هموم العتالين.. من يحملها؟
غزل الماغوط غزل الماغوط

هموم العتالين.. من يحملها؟

منذ أيام مضت قدمت اللجنة النقابية لعمال العتالة في سوق الهال \ الزبلطاني، مذكرة إلى اتحاد عمال دمشق تلخص فيها أوضاع عمال هذه المهنة الشاقة، وما يلاقونه من ظلم ناجم عن تدني أجورهم، التي لا تفي بأبسط متطلباتهم المعيشية.

رفع الأجور والأتعاب

رفع الأجور كان المطلب الأول والأكثر إلحاحاً، وهو ما قوبل بالرفض تماماً من قبل أرباب العمل، رغم ما يلاقيه العمال من نفقات كبيرة تفرضها الأوضاع المعيشية الصعبة التي حولت أجور الطبقة العاملة السورية إلى أرقام هزيلة تتبخر في أول أيام الشهر، وقد أثار هذا المطلب حفيظة أرباب العمل تجاه العمال إلى حد أن أحدهم قام بطعن العامل بسكين في وجهه ما استدعى إسعافه على الفور، فهل يُعقل أن يصل الأمر برب العمل إلى الاعتداء العلني على العامل، وافتعال المشاكل، لصرف النظر عن رفع الأجور باعتباره حقاً لا يمكن التنازل عنه. 

نص الاتفاق

في العقد الموقع ما بين رئيس لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه في دمشق بالنيابة عن تجار وأصحاب المحال التجارية في سوق الهال، ورئيس اللجنة النقابية لعمال الخضار والفواكه في سوق الهال تم الاتفاق على تفاصيل أجور العمال بما يتناسب مع الوزن الفعلي للبضاعة بموجب «كرت قبان»، حيث حددت الأجور على النحو التالي: 

مبلغ 525 ليرة للطن الواحد تبريز السيارات الشاحنة.

مبلغ 640 ليرة للطن الواحد تستيف الشاحنات والرفع من الأرض إلى الشاحنة.

مبلغ 640 ليرة للطن الواحد تبريز بالنسبة للبرادات، والقاطرة والمقطورة، والصينية.

مبلغ 800 ليرة للطن الواحد تستيف بالنسبة للبرادات، والقاطرة والمقطورة، والصينية.

مبلغ 250 ليرة لتفقد الشاحنات المحملة بالبطيخ.. وبغض النظر عن هذه التفاصيل التي ترتبط بالمهنة ومزاوليها على نحو خاص، يمكن للقارئ العادي ملاحظة مدى انخفاض الأجور، حيث لا يتعدى تحميل شاحنة بطن كامل مبلغ دولار واحد وهو ما يتنافى مع المنطق الذي يفرضه غلاء المعيشة الكبير من جهة، وارتفاع مخاطر مهنة العتالة وما تخلفه من أمراض مزمنة وإصابات عمل متكررة من جهة أخرى.

حان الوقت

والجدير بالذكر أنه قد مضى على العقد أكثر من عام إذ وقع بتاريخ 17 \ 8 \ 2016، ما يعني أنه بات في الإمكان إعادة تحديد الأجور، عملا بالقانون رقم 17، الذي يحدد مدة العقد بعام كامل، وهي ضرورة ملحة مع انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية وتراجع قيمة الأجور مقارنة بالعام الفائت، وهو مطلب لا يحتمل التأجيل، إذ لا يخفى على أحد ما وصل إليه الوضع المعيشي للعمال اليوم، لكن لأرباب العمل على ما يبدو حسابات أخرى.

«فوق الموت..»

ما يسهم في تردي الوضع الاقتصادي لعامل العتالة أكثر فأكثر، هو افتقاره لأية من الحقوق الأساسية التي يفترض أن يحميها القانون، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: تأمين المواصلات المجانية للعامل من وإلى مكان العمل، وبالنسبة إلى عامل العتالة فإنه يأتي إلى عمله في الساعة الرابعة فجراً، ونظراً لعدم وجود باصات لنقل العمال كما يفترض، يضطر إلى الذهاب على نفقته الخاصة، مستخدماً سيارات الأجرة - حيث لا توجد سرافيس في مثل هذا الوقت المبكر - ما يضاعف التكاليف المترتبة على عاتقه «وكأن دخله يكفيه ويزيد حتى يبدده على التكاسي»

أما العمال القاطنون في ريف دمشق فيقومون بالتعاقد مع بعض السرافيس، لكن تأخرها المتكرر تسبب في استقالة نحو30% من العمال الذين لم يعد في وسعهم تحمل تبعات هذا التأخير.

وبالطبع أضف إلى مشكلة المواصلات خطورة مهنة العتالة، وافتقار العامل لأي شكل من أشكال التأمين على صحته على المدى القريب أو البعيد، رغم أن ما تسببه هذه المهنة من أمراض لا يكاد يخفى على أحد، لتكون حصيلتها في النهاية مردوداً منخفضاً لا يفي بأبسط متطلبات الحياة، وأمراضاً مزمنة تفتك بالعمود الفقري والعظام وتترك صاحبها شبه عاجز مع التقدم في العمر، فأين هي النقابة من حقوق عمالها؟ وهل تجد المذكرة آذانا صغبةً لدى المعنيين بالأمر؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
826