في «إطار» الفساد
غزل الماغوط غزل الماغوط

في «إطار» الفساد

أكثر من خمس سنوات مضت والشركة العامة للإطارات في حماه «أفاميا» متوقفة تماماً عن العمل، وتتفاقم خسائرها يوما إثر يوم، مع العلم أنه جرى مرارا  الحديث عن إعادة الشركة إلى العمل تارة، وتوقيع عقد مع شركة صينية تارة أخرى.. فأين وصلت الوعود والعقود اليوم؟

مطالب متكررة

لم تتوقف الشركة لأسباب أمنية، فالمنطقة التي تقع فيها لم تكن ساحة لأي نوع من النزاعات المسلحة، لكن أداءها المتردي على امتداد سنوات، والناتج بالدرجة الأولى عن التقصير والفساد وعدم القدرة على المنافسة، هو الذي أوصلها إلى مرحلة الإفلاس وانتهى بها الأمر شركة خاسرة.

وكان مصطفى خليل رئيس اتحاد عمال حماة قد طالب في المجلس العام للاتحاد العام لنقابات العمل، والمنعقد منذ أيام بضرورة اتخاذ قرار حاسم وجاد للإقلاع بالشركة أسوة بشركة حديد حماة، لكن هذا المطلب المطروح منذ سنوات لم يلق آذاناً صاغية إذ لا تبدي الحكومة الحالية أو سابقاتها أية رغبة جدية في دعم قطاع الدولة وإنقاذه قبل فوات الأوان.

ويذكر أن اتحاد عمال حماة قد أشار في أحد اجتماعاته منذ ثلاث سنوات، إلى أن خسائر الشركة العامة للإطارات بلغت ما يزيد عن مليار ونصف ليرة بسبب توقف الشركة عن الإنتاج منذ الشهر الرابع عام 2011، ولك أن تتخيل حجم الخسائر المتراكمة حتى اليوم مع مضي أكثر من خمس سنوات على توقف الشركة.

الفساد في المقام الأول

(أبو حسن) واحد من عمال صالة الإنتاج في الشركة، مضى على تقاعده نحو ثلاث سنوات، يروي لنا ما كانت عليه حال الشركة وما قاد إلى إفلاسها، وفي مقدمتها كما يؤكد: توظيف عدد كبير من العمال مما يفوق حاجة الشركة بكثير وهم عمال «بالاسم» أي أنهم من ذوي الحظوة الذين يتقاضون أجوراً دون عمل، لمجرد أنهم مقربون لهذا المدير أو ذاك ، وقد وصل الفساد بالشركة إلى درجة أنَّ العاملين فيها «بين عمال فعليين وعمال اسميين» بلغ نحو 1500 عامل، رغم أن حاجة الشركة من العمال لا تتعدى 750 عاملا، وقاد هذا العدد الكبير من العمال المحسوبين عليها إلى إنفاقها مبالغ تفوق طاقتها، وإفلاسها مع الوقت.

مزايدات..

أما الحديث عن النهوض بالشركة، والعقود مع شركات صينية فهو كلام أكل عليه الدهر وشرب، حيث أكد بعض العمال أنهم يسمعون هذه الوعود منذ أكثر من 15 سنة، «وما طلع منها شي»! والأمر ذاته ينطبق على وعود اليوم، فكلها مزايدات غير قابلة للتطبيق، لأن المعمل بـأمس الحاجة إلى عمال جدد بعد أن تفرقت عمالته الخبيرة بين متقاعدين ومغتربين، وهذه العمالة بحاجة إلى تدريب في الصين أو جمهورية التشيك أو استقدام خبراء لتدريبها، طبعاً إلى جانب ضرورة توفير المواد الأولية وصيانة الآلات  القديمة، والأهم من ذلك كله اتباع خطط علمية مدروسة تجعل الشركة تقدم منتجاً منافساً وليس مجرد منتج متدني الجودة غير قادر على المنافسة، فهل تستفيق حكومتنا الغافية على انقاذ قطاع الدولة أم أنها استسلمت تماماً لفكرة خصخصة كل شيء تحت مسمى التشاركية؟

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
793