المؤتمرات النقابية ... الأُجور أولاً!
ستراهم يتوافدون إلى قاعة المؤتمرات ليعقدوا مؤتمرهم السنوي، حاملين على أكتافهم أعباء الحياة، لن تجد في جيوبهم تكاليف المعيشة أو نصفها أو ربعها حتى، سترى على وجوههم دلائل الاحتقان والغضب، فهل ستكون أوراقهم ومداخلاتهم كذلك؟ هل سيقولون للحكومة كفى؟ نريد اقتصاداً قوياً وعملاً كريماً وأجراً عادلاً، كم يتمنى العمال ذلك.
بدأت النقابات في إعداد تقاريرها للمؤتمرات السنوية القريبة القادمة، لتجد نفسها أمام عشرات القضايا المطلبية المكررة من مؤتمر لآخر ومن سنة لأخرى، دون أن تنجح في تحصيل أي شيء يذكر من حكومات متعاقبة، كثر عددها وقل خيرها، وما يدعو للسخط حقاً أن بعض تلك المطالب المزمنة قد مر عليها عقد أو عقدين من الزمن بل وتزيد، وتتنوع في جوانبها، بين حقوقية تشريعية وأخرى اقتصادية وإنتاجية ومطلبية، ناهيك عن عشرات المطالب الأخرى التي أنتجتها الأزمة من جهة، والسياسات الاقتصادية الحكومية المعاكسة لمصالح الطبقة العاملة والشرائح الكادحة بمجملها من جهة أخرى، فيما استجدت العديد من الأمور الأخرى خلال السنة الماضية، لا بد من التركيز عليها كونها على درجة كبيرة من الخطورة على واقع العمال وحقوقهم ووجودهم.
أول القضايا لقمة أولادنا
لا يختلف اثنان على أولوية المطالبة برفع الأجور بشكل حقيقي، بما يتناسب مع تكاليف المعيشة، وإن كان هذا المطلب ليس جديداً، إلا أنه أصبح أكثر إلحاحاً من ذي قبل، وتكاليف المعيشة الضرورية للأسرة السورية ارتفعت خلال العام الماضي بنسبة 67% فتكاليف الغذاء مثلاً، ارتفعت لأكثر من 99% دون أن تحرك الأجور ساكناً، وطبعا للحكومة مبرراتها المخادعة التي لم تعد تنطلي على أحد، فالموارد موجودة ولا تحتاج لمجاهر أو (تيلسكوبات) لاكتشافها، فالأرباح الخيالية المتنازل عنها لشركتي الاتصالات الخليوية، إضافة إلى مبالغ التهرب الضريبي والجمركي، تكفيان لرفع حقيقي للأجور بشكل غير مباشر أي زيادة عينية وليست نقدية، منعاً لزيادة التضخم، وذلك عن طريق منح سلة غذائية متكاملة مجانية أو مدعومة لكل أسرة معتمدة على أجر، وأيضاً بدعم مستحقات المحروقات والكهرباء والعديد من الأساليب الأخرى، ويفيد التذكير بضرورة الاطلاع على أهم أرقام الموازنة الحكومية للعام 2017 وخاصة الجوانب التي تهم الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي، وعلى رأسها المبالغ المرصودة للدعم الاجتماعي، والتي لا يعلم غير الله أين تذهب أو إن كانت تنفق حقا؟
لا تنسوا ...
التأمينات وحق الإضراب
إن كانت لقضية رفع الأجور أهميتها الأولى، فإن الكثير من القضايا الأخرى التي أنتجتها الحكومة خلال العام الماضي تكتسب أهمية خاصة، كالتهديد بإفلاس مؤسسة التأمينات الاجتماعية إن لم تتخذ جملة من الإجراءات العميقة والسريعة، فأموال العمال مهددة بالتبخر جراء الديون المتراكمة للتأمينات على الجهات العامة، وتحملها في الوقت ذاته لدفع مبالغ التعويض المعيشي للمتقاعدين من جيبها الخاص بدلاً الحكومة عبر وزارة المالية، فيما يشكل القرار الذي مفاده أن الحكومة لن تقوم بدفع رواتب العمال في الشركات المخسرة خلال العام الجاري تهديداً كبيراً لآلاف العمال في الشركات الإنشائية والإنتاجية، وكأنهم هم المسؤلون عن توقف الإنتاج وخسارة الشركات، لذلك لا بد للمؤتمرات من الوقوف في وجه هكذا قرار وأشباهه، لإجبار الحكومة على التراجع عنه نهائياً، على أن تنهض بالقطاعات المخسرة بدلاً من ذلك فهي قادرة عليه إن شاءت، أم أنها ستكتفي بالترويج لقانون التشاركية والعمل به نزولاً عند مصالح القلة القليلة من أصحاب رؤوس الأموال، الذين لم ولن يشبعوا؟، وتحتل المطالبة بحق الإضراب عن العمل الذي كفله الدستور السوري قائمة المطالب الحقوقية، كونه أهم أدوات الدفاع عن الحقوق والمكتسبات وهل نالت الحركة النقابية أهم مكاسبها إلا عبره؟.
منبر العمال ومؤتمرهم
أمام المؤتمرات ملفات كثيرة منها القديم المدور ومنها الجديد، منها ما هو مهم وكبير وأخرى أهم وأكبر، بعضها عام يهم الطبقة العاملة بأسرها وكذلك ما هو خاص يمس هذه النقابة أو تلك، وهناك الأخص المتعلق بقطاع أو منشأة أو معمل، وسنحرص من خلال الأعداد القادمة أن نستعرض ما أمكننا منها، وأن نتناول أهم القضايا والمطالب المفترض طرحها بالمؤتمرات سواء كانت مرتبطة بجوانب نقابية تنظيمية أو حقوقية تشريعية أو اقتصادية معيشية مطلبية، دون الفصل فيما بينهم لاستحالة ذلك كونها مرتبطة فيما بينها أشد الربط.
تستمد المؤتمرات النقابية أهميتها من كونها المنبر الأقرب للتجمعات العمالية والأكثر ملامسة لواقعهم وظروفهم، وتعتبر النقابات الضامن الأساس للحفاظ على وحدة الحركة النقابية وبنيتها التنظيمية، وهي قادرة على أن تكون الرافع الحقيقي لمجمل الحركة النقابية ووزنها إن توفرت لها العوامل الموضوعية لذلك، كتبني الانتخابات بدل التعيين بالقوائم المغلقة بالتوازي مع العمل بمبدأ سيادة المؤتمرات.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 793