12 عامل مسرّح.. مصابون بمرض (تاميكو)!...

 يقول المثل الشعبي (جاءت الحزينة تفرح فلم تجد لها مطرح ) وهذا ما حصل لهؤلاء العمال الاثني عشر الباحثين عن عمل في سوق العمل الواسع والذي يغص بآلاف الشباب وغير الشباب ، الباحثين عن حقوق لهم بهذا الوطن، حق العمل، حق النوم، حق الأكل، حق التنفس، وحق أن يعيشوا كريمين، وحق أن يكونوا أحراراً....الخ،

من سلسلة الحقوق التي ضمنها له الدستور وغير الدستور، ولكن تلك الحقوق التي يجري البحث عنها أيضا كما يقال بالسراج والفتيلة لأنها حقوق مغيبة وحقوق معطلة فالذي يتمكن من الحصول على واحدة منها فهو محظوظ لأنه وجد له موطئ قدم في هذا الوطن الذي تسرح فيه الغربان من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه حاصدة كل شيء حتى الهواء الذي يتنفسه الفقراء فهو هواء فاسد مسحوبة كل محتوياته المفيدة لصالح هذه الغربان.

ونحن العمال الفقراء يتهموننا بالحسد وضيق العين تجاه هؤلاء الغربان والعياذ بالله !!! وقضية هؤلاء العمال الاثني عشر الذين جرى تعينهم في الشركة العربية الطبية (تاميكو) لا تخرج عن هذا الإطار،فحين قبلوا في الشركة علت الابتسامات على وجوههم وأصبح لكل واحد منهم حلم يرسمه في مخيلته لعله يستطيع تحقيقه،إلى أن جاء من يقطع هذا الحلم وجاء من يمحوه من المخيلة والذاكرة حتى يبقى العامل بلا حلم وذاكرة،جاء ليقول لهؤلاء العمال انتم مخالفون للقوانين والأنظمة التي عينتم على أساسها. فهؤلاء العمال عينوا بدون كتاب ترشيح من مكتب الدور، والمدير العام السابق لتاميكو عينهم وفق صلاحياته التي منحها له قانون الإدارة بالأهداف والتعيين حصرا في خطوط الإنتاج، وهذا ما حصل، وبعد شهرين من التعيين أوقفت رواتبهم وبدأ العمال رحلة العذاب ... رحلة انقطاع الأجر لعدم استكمال الأوراق النظامية وبدأت المعاناة الحقيقية مع أجهزة بيروقراطية قد تعفنت في عقولها القوانين والمراسيم والأوامر الإدارية لدرجة أنها تضع كل ما هو ضروري لعرقلة تسوية أوضاع هؤلاء العمال، حيث جرى تسريحهم في المرة الأولى فتوجهوا الى رئيس اللجنة النقابية في الشركة وكان الرد منه (وكلوا أمركم لله واذهبوا وترجوا المدير العام لعل قلبه يحن عليكم ويعيدكم الى العمل) لكن هذا الموقف لم يقنع العمال فلجؤوا الى رئيس الاتحاد المهني لعمال النفط والكيماويات، فكانت استجابته سريعة لمطالب هؤلاء العمال المحقة، حيث جرت إعادتهم الى عملهم على أن تسوى أوضاعهم مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبدأت رحلة الكتب البغيضة بين الوزارات والمؤسسة ومكتب النقابة والاتحاد العام ورئاسة مجلس الوزراء لتنتهي إلى لاشيء، الى استمرار وضع هؤلاء العمال كما هو دون أن تُدفع لهم أجورهم وحتى حرموا من حقهم بالطبابة والمكافآت الإنتاجية والتشجيعية وهم لا زالوا على رأس عملهم بدون أجر وهذا مخالف لكل القوانين والأعراف التي تنص على دفع أجر العامل حتى أن المادة الأولى من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /1/ لعام 1985 عَّرفت الأجر بأنه المبلغ الشهري المقطوع الذي يستحقه العامل في مقابل أدائه العمل المحدد في صك تعيينه وفق أحكام هذا القانون، وكانت التعويضات تمنح للعامل في مقابل ظروف العمل أو مشقته ومخاطره ... وهذا النص الذي استند إليه رأي مجلس الدولة في كتابه تاريخ  1/10/2003 الذي شكل لجنة لدراسة وضع هؤلاء العمال عندما طلب منه إبداء الرأي بقضيتهم وحقهم بالعمل وحقهم بأخذ رواتبهم وتعويضاتهم،فكان الرأي النهائي كم جاء حرفيا: 

