على الوضع الحالي للطبقة العاملة، والإبقاء على سلطة رب العمل المطلقة، في تنظيم ظروف وشروط العمل.
مقترحات بعض النقابات
لقد تقدمت بعض النقابات بمقترحاتها لتعديل قانون العمل، التي جاءت خالية الدسم، لا تغير من وضع الطبقة العاملة، ولا تمس المشكلة الجوهرية في قانون العمل رقم 17، ولم يتم المطالبة بتطبيق نصوص الدستور المتعلقة بالعدالة الاجتماعية، وإقرار حق الإضراب للطبقة العاملة، وإلغاء مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في قوانين العمل، وإلغاء التسريح التعسفي الذي سرح من خلاله مئات الآلاف من العمال.
الإقرار بقانون التشاركية
الملفت للنظر أكثر هو: المطالبة من خلال المقترحات المقدمة بتعديل المادة 4 من القانون، والتي تنص على من هم المشمولون بأحكام قانون العمل، حيث تتطلب النقابات بتشميل العمال في المنشآت السياحية والخدمية العائدة ملكيتها للقطاع العام والمعدة للاستثمار بأحكام قانون العمل! أي: أن النقابات تقر بالأمر الواقع، وتساند توجهات الحكومة الاقتصادية في خصخصة القطاع العام، وبيعه، وطرد عماله منه لاحقاً، أو الانتقاء منهم وفقاً لمعايير الشريك الجديد، الذي سيغير عقود العمال من قانون لآخر كما جرى بعّمال الاتصالات، تحت مسمى قانون التشاركية، بدل أن تتخذ موقف الدفاع عن القطاع العام وعماله، وتقف ضد قانون التشاركية وتعمل على إلغائه.
تعديل صلاحيات اللجنة الوطنية للأجور
كما تطالب النقابات في اقتراحاتها، إضافة فقرة جديدة على المادة 70 بحيث تتولى اللجنة الوطنية لتحديد الأجور، مهمة تشميل العاملين في القطاع الخاص بالزيادات والمنح على الأجور التي تصدر بمراسيم، كما تحدد هذه اللجنة النسبة الخاصة للزيادات خلال مدة شهر من تاريخ صدور المرسوم، على أن تجتمع اللجنة بناء على طلب الاتحاد العام لنقابات العمال.
يجب المطالبة بإعادة النظر بطريقة تشكيل هذه اللجنة أساساً، وطريقة إصدار القرارات فيها، حيث يعتبر الاتحاد العام لنقابات العمال ممثل العمال الوحيد في اللجنة، التي تضم تسعة أعضاء آخرين، بينهم أربعة أعضاء لمنظمات أصحاب العمل، كما أن اللجنة تجتمع بناء على طلب غالبية الأعضاء وتتخذ قراراتها بالأغلبية، وهو ما يعني تحكم أصحاب العمل بعمل هذه اللجنة وبقرارتها إذا اجتمعت. فمن المفترض أن تشكل هذه اللجنة حسب طريقة التمثيل الثلاثي ممثل عن الحكومة وممثل عن منظمات أصحاب العمل وممثل عن العمال فقط، وتتخذ قراراتها بالتوافق وتجتمع بشكل دوري مرة كل ستة أشهر على الأقل.
نقل العامل
لقد جاء في التعديلات، اقتراح تعديل فقرة (أ) من المادة (51) والتي تنص على أنه (يجوز لصاحب العمل تكليف العامل بغير العمل المتفق عليه إذا كان لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً، ويعود تقدير الخلاف الجوهري للجنة تشكل من مديرية العمل المختصة، وعضوية مندوب من أصحاب المهنة والنقابة المختصة) ولكن من الأفضل والأنسب لمصلحة العامل، أن تشكل اللجنة من مندوب عن رب العمل، ومندوب عن اللجنة النقابية في المنشأة في حال وجودها، حيث يكون حل الخلاف داخل المنشأة وبطريقة ميسرة وسريعة، إلا في حال أصاب التغير عدداً كبيراً من العمال ففي هذه الحال ممكن تدخل النقابة المختصة، ولكن ماذا إذا انتهى الخلاف إلى إصدار قرار لصالح العامل، هل هناك مؤيدات لقرار هذه اللجنة أو سلطة لإجبار صاحب العمل للتنفيذ قرارتها؟
نقل مكان العمل
كما تطالب النقابات، إضافة تعويض شهري قدره 25% من الأجر الشهري في حال نقل مكان المنشأة إلى مكان أكثر من 50 كم عن مركز العمل الأصلي، واعتبار العقد منهياً إذا رفض العامل الانتقال إلى مركز العمل الجديد، وتصفى حقوقه وفقاً لأحكام هذا القانون باستثناء التعويض المنصوص عنه في المادة 65 من هذا القانون. لماذا لا يتم اعتبار عقده منهياً بناء على طلب العامل، وبمثابة استقالة فمن حق العامل الاختيار البقاء في العمل أو تركه، إذا لم يعد يناسبه مع المحافظة على حقوقه وتعويضاته.
تعديل المادة 61
لا يعتد باستقالة العامل إلا إذا كانت مسجلة وموثقة من قبل العامل حصراً لدى ديوان مديرية العمل المختصة، حيث أضيف إلى النص الأصلي كلمة (حصراً) وهي تعني منع صاحب العمل، أو من يمثله من إيداع استقالات مسبقة للعمال، ولكن حفاظاً على حقوق العامل وظروفه كان يجب إضافة عبارة (من قبل العامل أو وكيله القانوني حصراً) وهذا فيه تيسيرٌ أكثر على العمال.