لماذا لم يستطع العمال تحقيق الحد الأدنى من المطالب؟

لماذا لم يستطع العمال تحقيق الحد الأدنى من المطالب؟

القى الرفيق النقابي هاشم اليعقوبي مداخلة في مؤتمر عمال الغزل والنسيج جاء فيها: بداية لا بد أن نذكر أنفسنا بأهمية انعقاد مؤتمرنا هذا وفي هذه المرحلة بالذات، وتكمن هذه الأهمية في أمرين أساسيين ألا وهما :

 

 أولاً : أننا بدأنا نشهد خطوات جديةً باتجاه الحل السياسي للأزمة الوطنية الشاملة التي ألمت بنا،  هذا الحل الذي كان ومازال خيار الطبقة العاملة منذ اللحظة الأولى لتفجر الأزمة، كونه الحل الوحيد الذي سيحافظ على وحدة البلاد أرضاً وشعباً وهو الكفيل بفتح طريق التغيير الجذري الشامل، واجتثاث الإرهاب الدخيل على نسيجنا الوطني.

ثانياً : لقد توضح اليوم وبأكثر من أي يوم مضى، وبشكل جلي وواضح ضرورة القطع الكامل مع السياسات الاقتصادية الليبرالية التي تبنتها الحكومات المتلاحقة وعملت بها والتي لا يمكن وصفها إلا بأنها كارثية على الصعد كافة فهي من أضعفت اقتصادنا الوطني وأفقرت عمالنا في حين أتاحت لأصحاب الأرباح ورؤوس الأموال وللناهبين الكبار بأن يصولوا ويجولوا ويملؤوا بطونهم من ثروات البلاد وعرق العباد، فكان لزاماً علينا كطبقة عاملة وكتنظيم نقابي أن نقف في وجه هذا النهج  ونسقطه بالوسائل المشروعة كافة التي كفلها لنا القانون والدستور، وأن ننتزع حقنا ببناء اقتصاد وطني قوي وقادر، أساسه المصلحة الوطنية والسياسية والطبقية لسائر العمال والكادحين، ونحن قادرون عليه إن أردنا ذلك،وهذا حقنا ولا حق يعلوا عليه.

تفعيل القواعد وصياغة البرنامج

إن وحدة الحركة النقابية، وتعزيز استقلاليتها واسترجاع كامل دورها المناط بها، هي عناصر مرتبطة فيما بينها وانطلاقاً من حرصنا على تلك العناصر مجتمعةً، لا بد لنا من التوقف عند بعض النقاط وطرح بعض الأسئلة لعلنا نصل لاستنتاجات تضعنا على السكة الصحيحة؟ لماذا اليوم هذه حالنا كحركة نقابية؟ لماذا لم نستطع تحقيق الحد الأدنى من مطالبنا؟ تخيلوا بأننا لم نستطع طوال السنين الماضية أن ننتزع حقنا «بالبيضة وقنينة الحليب» أو أن نعدل مادةً من مواد قانون العمل ! انظروا كيف تحولت نقاباتنا لصناديق مساعدة اجتماعية وكيف بقينا ندور في حلقة مفرغة، فتكررت مطالبنا البسيطة من مؤتمر لآخر، ومن سنة لأخرى؟ دون أن نحقق منها ما يذكر، ألسنا أكبر منظمة شعبية؟ ألسنا نمثل كل من يعمل بأجر على امتداد الوطن؟ ألسنا من ينتج الثروة الوطنية؟ ما الذي حصل إذاً حتى خف وزننا وتراجع دورنا؟ متى سنجيب عن هذه الأسئلة وكيف سنجيب عنها؟ أما آن للحركة النقابية أن تقرأ الواقع كما هو؟ وتعيد صياغة برنامجها، وإصلاح بنيتها، وامتلاك قرارها، كي نستطيع الحفاظ على ما  تبقى في أيدينا من مكاسب وأن نسترجع ما تم سلبه منا من حقوق؟ إنه السؤال ذاته ما العمل؟

المعركة الكبرى .. 

حصة الأجور من الثروة!

إننا اليوم مطالبون بالإجابة عن هذه الأسئلة وبالإسراع بتشكيل رؤيتنا وصياغة برنامجنا الذي يوقف تراجعنا وهذا لن يتم دون نقاط عديدة أذكر منها: إطلاق الحريات السياسية والنقابية، والتخلص من كل أنواع  الوصاية والهيمنة على قرار المنظمة.

