قوانين الاستثمار في سورية
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

قوانين الاستثمار في سورية

صدرت عدة قوانين للاستثمار في سورية بدءاً من القرار رقم (186) لعام 1985 والذي تضمن العديد من الامتيازات والمزايا للاستثمار في المجال السياحي، وقد تمتعت بموجبه الفنادق الدولية والمشروعات الترفيهية بالمزايا التالية: الإعفاء من الرسوم والضرائب على المستوردات كافة اللازمة لإنشاء المشروع كما أعفيت بشكل كامل من الأرباح لمدة سبع سنوات وأعفيت بنسبة 50 % من الأرباح عن المدة الباقية للعقد، كما قدمت العديد من التسهيلات لهذه المشاريع مثل السماح بفتح حسابات بالقطع الأجنبي لدى المصارف السورية وإعفاء من التقيد بالتعريفات التي تفرضها وزارة السياحة.

تسليم الزراعة للقطاع الخاص 

ثم صدر بعد ذلك المرسوم التشريعي رقم 10 لعام 1986 تدعيما لتنمية الزراعة ولإحداث شركات القطاع الزراعي المشترك حيث أنيطت بهذه الشركات مهمات استصلاح الأراضي الزراعية، والإسهام بتربية الثروة الحيوانية، وسمح بمقتضى أحكام هذا المرسوم إنشاء مشروعات زراعية مشتركة بمساهمة حكومية، واقتصرت مساهمة الدولة على تقديم الأراضي الصالحة للزراعة، وتقويم أسعارها على نحو منخفض، وقد تضمن المرسوم مزايا عديدة للمستثمرين المحليين والأجانب أهمها الإعفاء من الضرائب على الأرباح لمدة سبع سنوات، تبدأ من السنة الأولى التي يحقق فيها المشروع أرباحاً.

نقطة تحول فارقة 

مع كل مرسوم أو قرار جديد كانت تقدم فيه المزيد من التنازلات لقوى الرأسمال والمزيد من الإعفاءات، وكل ذلك بحجة التطوير والتنمية وزيادة الاستثمارات وتدريب اليد العاملة ولكن كل هذه الإيجابيات لم ير المواطن أي شيء منها، ولم تنعكس إيجاباً على الاقتصاد السوري، وبدلاً من العدول عن هذه السياسات والتوجه نحو الاعتماد على قطاع الدولة وتنميته، اتجهت الدولة السورية أكثر نحو القطاع الخاص، وكان قانون تشجيع الاستثمار رقم 10 لعام 1991 مؤشرا هاماً على تحول الحكومة السورية نحو قوننة اقتصاد السوق، وتمهيد الطريق أمام القطاع الخاص بشقيه المحلي والخارجي وقدمت لهم العديد من الحوافز والضمانات منها مثلاً: إعفاء المشاريع خلال السنوات الخمس الأولى من ضريبة الدخل وضرائب ريع العقارات، بالإضافة إلى منح أعفاء سنتين إذا تم اعتبار المشروع مهماً للاقتصاد الوطني عدا عن اعتبار فترة 3 سنوات فترة تأسيس يتم خلالها أعفاء المشروع من أية رسوم أو ضرائب.

كما تم أيضاً إعفاء المشاريع من أحكام قوانين العمل رقم 49 لعام 1962 المتعلق بالقطاع الصناعي، وأحكام قانون العمل رقم 137 لعام 1958 المتعلق بالقطاع الزراعي.

كما سمح للمرة الأولى للمستثمرين بتحويل أرباحهم ورأسمالهم إلى الخارج بالإضافة إلى السماح لمالك المشروع بالاحتفاظ بالقطع الأجنبي الناتج عن مشروعه،وقدرت الضريبة على المشاريع التي تطرح للاكتتاب العام ب 25 % متضمنة الرسوم الإدارية.

في عام 2000 صدر المرسوم التشريعي رقم (7) الذي عدل بموجبه القانون رقم (10) حيث سمح هذا القانون للمستثمر بتملك الأراضي والعقارات وتوسيعها واستثني من سقف الملكية المحدد في القوانين النافذة، كما منحت المشاريع المرخصة وفق القانون رقم (10) المزيد من الإعفاءات الضريبية، بعد انقضاء مدة اعفائها من الضرائب، وخفضت معدلات الضريبة على الأرباح التي تحققها الشركات المساهمة إلى 25 % شاملة كل الإضافات الأخرى.

خصخصة البنية التحتية

عادت الحكومة لتعدل القانون رقم (7) لعام 2000 في عام 2008 حيث صدر القانون رقم (8) لتشجيع الاستثمار، والذي حل محل القانون رقم (10) لعام 1991 وتعديلاته وذلك تلبية للاحتياجات الجديدة التي طرأت على الساحة الاقتصادية من متغيرات، حسب ما جاء من تبريرات حكومية.

ومن المزايا التي قدمت للمستثمرين هذه المرة بالإضافة إلى كل المزايا السابقة، فهي التوسع بالقطاعات التي تستفيد من مزايا قانون الاستثمار لتشمل مشاريع الزراعية والصناعية والبنية التحتية، مثل: النقل والاتصالات والبيئة والخدمات والكهرباء والنفط أو أية مشاريع أخرى، يقرر المجلس الأعلى تشميلها وهنا ترك المشرع الباب مفتوحاً للسلطة التنفيذية لطرح العديد من المشاريع للاستثمار، وفي المرسوم التشريعي رقم (51) لعام 2006 خفّضت معدلات ضريبة الدخل بحيث أصبحت أكبر شريحة ضريبية لشركات الأشخاص هي 28 % وأخضع الشركات المساهمة إلى معدل نسبي مقداره 14%، والمحدودة المسؤولية أخضعها لمعدل 22% 

ماذا بقي اليوم للخصخصة؟!

اليوم تتحدث الحكومة السورية عن إصدار قانون جديد للاستثمار يكمل قانون التشاركية سيء الصيت خلال 60 يوماً يلبي تطلعات المستثمرين ومتطلباتهم ويدفع بعجلة الاستثمار والتنمية، ويساعد على مكافحة البطالة، ويجلب رؤوس الأموال إلى سورية، ولكن هذا الوعود الوردية كان تتردد دائما عند إصدار كل قانون استثمار جديد، والواقع يؤكد أن معيشة السوريين في تدهور مستمر منذ تبني سياسات اقتصاد السوق، فعند كل قانون استثمار جديد يصدر تنخفض نسب النمو، ويزداد بؤس السوريين وفقرهم، وينخفض مستوى معيشتهم وترتفع معدلات البطالة، لا سيما أن القانون الجديد قد يسمح للمستثمر بجلب عمالة من الخارج.

فبعد هذه التنازلات كلها التي قدمت للمستثمرين خلال ثلاثين عاماً ماذا بقي للحكومة بعد لكي تقدمه لهم !!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
826