لا تغفلوا عن حقوقها
غزل الماغوط غزل الماغوط

لا تغفلوا عن حقوقها

لا يخلو ملتقى عمالي أو تقرير مهني من الإشادة بالمرأة العاملة السورية التي تحملت أعباءً إضافيةً في المجتمع، وعلى خطوط الإنتاج قبل الأزمة وخلالها، لكن ما تريده المرأة السورية العاملة اليوم، وخاصةً في المؤتمرات النقابية، ليست كلمات العرفان والتقدير التي وإن كانت صادقة، فهي لا تسمن ولا تغني، وإنما هي بأمس الحاجة إلى إجراءات فعلية، تستعيد فيها كامل حقوقها القانونية والنقابية كاملة بما يضمن لها كرامتها وسبل عيشها الكريم. 

 

المديح لا يرجع الحقوق

تلخص تقارير نقابات العمال، وضع المرأة العاملة في صفحة أو اثنتين، على أكثر تقدير، وبعيداً عن اللغة الإنشائية التي تمجد المرأة السورية، ما من إنجازات فعلية ترتقي بواقع النساء العاملات، إذ يقتصر الأمر كما تشير التقارير على عقد الاجتماعات، وإقامة الندوات وتكريم بعض العاملات أو أمهات الشهداء، لكن ذلك كله غير كافٍ، في ظل وجود قضايا مطلبية ملحة تناضل النساء في سبيلها بوصفها حقوقاً لا يمكن التنازل عنها، خاصةً في ظل السياسات الحكومية الاقتصادية التي أنهكت الطبقة العاملة وأفقرت عائلاتها. ولا يخفى على أحد ارتفاع نسبة العائلات السورية المعتمدة في معيشتها على عمل النساء، كونهن أصبحن ربات الأسر، ومعيلات الأولاد، بعد فقدان المعيل الأساسي، أو إضعاف قيمة أجره لدرجة العجز عن تأمين الحد الأدنى من الضرورات المعيشية.

الحضانة أولاً..

يقدر متوسط أجر العاملة السورية الخاضعة لأحد قانوني العمل بنحو 30 ألف ليرة سورية، تنفق منه (من رأس الكوم) مبلغاً كبيراً كتكاليف لحضانة أطفالها، فمعظم معامل القطاع العام والخاص لا توفر للعاملات مكاناً مناسباً تضمن فيه حضانة أطفالهن، رغم أن القوانين تنص صراحة على إلزام المعامل بتوفير رياض أطفال للعاملات لديهم،ويكفي أن نعلم أن أرخص حضانة أطفال في سورية وهي الحضانة التابعة للاتحاد النسائي تتقاضى ما قيمته 7000 ليرة شهرياً على الطفل الواحد متضمنة تكاليف المواصلات، فما بالك بدور الحضانة الأخرى؟ وبالأمهات اللاتي لديهن أكثر من طفل دون سن المدرسة؟

إلى جانب ذلك تحجم كثير من الأمهات عن إرسال أطفالهن إلى الرياض التابعة لقطاع الدولة، بسبب ما تتسم به من اكتظاظ كبير وإهمال غير مبرر، فيفضلن الرياض الخاصة إن استطعن إليها سبيلاً، فأقساطها مرتفعة ومعظم العاملات لا يقدرن على كلفتها التي تصل لنصف راتبهن أو يزيد. 

أشغال خطرة وأجور مخجلة!

رغم أن القانون رقم 17 لعام 2010  ينص صراحةً على أنه ينبغي على القطاع الخاص الذي يشغل أكثر من 100 عاملة لديه وما لا يقل عن 25 طفلاً، أن يقوم بتوفير دار حضانة  قريبة من مكان العمل، إلا أنه نادراً ما يتم الالتزام به، أضف إلى ذلك أن هذا القطاع كثيراً ما يطالب العاملات بساعات عمل إضافية تفوق طاقتهن، ففي حين يبخس أجورهن إلى أبعد حد، كما تتحمل العاملات مسؤولياتٍ ومهناَ شاقةَ يفترض أنها من اختصاص الرجل دون المرأة، لما لها من تأثيرات سلبية على جسدها مثل: الصناعات الكيميائية والمعدنية، أما الطامة الكبرى، فتتمثل بالظروف المجحفة والقاسية لعاملات القطاع الخاص غير المنظم، حيث يستولي أرباب العمل على حقوق العاملات عنوةً، وأولها، الأجور المتدنية، التي لا تتجاوز نصف ما يتقاضاه العامل الرجل، ناهيك عن عدم حصولها على أي من حقوق مثيلاتها في القطاع المنظم، كالإجازات مدفوعة الأجر، وإجازات الولادة والأمومة، وإجازات ساعات الرضاعة.....الخ.

للنقابات دورها

في غياب تشريعات تحمي حقوقها، ما تزال المرأة هي الحلقة الأضعف في سوق العمل الخاص، إذ يستغل رب العمل حاجتها الملحة إلى تأمين دخل مادي، يبعد عن أسرتها شبح العوز، إلى جانب ضعف قدرتها على حماية حقوقها، أو حتى جهلها بهذه الحقوق، وسبل المطالبة بها، مما يضع قضيتها على جدول الأعمال الملحة للتنظيم النقابي، المطالب بالتحرك الجدي باتجاهها للدفاع عن حقوقها، وحمايتها بالتوازي مع الضغط باتجاه تحصيل جميع الحقوق والمطالب الخاصة للمرأة العاملة جميعها، في القطاع العام والخاص المنظم!. 

معلومات إضافية

العدد رقم:
801