دفاعاً عن الإضراب.. دفاعاً عن الحقوق
غزل الماغوط غزل الماغوط

دفاعاً عن الإضراب.. دفاعاً عن الحقوق

لا يعد الإضراب العمالي جديداً أو دخيلاً على الطبقة العاملة السورية، بل على العكس تماماً، فهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنضال العمالي منذ تشكل الحركة النقابية والعمالية، حيث أثبت على امتداد السنوات أنه الوسيلة الأنجع والأكثر كفاءة من بين الوسائل الأخرى لتحصيل حقوق العمال، ويمكن القول: إن أي حق يتمتع به عمالنا اليوم لم يأت بصفته مكرمة من أرباب العمل وإنما كان نتيجة نضال جاد ومثمر.

حاضر دائماً
لم يغب الإضراب عن ذهن الطبقة العاملة السورية بل كان حاضراً دائماً باعتباره السلاح الأقوى بأيدي العمال لانتزاع حقوقهم، ويشهد تاريخ الطبقة العاملة على ذلك من خلال احتضانه لعشرات الإضرابات والتي تم فيها بعد نضال مرير من انتزاع الاعتراف ببعض المطالب الأساسية للعمال كتحديد ساعات العمل بثمانٍ فقط والاعتراف بالإضراب كحق دستوري كما جاء في أول قانون عمل سوري.
بين الدستور والقانون؟
رغم أن الأزمة الوطنية كانت عاملاً ضاغطاً في جعل الإضراب حقاً مكفولاً في الدستور السوري، إلّا أن قانون العقوبات السوري المعمول به اليوم والصادر منذ عام 1949 يعد الإضراب جنحة يعاقب عليها القانون، وفي ذلك مخالفة صريحة للدستور فلماذا لم يتم اتخاذ إجراءات لتعديل هذا القانون وتلافي التضارب الحاصل؟ ومع مرور خمس سنوات على إصدار الدستور ما تزال كثير من المطالب العمالية المنصوص عليها دستورياً غير مطبقة وفي طليعتها ربط الأسعار بالأجور ، وهو ما يعني اأنه ما يزال أمام النضال العمالي طريق طويل لابد من السير فيه قبل انتزاع هذه الحقوق التي منحها الدستور والاتفاقيات الدولية وسلبها رب العمل وكرستها القوانين المعمول بها.
تعددت المظلمات والسلاح واحد
تعددت أسباب الإضرابات في تاريخ الطبقة العاملة السورية وتلاقت جميعها عند نقطة استعادة الحقوق المشروعة للعمال بعد تطاول أرباب العمل عليها، ومن هذه الأسباب:
التأخر في دفع أجور العمال ومستحقاتهم وحرمانهم من الزيادات الدورية والتعويض المعاشي، والتسريح التعسفي للعمال وهو ما تزايد في الآونة الأخيرة بحجة خسارة المنشآت وعدم قدرتها على دفع أجور عمالها إلى جانب عدم تثبيت العمال وإبقائهم على العقود السنوية أو الموسمية أو المياومة رغم الوعود المستمرة بتحسين أوضاعهم، وحرمان العمال من الحوافز، وغياب إجراءات السلامة المهنية والتأمين الصحي للعمال، وعدم تسجيلهم في التأمينات الاجتماعية بالنسبة لعمال القطاع الخاص أو تسجيلهم بالحد الأدنى من الأجر ما يعني حرمانهم من الراتب التقاعدي.
الحقوق تؤخذ ولا تعطى
أقر قانون العمل السوري السابق بحق الإضراب بسبب تصاعد الحركة العمالية بالتزامن مع نمو الحركة الوطنية وتغير موازين القوى العالمية لصالح العمال وقتئذ، وهو ما يعني أن الإقرار به لم يكن منة من أرباب العمل والحكومات المتلاحقة وإنما نتيجة حتمية للنضال العمالي والوضع الدولي، وإن تجاهل حق الإضراب اليوم لا بل و اعتباره جنحة رغم مخالفة ذلك للدستور والاتفاقيات الدولية الموقعة، كل ذلك يعني أن أمام العمال مسيرة طويلة من النضال الطبقي لاستعادة هذا الحق وسائر الحقوق التي تملص منها أرباب العمل بعد أن كانت لزاماً عليهم، لذا لا عجب أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من الحراك العمالي الهادف إلى استعادة ما سلب من الحقوق.

معلومات إضافية

العدد رقم:
816