كيف يدافع العامل عن حقه ؟
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

كيف يدافع العامل عن حقه ؟

دائماً ما يكون العامل الطرف الأضعف في علاقة العمل، حيث لا يمتلك  سوى  قوة عمله والتي يستغلها صاحب العمل مقابل أجر ،وعندما يقع الصدام أو الخلاف والتعارض بين مصالح العمال وصاحب العمل، لا يكون أمام العمال سوى استخدام الإضراب، كسلاح لتحقيق  مطالبهم ،والإضراب هنا يصبح وسيلةً لإعادة التوازن في علاقة غير متوازنة، بين من لا يملكون شيئاً مع الذين يسيطرون على كل شيء.

 

الإضراب

يُعرف الإضراب بأنه عمل احتجاجي سلمي لرفض الواقع القائم ودليل على وعي الطبقة العاملة لمصالحها وحقوقها وهو السلاح الأمثل للعمال في ظل الأنظمة الرأسمالية لمواجهة شراسة أصحاب العمل، التي تؤدي إلى ازدياد معدلات الفقر والبطالة، مما يهدّد الاستقرار والسلم الاجتماعيين .

الإضراب والقوانين الدولية 

يعتبر الإضراب من الحقوق الطبيعية، والمشروعة، للطبقة العاملة، والتي نصت أغلب القوانين والاتفاقيات الدولية عليها، كاتفاقية رقم 87 الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، عام 1948 حيث اعترفت الاتفاقية بمبدأ أساسي وهو: أن حرية التعبير والحرية النقابية، شرطان أساسيان لتحسين أوضاع العمال ولإقرار السلام واطراد التقدم ،وشددت الاتفاقية  ذاتها في المادة 11 على مبدأ حماية حق التنظيم النقابي واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، التي تمكن منظمات العمال من ممارسة حق التنظيم النقابي بكل حرية، كما منعت السلطات العامة من ممارسة أيّ تدخل يحدّ من هذه الحقوق أو يحول دون ممارستها.

 وقد تبنت  اللجنة الخاصة بحرية التجمع في منظمة العمل الدولية وفي اجتماعها الثاني عام 1952 دعوةً لتبني قوانين تسمح بالممارسة الفعالة للحقوق النقابية، بما في ذلك حق الإضراب بواسطة العمال.

 كما اعتبرت لجنة الخبراء التابعة لمنظمة العمل الدولية أيضاً أن حق الإضراب لا ينفصل عن الحق في حرية التجمع، واعتبرت أن الاتفاقية رقم 87 تبنت حق منظمات العمال، في الدفاع عن مصالح العمال، ولها الحق في أن تفاوض أصحاب العمل وأن تبدي رأيها في المسائل الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على مصالحهم وأن حق الإضراب حق لصيق بحق المنظمات العمالية في الدفاع عن مصالحها.

كما نص العهد الدولي، الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، على حق الإضراب صراحةً في المادة 8 منه حيث أصدر هذا العهد بالاستناد الى ميثاق الأمم المتحدة ووفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.  

الإضراب في القوانين الوطنية

وتعتبر منظمة العمل الدولية وتشريعاتها من المصادر الأولى التي تستمد قوانين العمل في العالم موادها منها، لما تحتويه من حقوق تعتبر الحد الأدنى لما يجب أن يتمتع به العمال من حقوق، حيث قانون العمل الكويتي والعماني والفرنسي التي اعتبرت الإضراب من حقوق الطبقة العاملة وذلك وفقاً للقوانين والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها تلك البلدان، كما اعترف لبنان بحق الإضراب لتوقيعه على معاهدات منظمة العمل الدولية، مع أنه لم ينص صراحةً عليه في قوانينه، وذهبت المحكمة الإدارية العليا في مصر في أحد قراراتها : (على أن الإضراب لم يعد منحةً بل صار من الحقوق الدستورية المكفولة لكل فئات العمال وفق للدستور عام 2012 وعام 2014 ومنح الدستور المشرع واجب تنظيمه واعتبرت سواء نشط المشرع أم لم ينشط لتنظيم هذا الحق فإن استعمال العمال لهذا الحق هو استعمال لحق ثابت دستورياً ولا يستوجب عقاباً ).ومصر من الدول التي اعترفت بحق الإضراب السلمي لعمالها ونصت عليه صراحةً في قانون العمل. 

الإضراب والنقابات

من جهة أخرى إن ظهور منظمات العمال، والنقابات جاء بعد ممارسة العمال لحق الإضراب حيث تعتبر تلك المنظمات جهاتٍ لحماية ومتابعة مكتسبات العمال التي اكتسبوها من خلال نضالهم وممارستهم  لحق الإضراب  فالإضراب هو عماد وجوهر أي تنظيم نقابي، وهناك العديد من الحالات التي استطاع العمال من خلال الإضراب انتزاع حقوقهم وإجبار أرباب العمل على النزول من برجهم العاجي ومفاوضة العمال.

أمثلة عن المكاسب الإضراب

من خلال الاضراب استطاع العمال الزراعيون قيادة أكبر إضراب عماليّ في سورية صيف 1956، أثناء بدء أعمال الحصاد، إذ شارك فيها 10 آلاف عامل زراعيّ في الجزيرة وامتد الإضراب إلى أرياف الرقة ودير الزور، وتوقفت الحصادات عن العمل بشكل كامل، كما حدثت إضرابات في إدلب وسلقين وحلب، وانتهت تلك الإضرابات ونضالات الخمسينيات بتحقيق مطالب العمال الزراعيين، واعتراف القانون بتنظيمهم النقابيّ، إذ نص قانون الإصلاح الزراعيّ رقم 134 وتعديلاته الصادر عام 1958 أيام الوحدة على حقهم في التنظيم النقابيّ واستطاع العمال الزراعيون تحقيق الكثير من المكاسب بفضل وجود نقابة، تمثلهم وتدافع عنهم.(قاسيون).

مصر وانتزاع الحقوق

 دخل ما يزيد عن الـ 1500 عامل في شركة كوفرتينا لصناعة الحلويات في إضراب مفتوح لأكثر من أسبوعين، للمطالبة بحقوقهم المالية، وبزيادة قيمة غلاء المعيشة من 200 إلى 300 جنيه مصري.وبعد إضرابهم هذا، استطاع العمال انتزاع مطالبهم كاملةً.(قاسيون).

اليوم، ومع بدء المؤتمرات النقابية، قدَم المكتب العمالي لحزب الإرادة الشعبية ورقة، طالب من خلالها بتعديل قانون العمل والنص صراحةً على حق الإضراب بشكل يتوافق والدستور الجديد الذي نص صراحة على هذا الحق، وتلكؤ السلطات التنفيذية في تعديل قانون العمل لا يحول دون ممارسة العمال لهذا الحق وخصوصا مع الحالة المزرية، التي وصلت إليها الطبقة العاملة نتيجة السياسات الليبرالية، للحكومات السورية المتعاقبة.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
796
آخر تعديل على السبت, 04 شباط/فبراير 2017 16:13