مجلس الاتحاد العام.. توافق مع الحكومة وحقوق العمال أين؟
كما هي دائماً، وفق آلية عمل المجلس، يقدم أعضاؤه مداخلاتهم أمام الحكومة ليجري الرد عليها من قبل أعضائها الذين يقدمون تبريراتهم المعتادة في كل اجتماع.
محملين الأزمة تبعات ما هو حاصل لعموم فقراء الشعب السوري ومنهم العمال، بينما الحكومة كما تقول عن نفسها: أنها تمارس عملها بكل اقتدار وتقدم ما هو ممكن لديها من إمكانات وما على الشعب والطبقة العاملة سوى انتظار الفرج والاستمرار بشد الأحزمة أكثر تقديراً للظروف الصعبة، كما يصرح أركان الحكومة في كل مناسبة واجتماع للمجلس العام للنقابات أحد المنابر المهمة التي تعبر فيها الحكومة عن مواقفها وسياساتها بصراحة و «شفافية» بينما النقابات، ومن على منبرها المفترض أن يكون منصة ليقول العمال وممثليهم تلك المواقف التي يتألم منها العمال سواء في مكان عملهم الذي يعني إعادة تدوير عجلة الإنتاج من خلال ضخ الاستثمارات الحكومية الضرورية لإعادة المعامل إلى العمل بما يحقق تأمين إنتاج ما يحتاجه الشعب السوري من ضروريات تساعده على تحسين مستوى معيشته المتردية بسبب الأزمة وسبب السياسات الاقتصادية التي جعلت الثروة الوطنية مستباحة وتحقيق التراكم منها ليس عليه حرج بينما العمال والفقراء لا يحصلون على قوتهم اليومي إلا بشق الأنفس.
(تدهور قيمة الأجور)
لقد طرحت بالمجلس عدة عناوين من قبل أعضاء المجلس وأهمها: الوضع المعيشي الذي يعيش في كنفه العمال وهذا يعني كما طرح: أن يكون هناك زيادة لأجور العمال وهذا المطلب لم يؤيد بدراسة تبين المطارح التي يمكن الحصول منها على زيادة في الأجور توازي وسطي تكاليف المعيشة ولم تطرح من قبل أحد البدائل المساعدة للأجور مثل: أن يكون هناك سلة غذائية مدعومة، تعوض عن جزء من الأجور المتدهورة قيمتها باستمرار، مع الارتفاع اليومي بالأسعار، الذي تكون محصلته في جيوب السماسرة والمحتكرين لمجمل احتياجات العمال الضرورية.
لقد كان رد الحكومة، التي لم يعارضها أحد في ردها من أعضاء المجلس: أن زيادة الأجور تؤدي إلى التضخم، والتضخم يؤدي إلى رفع الأسعار ورفع الأسعار منعكساته على المستوى المعيشي ضارة. هذا الرد من حيث الشكل صحيح طالما بقيت الحكومة مراهنة على تجار الأزمة من أجل تأمين تلك الضروريات، مع استمرار ارتفاع الأسعار دون أن تزيد الحكومة أجور العمال، أين إذاً مكمن المشكلة؟.
المشكلة وحلها تكمن في اتجاهين مترابطين:
أن موقف النقابات متوافق مع موقف الحكومة من زيادة الأجور، وهذا يجعل الحكومة مطمئنة على موقفها ورفضها وتبريرها، لعدم رفع أجور العمال والتناقض في موقف النقابات مع الحكومة أنها تعتبر الحكومة رب عمل والمفترض الضغط على أرباب العمل من أجل تحسين مستوى معيشة العمال، والضغط له أشكاله المختلفة وفقاً لكل حالة من الحالات ابتداء بالتصريح وليس انتهاء بالإضراب وهذه أدوات حضارية ديمقراطية وسلمية ويؤيدها الدستور السوري ولا تتعارض مع قوانين العمل التي لم تنص على الإضراب ولم تمنعه في الوقت نفسه.
الحكومة تراهن على تجار الأزمة
إن النقابات تعلم جيداً بحكم تواجدها الكبير في مفاصل الحكومة والاقتصاد الوطني وخاصةً الصناعي وتعي المخاطر الحقيقية للسياسات الاقتصادية وأثارها الكارثية والتي حذر منها في مراحل سابقة عدد كبير من كوادر الحركة النقابية والعمالية وما زال الكثير يرى بها خطراً فعلياً على الاقتصاد الوطني وعلى مصالح وحقوق الطبقة العاملة بما فيها أجورهم، وأنها معيق أساسي لأية عملية نمو تؤمن التنمية المطلوبة للاقتصاد الوطني كي يحقق المتطلبات الأساسية للشعب السوري في التعليم والصحة والسكن والعمل، وغيرها من القضايا الهامة.
تبني السياسات الاقتصادية الليبرالية، حدد الوجهة الأساسية لطبيعة وشكل ومضمون الاقتصاد الوطني، وأي الطبقات التي ستستثمر به وتراكم من خلاله ثروتها التي تعاظمت بفعل تلك السياسات وخاصةً أثناء الأزمة مما جعلها المتحكم بالمنحى العام لتطور الاقتصاد وفقاً لمصالحها وعلى النقيض من مصالح الشعب السوري والطبقة العاملة وبهذا تكون تلك المطارح التي راكمت الثروات من منتوج عمل العمال وعموم الفقراء هي المطارح المفترض التوجه إليها من أجل زيادة أجور العمال من خلال فرض نظام ضريبي يحقق المطلوب وبأشكال أخرى يمكن انجازها بتغير موازين القوى التي من الممكن أن تفرضها الطبقة العاملة السورية دفاعاً عن مصالحها الوطنية.
نظام ضريبي
الموضوع الأخر الذي أثير في سياق المداخلات المطروحة قضية أموال العمال في التأمينات الاجتماعية التي تمكنت الحكومات المتعاقبة من الاستيلاء عليها مما جعل المؤسسة التي ترعى المعاشات التقاعدية للعمال تعيش تحت دائرة خطر الإفلاس حيث بدأت تسحب من الاحتياطي المقدر ب 40 مليار ليرة سورية كما جرى طرحه خاصةً بعد الزام التأمينات بدفع تعويض غلاء المعيشة الأمر الذي زاد من دائرة الخطر على الاحتياطي أكثر.
لقد طرحت بعض الحلول لهذا الواقع ولكن برأينا: يكمن الحل الأساسي بإعادة أموال العمال كاملة والبالغة 225 مليار ل س بالإضافة لضرورة تحصيل ما على الجهات العامة من أموال العمال لم تسدد للمؤسسة والبالغة 260 مليار ل س.
إنها مبالغ كبيرة لابد من تحصيلها من أجل رفع دائرة الخطر عن معاشات العمال التقاعدية التي هي «الحيله والفتيله» كما يقول المثل الشامي الشعبي.
إن اجتماعات المجلس العام تكتسب أهميتها من المواقف التي تعبر عن المصالح الجذرية للطبقة العاملة السورية السياسية والاقتصادية والديمقراطية النقابية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 790