ملاحظات على قانون التأمينات الاجتماعية
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

ملاحظات على قانون التأمينات الاجتماعية

صدر القانون رقم 28 لعام 2014 الذي تم بموجبه تعديل قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لعام 1959، وبالرغم من بعض الإيجابيات التي أتى بها هذا التعديل، إلا أنه بالمجمل لم يكن بالمستوى المطلوب ولم يخطُ خطوة إلى الأمام كما يفترض به، حيث انعكست من خلاله السياسات الاقتصادية للحكومة المحابية لأصحاب العمل، على حساب العمال_ وانتقصت من حقوقهم أكثر، وأفرغت قانون التأمينات من أهدافه وغاياته الأساس.

تعديل المادة 32 من القانون السابق
المشرع اعتبر العامل الذي تعرض للإصابة، وحصل على تعويض من دفعة واحدة، وتعرض لإصابة عمل جديدة مُثرياً بلا سبب، وطالبه برد التعويض حسب المادة 31 من القانون رقم 28 التي نصت على ما يلي:
تراعى في نسب التعويض القواعد الآتية، إذا كان المصاب قد سبق وأصيب بإصابة عمل:
ب_ إذا كان مجموع نسب العجز الناجم عن الإصابة الحالية والإصابات السابقة، يساوي 35 % أو أكثر، ويقدر المعاش على الوجه الآتي:
(إذا كان المصاب قد عوض عن إصابته السابقة تعويضاً من دفعة واحدة، يقدر معاشه على أساس مجموع نسب العجز الناجمة عن إصاباته جميعاً، ومتوسط الآجر المشترك عنه في السنة الأخيرة، التي سدد عنها الاشتراك والسابقة لتاريخ ثبوت العجز بالإصابة الأخيرة، أو مرور سنة على تاريخ وقوع الإصابة أيهما أسبق، ويسترد منه تعويض الدفعة الواحدة المصروف له عن الإصابات السابقة تقسيطاً وبمقدار 25 % من قيمة المعاش الممنوح له شهرياً وبدون فوائد)
كما نصت الفقرة 3 من المادة نفسها (على أنه إذا استحق المصاب معاش العجز، ونتيجة لإعادة فحصه، انخفضت نسبة عجزه وصرف له تعويض الدفعة الواحدة، ثم تقدم بانتكاسة أهلته لاستحقاق المعاش مجدداً عن الإصابة ذاتها، قدر معاشه عن نسبة العجز الجديدة على أساس الأجر الشهري المشترك عنه في السنة الأخيرة لتاريخ ثبوت العجز، ويسترد منه تعويض الدفعة الواحدة تقسيطاً بمقدار 25 % من المعاش الممنوح له شهرياً بدون فائدة.)
إذا كان تعويض الدفعة الواحدة صرف للعامل عن إصابته السابقة، ونتيجة لإصابته الجديدة، تفاقمت نسبة عجزه، حيث بات غير قادر على العمل، فعلى أي أساس يطالب برد التعويض الدفعة الواحدة؟!! وهل من المعقول أن يتم خصم ذلك التعويض من معاش العجز الجزئي، الذي يحسب أساساً على نسبة 75 % من المعاش، فماذا بقي من معاش العامل كي يستطيع أن يعيش فيه بكرامة؟؟
تشجيع على مخالفة القوانين
هذا وقد شجع المشرع أصحاب العمل، على عدم تسجيل عمالهم في التأمينات على أجورهم الفعلية، حيث أضاف عبارة (يحسب معاش العجز على أساس الأجر الشهري المشترك عنه ) وليس على أساس أجره وقت الإصابة كما كان معمولاً به في القانون السابق، بالإضافة إلى أن المشرع وضع سقفاً لمعاش العجز حيث نصت الفقرة 4 من المادة 31 على أنه لا يجوز أن يزيد المعاش الممنوح وفق أحكام هذه المادة عن معاش العجز الكامل، عكس ما كان معمولاً به سابقاً في القانون 92 حيث وضع حداً أدنى للمعاش فقط، بحيث يجب ألّا يقل المعاش عن معاش المصاب وقت وقوع الإصابة الأخيرة.
إثراء على حساب العامل!
المادة 26 من قانون التأمينات الاجتماعية، والتي حددت مقدار المعونة المالية المقدمة للعامل المصاب، إذا تعطل بشكل كامل عن أداء عمله، حيث تحسب على أساس 80 % من أجره اليومي المسدد عنه الاشتراك لمدة شهر واحد.. بشرط ألّا تقل المعونة اليومية عن الحد الأدنى المقرر للأجر اليومي، أو الفعلي للمصاب إن قل عن ذلك.
وحيث إن المشرع أوجب أن يتم الاشتراك عن الحد الأدنى المقرر قانوناً للأجر، في مهنة العامل، أو الحد الأدنى العام للأجور، وعلى هذا يبقى نص المادة 26 مخالفاً للقانون والنظام العام، باعتبار أن الأجر يجب ألّا يقل عن الحد الأدنى المقرر قانوناً، مما يوجب تعديل النص على هذا الأساس من جهة، ودفع المعونة اليومية على أساس الحد الأدنى للأجر، ولوكان الأجر الفعلي يقل عن ذلك، لأن المؤسسة لا تستوفي الاشتراك إلا على هذا الأساس، فليس لها أن تستوفي الاشتراك على أساس الحد الأدنى المقرر قانوناً ومن ثم تدفع المعونة على أساس الأجر الفعلي، إذا قل عن ذلك، لأنه يعتبر إثراءً من قبلها على حساب العامل، ويتناقض هذا مع غاية التأمينات الاجتماعية التي من المفترض أنها تحمي العامل، وتؤمن له حياة كريمة في حال تعرضه للخطر.