بصراحة: من يمثل الطبقة العاملة في مجلس الشعب؟
الدستور السوري الجديد بما تضمنه من مواد جديدة، وخاصةً المادة الثامنة منه التي جعلت من التعددية السياسية أمراً واقعاً قانونيا على الاقل لا رجعة فيها إلى الوراء، سيفتح آفاق العمل السياسي والاجتماعي أمام القوى الحية في المجتمع التي لابد أن تطور قواها وإمكانياتها وخطابها ورؤيتها وفقاً لما جرى على الأرض من مستجدات دستورية،
وحراك شعبي يحمل مطالب سياسية واقتصادية متراكمة لعقود من الزمن وتحتاج إلى حلول حقيقية من المفترض أن تحملها تلك القوى المؤمنة بالتغيير الديمقراطي السلمي المستندة إلى الحركة الشعبية السلمية بمطالبها المشروعة التي سرقتها منها قوى السوق عبر تبني السياسات الاقتصادية الليبرالية المتحالفة اقتصادياً وسياسياً مع قوى الفساد الكبير داخل جهاز الدولة وخارجه مما أدى إلى مراكمة الحطب القابل للاشتعال، والذي كان أحد أسباب اشتعال الأزمة الوطنية التي نشهد فصولها وتعقيدات حلولها وتتطلب الضرورة الوطنية تأمين مخارج سورية آمنة لها الآن، خاصةً مع ما يجري من تدويل وتدخلات أجنبية وعربية على خط الأزمة، بينما حلولها السورية واضحة وجلية لكل عين وطنية بصيرة تريد الحفاظ على الوطن أرضا وشعباً موحدا ًغير منقوص السيادة.
إن انفتاح الأفق يعني حراكاً سياسياً للقوى والحركة الجماهيرية عالي المستوى باتجاه تثبيت ما جاء به الدستور الجديد من حريات عامة وحقوق اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية والتعبير والدفاع عنها من خلال إيصال ممثلين حقيقيين يحملون البرامج المعبرة عن الطبقات التي يمثلونها إلى مواقع صنع القرار ومنها مجلس الشعب القادم المفترض أن يكون مختلفاً عن سابقيه من حيث تكوينه وتعبيراته السياسية التي كانت متشابهه إلى حد ما بالرغم من وجود /51%/ من أعضائه عمال وفلاحين ومع هذا فقد تم إقرار العديد من القوانين التي لا تعبر عن مصالح العمال والفلاحين الذين يشكلون أغلبية الشعب السوري وأغلبية فقرائه وهنا يمكننا أن نشير إلى أبرز القوانين التي أضرت بالعمال والفلاحين وحولتهم إلى ما يشبه المتسولين في وطنهم وهو« قانون العمل رقم17، قانون العلاقات الزراعية » أضف إليها تبني ما يسمى باقتصاد السوق الاجتماعي، وصدرت هذه القوانين بمعرفة وموافقة وتبني ممثلي العمال والفلاحين المفترض أنهم الممثلون فعليا لهم ، ولكن التجربة التي مرّ بها المجلس تجعل العمال والفلاحين يعيدون النظر بطريقة تمثيلهم وبمن سيمثلهم ويدافع عن حقوقهم المشروعة وهنا يأتي دورهم الواعي في الاختيار الصحيح للبرنامج المطروح ومحاسبة الذي طرحه لاحقاً عن برنامجه وعن دوره الذي أداه في إيصال وإقرار حقوق العمال والفلاحين،وهنا يحضرنا سؤال: هل ممثلو العمال والفلاحين هم ممثلون عنهم أم عن أحزابهم في المجلس؟ التجربة تقول إن التصويت النهائي يكون حسب التوجيه الآتي من فوق على القوانين المفصلة والذي كان يحابي أصحاب رؤوس الأموال على حساب العمال والفلاحين وهذا يعكس إلى حد بعيد التركيب الطبقي لأعضاء المجلس من حيث تعبيرهم عن المصالح ا لمختلفة للطبقات وبالذات الطبقة العاملة التي عانت ما عانت من السياسات الاقتصادية الليبرالية في أجورها وحقوقها ومستوى معيشتها ومكان عملها الذي جرى تهديده مراراً وتكراراً من خلال مشاريع الخصخصة والتأجير والإيقاف عن العمل تحت مسمى إعادة الهيكلة للقطاع العام وفقاً لتوصيات و نصائح صندوق النقد الدولي التي كان نتيجتها إضعاف الدور الاقتصادي والرعائي والتنموي للدولة وإحلال القطاع الخاص محلها للقيام بمهامها الاقتصادية والاجتماعية والذي عجز عن القيام بها.
إن بداية انفتاح الأفق السياسي سيجعل الطبقة العاملة أكثر مقدرةً في اختيار ممثليها الفعليين والبرنامج الذي يعبر عن مصالحها في المرحلة القادمة التي ستشهد صراعاً طبقياً سلمياً متصاعداً يحتاج لأعلى درجات التنظيم والوحدة والاستقلالية والوضوح في المواقف والخطوات تجاه التلاقي مع حقوق الطبقة العاملة وطبعا الفلاحين معها والدفاع عنها في أن يكون هناك توزيع عادل للثروة وتامين الحقوق والحريات الديمقراطية وضرب مواقع الفساد الكبير وحق العمل وحمايته.
إلى الأمام أيها العمال لنأخذ دورنا الحقيقي في الدفاع عن حقوقنا ومصالحنا المشروعة مستخدمين وسائلنا السلمية التي كفلها لنا الدستور الجديد في انتخاب الممثلين الحقيقيين للعمال والفلاحين أيضاً.