سياسة  فرق  تسد
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

سياسة فرق تسد

مع صدور قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 بدا واضحاً، أن التوجه الاقتصادي الجديد في البلاد، سيكون نحو الليبرالية الاقتصادية وقد بدأت تصدر عدة قوانين تصب في اتجاه تعديل البنية التشريعية والقانونية في البلاد، بشكل يمهد الطريق للنظام الاقتصادي الجديد، ويؤمن مصالح قوى رأس المال، ويحافظ لها على امتيازاتها .  

 

 قَسَمُ الطبقة العاملة          

من هذه التغيرات التي طالت البنية التشريعية في البلاد هو إلغاء قانون العمل لعام 59 وإصدار قانونين اثنين أحدهم يخص موظفي القطاع العام، وسمي بقانون العاملين الأساسي في الدولة والثاني قانون العمل رقم 17 ويخص العمال في القطاع الخاص، في بادرة هي الأولى من نوعها على مستوى الدول، فالهدف على ما يبدو كان من وراء هذا الفصل، هو قَسْمُ الطبقة العاملة ومنعها من النضال بشكل مشترك فلا يوجد أي مبرر لهذا الفصل فالعمال جميعاً سواء في القطاع العام، أو الخاص، يعملون في بلد واحد ويخضعون بالشكل العام إلى الشروط وظروف العمل ذاتها، وإلى مستوى معيشي واحد، ويخضعون لتنظيم  نقابي  واحد أيضاً، والأهم من ذلك عدوهم طبقي واحد أيضاً وهي: قوى السوق التي يسمح لها بعكس العمال، التكتل في تنظيمات  واحدة وشركات قابضة ومتضامنة، وهي التي تتحكم بلقمتهم جميعاً.

ومنذ وقت، أقدمت الحكومة  على استثناء عمال الإنشاءات العامة من تطبيق قانون العاملين الأساسي بالدولة عليهم وإخضاعهم و عمال المصارف إلى الأنظمة الداخلية لمؤسساتهم، على ما يبدو تكمل الحكومة اليوم ما بدأته الحكومات السابقة في تقسيم المقسم وشرذمة الطبقة العاملة، وصولاً للتحضير للمرحلة المقبلة من إعادة الإعمار، وتخصيص تلك المنشآت، وبيعها للقطاع الخاص مستفيدة من ظرف الحرب التي تسمح لها بتمرير ما يحلو لها من قوانين كان من الصعب عليها تمريرها في الفترات السابقة.

تجريد العمال 

من أي قانون يحميهم

حسب قانون التشاركية الجديد، الذي أقرته الحكومة، يتم إخضاع عمال المنشآت الحكومية التي يتولى استثمارها إلى نظام داخلي يضعه المستثمر هو، وبالتالي استثنائهم من قانون العاملين الأساسي بالدولة. نحن لا نختلف أن لكل مؤسسة أو قطاع خصوصية معينة، ولكن هذه الخصوصية تعالج في الأنظمة الداخلية، ولكن هذا لا يلغي العام المشترك بين العمال جميعهم وفي القطاعات جميعها.

وقد صدرت عدة تعاميم من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل سمحت للشركات الاستثمارية، حسب قانون استثمار رقم 10 استثناء عمالها من قوانين العمل، وإخضاعهم للأنظمة الداخلية للشركات وكانت الحجة تشجيع وجذب الاستثمارات للبلاد على حساب الطبقة العاملة  طبعاً ومصالحها فعلى أي قانون سيستند العامل عند رفع دعواه  وإلى أية جهة سيتقدم  بشكواه بالتأكيد سيكون الشارع هو البديل له  في حال المطالبة بأي حق والأنظمة الداخلية ستكون بمثابة عقود إذعان.

قانون العمل رقم 17 رغم كل سيئاته وما انتزعه من الطبقة  العاملة من حقوق لصالح أرباب العمل مازال غير كافٍ لأرباب العمل فهل نظام العبودية أو الرق هو النظام المفضل للشركات القابضة والاستثمارية، إذا كانت الاستثمارات لمصلحة البلاد والعباد كما تدعي دائماً الحكومات فكيف نعتبر تدمير  طبقة بكاملها من الحوافز الهامة  لجذب الاستثمارات ولمصلحة من ستبقى هذه الاستثمارات حينها؟

بدعة ما يسمى  بالأسواق الحرة

الأسواق الحرة، ذلك الابداع التي تم اختراعه، لكي تلتف الشركات على قوانين العمل الموجودة في البلاد، حيث تعتبر معفية من أية قوانين كقوانين الجمارك والضريبة والعمل أيضاً حيث لا تطبق قوانين العمل السورية الموجودة على المناطق الحرة، المقام فيها صناعات فالعمال في تلك المناطق لا يطبق عليها قانون العمل وهم يخضعون لأنظمتهم الداخلية، ولا يستطيعون المطالبة بأية حقوق وقد شرع في سورية إنشاء تلك المناطق، في قانون الأستثمار رقم 10 لعام  1991 وبدأت أغلب المعامل والشركات تنتقل إلى تلك الأسواق لتهرب من القوانين المحلية في خرق واضح لمبدأ السيادة الذي طالما استخدمته الحكومة في تبريرها لأعمالها وتصرفاتها.

أين النقابات من هذا كله ؟

إذا كانت الحكومة تميل لمصلحة أرباب العمل وتؤمن لهم بيئة عمل قانونية تناسبهم وتقدم لهم الطرق والأساليب كافة، للالتفاف على مطالب العمال فأين نقابات العمال من العمال في الأسواق والمناطق الحرة، ولماذا لا تعتبرهم من عمالها وواجب عليها الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم أليسوا في النهاية هم مواطنون وعمال سوريون؟!

ما هو موقف النقابات من تعدد القوانين، التي تخضع لها الطبقة العاملة، والذي يقسم مطالبها الأساسية بين عام وخاص؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
792
آخر تعديل على السبت, 07 كانون2/يناير 2017 17:54