إصلاح بنيتنا التنظيمية بالتخلي عن مبدأ التعيين وتبني مبدأ الانتخابات الديمقراطية الحقيقية التي ينص عليها قانون التنظيم النقابي.

امتلاك أدوات الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة وعلى رأسها حق الإضراب الذي كفله الدستور السوري والذي لم يتبنه التنظيم النقابي حتى الآن.

وضع برنامج  عمل للمنظمة يتم إنتاجه من «تحت لفوق» وتشارك بوضعه  القواعد العمالية كافة بدل الاستمرار بمبدأ التعاميم من فوق كي نردم الهوة الكبيرة التي باتت تفصل رأس الهرم عن قاعدته.

الانطلاق من المصلحة الوطنية والديمقراطية للطبقة العاملة في المعارك كلها التي نخوضها مع خصومنا، وعلى رأسها حصة أصحاب الأجور من الدخل الوطني وفي كل المواقع فلا سبيل لتحقيق أي مطلب صغير إن لم نخض بالكبير.

الموارد موجودة والتغيرات ممكنة

سأنطلق من الواقع المعيشي للعمال، فهو الهم الأكبر، كونه على وشك الانهيار التام، وهذا طبيعي في ظل السياسات الحكومية الاقتصادية والنقدية المعادية والمفقرة للطبقة العاملة، فالهوة ما زالت تتسع، ما بين متوسط الأجور الحالي، الذي لا يتجاوز 35 ألف وبين تكاليف الضرورات المعيشية الأساسية لعائلة واحدة، مكونة من خمسة أفراد والتي بلغت مع بداية العام الحالي 297 ألفاً بزيادة عن السنة الماضية بلغت 67% فتكاليف الغذاء لوحدها ارتفعت بنسبة 99%  وذلك وفق الدراسة الدورية التي يجريها القسم الاقتصادي في جريدة قاسيون والتي أصبحت معتمدةً من قبل العديد من الجهات والمراكز الاقتصادية، لقد سألنا في مؤتمرنا الماضي من يوقف الحكومة؟ ويومها كانت حكومة الحلقي وطالبنا بمحاسبتها على سياسة التفريط بالثروات من جهة وعلى إفقارنا وحرماننا من الخدمات العامة من جهة ثانية، وذكرنا يومها بأنها ستمشي بعد فترة دون محاسبة وهذا الذي حصل تماما لتأتي الحكومة الجديدة أو هكذا اعتقد البعض (وطبل وزمر بأنها حكومة العمال والفقراء) وما هي إلا الوريث الشرعي لسلسلة الحكومات المتلاحقة من حكومة العطري دردري وحتى حكومة الحلقي فالسياسات الاقتصادية هي هي بل وأسوأ ولو تغيرت الشخوص أو تلون الخطاب ولا أظن بأن هذا يفوت أحداً بعد الآن، وعدنا لنسمع نفس (الكوانة) التي لا يملون من ذكرها (نحن في حرب يجب علينا شد الأحزمة ولا يوجد موارد ونخاف من التضخم إذا زدنا الأجور و...الخ مما تعرفون ) وأقول للحكومة: «على مين عم تضحكوا»؟ أبسط عامل بأصغر ورشة هالحكي ما بيقنعوا فمن منا لا يعرف من يتحكم بالسوق ومن يأكل البيضة والتقشيرة أليست القلة القليلة  من رؤوس الأموال الاحتكارية هي التي تفعل ذلك؟ أليس الفاسدون الكبار ينهبون على عينك يا تاجر؟ فالموارد  وإن كانت قليلة فهي موجودة  فمثلاً: عدوا معي هذه المليارات من الموارد 150 مليار أرباح شركتي  الخليوي سنوياً التي تنازلت الحكومة عنها للشركتين وهناك  250 مليار ليرة قيمة التهرب الجمركي سنوياً و200 مليار قيمة التهرب الضريبي سنوياً و أرباح المصارف الخاصة من عملية المضاربة بالدولار 45 مليار ليرة وهناك رقم آخر ضمن الموازنة العامة للسنة الحالية وهو 1870 مليار تحت بند الدعم الاجتماعي فلتجمع الحكومة هذه المليارات وتنفق منها بالاتجاه الصحيح و لتتفادى التضخم من خلال دعم سعر المازوت الذي سيحفض  السلع كافة وينشط الزراعة والصناعة وتدعم الأعلاف الحيوانية والبذار والغراس ويدعم سلةً غذائيةً متكاملةً لأصحاب الأجور. 

معلومات إضافية

العدد رقم:
799