العمال والتسريح  التعسفي
سليم أحمد سليم أحمد

العمال والتسريح التعسفي

تعرض الكثير من العمال للتوقيف أو الاعتقال خلال هذه الأحداث وأغلب من أفرج عنهم ولم يثبت تورطهم بأية أعمال إرهابية تتم عادة تسريحهم من أعمالهم، سواء كانوا في القطاع العام أم الخاص، فقانون العمل وكذلك قانون العاملين الأساسي للدولة أجاز تسريح هؤلاء دون مبرر، فمصدر الرزق تحول إلى عقاب وأداة ضغط وابتزاز ضد العامل.

رب العمل قاض آخر
لقد استعملت المادة 137 من قانون العاملين الأساسي في الدولة وسيلة لتسريح العمال وطردهم من دون ذكر الأسباب وتعليلها. وكذلك تحول رب العمل في القطاع الخاص إلى قاضٍ، فالقانون أعطاه الحق في طرد العامل لمجرد توقيفه لدى السلطات العامة ولديه الحرية الكاملة في إعادته إلى عمله أو تسريحه, أليست القاعدة تنص على أن المواطن بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي مبرم، أم أن العامل في بلادنا مذنب حتى لو ثبتت براءته !؟
عندما يتم حرمان عامل من مصدر رزقه، بعد توقيفه لدى الأجهزة الأمنية كيف يمكن أن تكون ردة فعل هذا العامل في هذه الحالة ؟ وقد فقد عمله لسبب لا ذنب له فيه، وأصبح عاطلا عن العمل في هذه الظروف، والذي يعمل لا يستطيع إطعام أسرته فما حال الذي لا يعمل؟
توقيف العامل غياب غير مبرر !!
المؤسسات الحكومية تعتبر العامل بحكم المستقيل، وتصفي حقوقه التأمينية (مع أن تأمينات العامل تعتبر من حقه كاملة) لمجرد تغيبه عن العمل مدة 15 يوماً، مع أنها على علم بأنه موقوفٌ لدى الأجهزة الأمنية, ألا يعتبر توقيف الموظف غياباً قسرياً وبالتالي مبرراً ؟ أم أن العامل قد قصد تسليم نفسه بإرادته الحرة ليتغيب عن عمله!
لماذا لا يتم كف يد العامل عن العمل مؤقتاً حسب ما تنص عليه القوانين، ريثما يبت في أمره وتظهر نتائج التحقيق، ويحكم عليه بحكم قضائي مبرم , وقتها يمكن لإدارته أن تطرده من عمله بناء على قرار المحكمة المختصة، التي أصدرت الحكم, ولكن أن يتم طرد الموظفين لمجرد توقيفهم لدى الأجهزة الأمنية، فهذا ليس قانونياً وليس شرعياً، بل يفتح الباب للسؤال عن الغاية من هذه الأفعال التي تؤدي للاحتقان.؟
موظفو المناطق الساخنة
الموظفون في المناطق الساخنة قصة أخرى أيضاً حيث يتقصد طردهم من أعمالهم بمجرد التحاقهم بفروع مؤسساتهم في محافظات أخرى، لأسباب غير معروفة أبداً, عدا عن تعرض الكثير منهم لملاحقات أمنية, مع العلم أن مجلس الوزراء أصدر قراراً في 12 أذار من العام الحالي، بشأن معالجة أوضاع العاملين من محافظات دير الزور والرقة وإدلب، فضلاً عن تجديد عقودهم لا سيما الذين وضعوا أنفسهم تحت تصرف الوزارات والجهات التابعة لها، لكن يتم السير بعكس هذه التوجهات على ما يبدو؟
معاناة هؤلاء العمال وغيرهم من المواطنين يجب أن تنتهي، ويجب أن يُفعّل القانون والدستور، فمن غير المسموح به توقيف المواطن أو العامل لأشهر عديدة ثم إطلاق سراحه، وفضلاً عن ذلك يتم طرده من عمله أو يعتبر بحكم المستقيل بعد ذلك بحجة تغيبه عن العمل, فالعمل حق للعامل، وواجب على الدولة تأمينه، وليس منّة منها على مواطنيها، ومؤسسات الدولة ملك لفئات الشعب جميعها بكل أطيافه السياسية، والدستور نص على عدم السماح باستخدام الوظيفة العامة لأغراض سياسية، والعمال ليسوا مجرد ديكور نتذكرهم وقت الطبل والزمر والمسيرات، وننسى حقوقهم ونقطع لهم مصدر رزقهم متى أراد البعض ذلك!؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
817
آخر تعديل على السبت, 01 تموز/يوليو 2017 18:09