اللحام: (التشاركية) بوابة عبور..  للمستثمرين على حسابنا!

اللحام: (التشاركية) بوابة عبور.. للمستثمرين على حسابنا!

تنشر قاسيون مداخلة الرفيق عادل اللحام، عضو النقابة في مؤتمر نقابة عمال البناء والأخشاب، حيث وركزت المداخلة على مناقشة التقرير بشقيه التنظيمي والاقتصادي:

ذكر التقرير أن المكتب وضع خططاً إستراتيجيةً وبرامج من أجل النهوض بالعمل النقابي، فهل هذه موضوعة من أجل النقابة فقط, أم من أجل العمال؟ وهم المعنيون بها، ومن  يواجهون مشاكل وصعوبات حقيقةً. وقد أقر تقرير النقابة وجود كم هائل من المشاكل والصعوبات التي تواجه القطاع الإنشائي، وضرورة حلها وتجاوزها، وبالتالي هل هذه الخطط الموضوعة قادرة على تجاوز تلك العقبات والمشاكل دون إشراك العمال، أم هي موضوعة لتبقى حبيسة التقرير؟!

أين عمال القطاع الخاص؟!

التقرير أشار إلى أن النقابة عقدت العديد من الاجتماعات مع اللجان النقابية ولكن نحن في القطاع الخاص على سبيل المثال، عقدنا اجتماعين فقط: إحداها ثقافي والآخر قبل هذا المؤتمر خصص لشرح التعليمات الخاصة بمجريات المؤتمر، وبالتالي هذا قصور باتجاه القطاع الخاص الذي يجب أن نسعى لتطوير العلاقة معه، وتنسيب أكبر عدد ممكن من عماله للنقابة. والجميع يعلم  أن وزن القطاع الخاص وزن حقيقي، وعندما نتجاهله فإننا نخسر وزناً عاماَ يصب في مصلحة العمل النقابي. وخاصةً أن هناك شركات إنشائية كبيرة تضم بصفوفها مئات العمال وهؤلاء لا يجب استبعادهم. وينبغي أن نضع أمامنا التساؤل الضروري: كيف سنضمهم لصفوف النقابة؟ هل نمتلك كنقابة قاعدة بيانات تعرفنا بهم وبمواقع عملهم؟ وخطة لاستهدافهم؟ 

مع العلم أن أوضاعهم غاية في السوء، حيث لا قانون ينظم العمل بين العمال والشركات، ولا نعلم عن أوضاعهم: حقوقهم ومطالبهم إلا القليل.. 

تحدث التقرير أيضاً عن عدد معين من العمال المنتسبين من القطاع الخاص، والذين تم تنسيبهم خلال العام الماضي. وينبغي التنويه أن هؤلاء نُسّبوا، لأنهم بحاجة لشهادات مهنية، وبالتالي لم تربطهم بالنقابة روابط جدية، وهذا قصور حقيقي.

الأجور ثم الأجور..

أود أن أؤكد على ما جاء في كلمة رئيس النقابة عن ضرورة زيادة الأجور وفتح سقفها. فهل من المعقول أن نعين اليوم عمالاً على أجر 16175 ليرة أي على الحد الأدنى للأجور، الذي لا يكفي ليشتري العامل (سندويشة فلافل) يومياً! ولهذا يجب رفع الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع وسطي المعيشة حتى تستطيع الشركات أن تشد إليها العمال للعمل، خاصة و نحن نعلم الطبيعة الشاقة لهذا النوع من العمل، سواء بالطرق والجسور والمنشآت الكبرى وغيرها من الأعمال.

 وهذه قضية محورية ونضالية للطبقة العاملة ولا يجوز للتنظيم النقابي إغفالها نهائياً تحت أي اعتبار، ولا يمكن الحديث عن وجود نقابات دون النضال من أجل الأجور لأن «النهيبة بالبلد عم يزداد نهبهم» وغناهم وثرواتهم ونفوذهم، في حين الطبقة العاملة يزداد فقرها وجوعها وتشريدها وتهجيرها! وهنا السؤال: كيف سنغير معادلة الدخل الوطني التي تعطي 20% للأجور و80% للأرباح؟ وما هو دور النقابات في العمل على تعديلها؟ لأن تغيير توزيع الدخل، هو عمل وطني وسياسي وطبقي أيضاً لا يمكن تجاوزه تحت أي اعتبار كان.

التشاركية بدأت في القطاع فما موقفنا؟!

قدم التقرير الاقتصادي مجموعةً من المطالب المهمة جداً، مثل: تأمين اليد العاملة ومستلزمات الإنتاج وفتح جبهات عمل، ولكن هذه المطالب تحتاج لعمل كثير من النقابات للوصول إلى تحقيقها. وينبغي أن نتساءل: هل لدى الحكومة توجه حقيقي لتطوير واقع الشركات؟  خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، عقدت الحكومة اجتماعاً مع الفعاليات كافة التي لها علاقة بقطاع البناء، وخرج عنها مجموعة من التوصيات والتوجهات، والتي لا تؤدي  بجوهرها سوى إلى إضعاف هذا القطاع الإنشائي. فعلى سبيل المثال، تم الحديث عن إعادة هيكلة هذه الشركات، وتطبيقاً لتلك التوجهات جرى إنشاء شركة خاصة إنشائية برأس مال قدره 50 مليار وهي شراكة بين المؤسسة العامة للإسكان وبين مستثمرين «زبيدي وقلعي» وجزء من مشاريعها هو إعادة إعمار عدرا العمالية.

 أنا أعتقد أن قانون التشاركية هو بوابة العبور الحقيقية، للقضاء على قطاع الدولة بما فيها الإنشائية لأن هذا التوجه ليس جديداً بل منذ 2005 أيام «سيء الذكر» عبد الله الدردري، الذي كان على رأس الفريق الاقتصادي والذين عملوا على مبدأ (خلي القطاع العام يموت موتاً سريرياً)..

وماذا يعني ذلك؟ إنه يعني عدم إعطائه أية عوامل تساعده على النهوض من أجل أن يقوم بدوره الوطني الضروري، ويعني أن ننتظر الموارد من المستثمرين. وهذه الشركات الإنشائية التي يشارك بها رأس مال استثماري، لن تستطيع أن تقوم بدورها الاقتصادي- الاجتماعي بحرية، بل ستلتزم بمصلحة شركائها!

إن الموقف من قانون التشاركية ليس موقفاً لفظياً، بل موقف وطني بامتياز لأنّ استمرار السير والسماح بعبور تلك القوانين التدميرية يعني قطع الطريق على تحقيق نسب النمو المطلوبة للتنمية، والتي هي من حق أغلبية الفقراء المنتجين،  بينما النمو الذي سيتحقق مع وجود الشركاء، سيعود إلى جيوبهم. وعلينا أن نقف جميعنا كحركة نقابية وقوى وطنية بوجه هذا القانون وضده، وعدم أخذ موقف وسطي منه. بل المطلوب الإعلان عن موقف حقيقي وواضح من توجهات الحكومة وبرنامجها تجاه قطاع الدولة وحقوق العمال..

معركة إعادة الاعمار القادمة ستكون معركةً وطنيةً لابد من خوضها وهي: ستحدد ما هو الاقتصاد المطلوب لسورية القادمة نحن نريد اقتصاداً يعبر عن مصالح 90% من الشعب الفقير الذي عانى من الأزمة وذاق الويلات ولا زال يعاني تشرداً وجوعاً وقهراً وتهجيراً هذا موضوع خطير وسيادي أيضاً لا يمكن التنازل عنه..

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
799