أقرت اللجنة المختصة بالأكثرية الرأي التالي: 

 أولاً: إن الأصل في التعيين لدى الجهات العامة عن غير طريق المسابقة أن يتم عن طريق مكاتب التشغيل لدى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مهما تكن الأسباب وفقا لإحداث   مكاتب التشغيل الصادر بهذا الخصوص. 

ثانياً: إن مضي مدة عام ويزيد على تعيين الإدارة المستفتية العمال المستفتى بشأنهم دون بطاقة ترشيح من مكاتب التشغيل لدى مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل من شأنه أن يكتسب المستفتى بشأنهم مركزا قانونيا معينا لا يجوز المساس به بحسب انهم لا يتحملون الخطأ الصادر عن الإدارات والجهات العامة التي قامت باستخدامهم متى كان هذا الخطأ قد أكسبهم حقا وعلى هذا فان من أحقية العمال المذكورين تقاضي رواتبهم وتعويضاتهم الموقوفة ماداموا يمارسون عملهم بشكل فعلي وذلك بخصوص هذه القضية.

ثالثاً: إبلاغ هذا الرأي الى الشركة الطبية العربية (تاميكو) أصولا. 

كان هذا رأي مجلس الدولة بخصوص هؤلاء العمال ولكن لم يستجب لهذا الرأي أحد باعتباره رأياً غير ملزم كما يقولون. وهناك العديد ممن يؤيدون هذا الرأي ويعتبرون ضرورة تطبيقه حقاً واجباً، فقد نشرت صحيفة «كفاح العمال الاشتراكي» في عددها المؤرخ الخميس 8/5/2003  في مقالة للسيد نزار عادلة تحت عنوان / في تاميكو أسئلة محزنة بلا جواب/ وبالرغم من كل التسويفات السابقة بحق العمال لم ييأس العمال من متابعة قضيتهم حيث كانوا يشكلون وفودا منهم تقوم بزيارة مكتب نقابة عمال الكيميائية للمطالبة بمساعدتهم فكانت استجابة رئيس مكتب النقابة بأن رفع دعوى قضائية على شركة تاميكو باسم المكتب ونيابة عن العمال من أجل تحصيل حقوقهم وتثبيتهم في عملهم الذي مضى وهم على رأسه أكثر من عامين. أيضا ضمن المحاولات التي قام بها العمال بأن قدموا كتابا الى السيد رئيس مجلس الوزراء السابق عارضين فيه مشكلتهم فجاء الرد التالي: تاريخ 4/6/2003

إلى وزارة الصناعة: «للمعالجة وفق القوانين النافذة وبيان المخالفات المرتكبة والإجراءات المتخذة». 

كما قام العمال بزيارة الى مكتب السيد رئيس الجمهورية مرتين شارحين من خلال مذكرتين أوضاعهم مطالبين إنصافهم والمساعدة في تسوية أوضاعهم ولكن الى الآن لم يجر الرد على الكتابين ولا المساعدة في تسوية أوضاع هؤلاء العمال وحقهم العادل في العمل رغم مضي أشهر على ذلك. وبالرغم من كل التدخلات سارعت الإدارة إلى تسريح العمال بتاريخ 12/10/2003 بدل أن تعمل على تصحيح أوضاعهم. وهنا يجب أن نذكر وباعتزاز دور التنظيم النقابي الذي سارع إلى تبني أوضاعهم ووضعها من جديد أمام الجهات الوصائية لإنصافهم.

هل تستجيب الجهات الوصائية وتعيد النظر بقرار التسريح وإعطائهم رواتبهم ومكافآتهم الإنتاجية التي لم يحصلوا عليها منذ أشهر وتثبيتهم في عملهم باعتبارهم وكلاء منذ أكثر من عامين.

 

إننا معهم مع عمالنا ننتظر.. فهل ستستجيب الجهات الوصائية أم....