ندوة نقابية حول «اقتصاد السوق الاجتماعي» آن للحركة النقابية أن تتصدى لمهامها وتقول كلمتها

تحت عنوان: اقتصاد السوق الاجتماعي وانعكاساته على الطبقة العاملة أقيمت ندوة عمالية بدعوة من المكتب العمالي التابع للجنة المنطقية في دمشق حضر الندوة عدد من عمال القطاع الخاص وقطاع الدولة بالإضافة إلى عدد من النقابيين.

تناول الحضور محاور الندوة بالنقاش بالإضافة إلى عدد من القضايا التي تهم العمال مباشرة.

قدم المكتب العمالي مداخلة أوضح فيها رؤية المكتب للمحاور التي طرحت، فاتحاً النقاش وداعياً إلى ضرورة تطويره وتعميقه للوصول إلى رؤى مشتركة تساهم في تعميق وتعزيز نضال الطبقة العاملة السورية حيث قال:

أيها الأصدقاء.. أيها الرفاق

المكتب العمالي للجنة المنطقية بدمشق يرحب بكم ويشكركم على حضوركم ومشاركتكم لنا، بإنجاح الندوة عبر الحوار والنقاش المفتوح لنتعلم سوية كيف ندافع عن مصالحنا المشتركة، مصالح وقضايا الطبقة العاملة السورية.

بداية لانريد أن نحدد موقفاً مسبقاً من اقتصاد السوق الاجتماعي ونستبق الأمور كي لانقع في مطب إما مع أو ضد، هذا السوق بالشكل المطلق، ولكن مانريد أن نقوله حول ذلك هو: أياً كان اقتصاد السوق الذي يطرح فهو اقتصاد يخضع فيه كل شيء للعرض والطلب، حتى قوة العمل، ونحن نحدد الموقف من خلال: هل هذا السوق سيحقق العدالة الاجتماعية ضمن آلياته وقوانينه و القوى التي تتبناه؟!

ونحن نعتقد حتى تتحقق تلك العدالة المنشودة تحتاج إلى جملة شروط حتى نستطيع القول أن هذا الاقتصاد يحققها، وفي المقدمة منها تصحيح المعادلة المختلة الآن وهي حصول الرأسمالييين بكل ألوانهم على 90% من الدخل الوطني وترك الفتات الـ 10% للطبقات الشعبية الفقيرة،ومنها الطبقة العاملة تحديداً حيث تخضع لعملية استغلال ونهب واسعة، وبأشكال مختلفة منها النهب المباشر من خلال تدني الأجور،وتدني مستوى المعيشة، وتدني مستويات التعليم، والصحة والخدمات والسكن.... إلخ، ومنها بشكل غير مباشر عبر آليات النهب المختلفة التي تمارسها قوى السوق والسوء من خلال الصفقات الكبيرة التي تتم، ومن خلال الامتيازات التي يحصل عليها اصحاب القرار بمختلف مواقعهم الاقتصادية والحكومية، ليس هذا فقط بل يحملون الطبقة العاملة مسؤولية ماوصل إليه الاقتصاد الوطني (أي خسارة الشركات والمعامل)، وبالتالي الحل المطروح من وجهة نظرهم هو التخلص من العمال الفائضين، والتخلص من الشركات والمعامل، طبعاً لم ينسوا أن حقوق هؤلاء العمال محفوظة بعد رميهم في الشارع، وتناسوا مسألة هامة وهي أنهم اصحاب القرار والمسؤولية في أي شركة أو معمل وليس العامل.

ويمكن أن نسأل: هل العامل هو الذي يصنع الخطط الإنتاجية؟ هل هو الذي بيده الإدارة؟ هل هو المسؤول عن الخطط التسويقية وجودة المنتج؟ هل هو المسؤول عن خطط الصيانة واستبدال الخطوط القديمة، هل هو المسؤول عن التدريب؟ هل هو المسؤول عن الصرفيات وإقرار الامتيازات من سيارات وبنزين وهدايا ومكافآت للمقربين؟ هل هو المسؤول عن لجان المشتريات والموافقة على العقود وشراء المواد الأولية وقطع التبديل وغيرها؟

إنهم يأخذون العامل ويرمونه عظماً (كما يقول المثل الشعبي). ولكن أيها الأخوة العمال ألا نستطيع أن نفضح آليات النهب والاستغلال التي نتعرض لها، وبالتالي نستطيع مقاومتها؟

نعم يمكن ذلك والخطوة الأولى بذلك"

1. أن نعي أهمية مقاومة النهب والاستغلال في كل معمل وشركة وتجمع.

2. أن نعي حقوقنا ومصالحنا ونتفق على أساس الدفاع عن هذه الحقوق والمصالح التي تفرضها الظروف وشروط العمل وقوانينه.

3. عندما نتفق على تلك الأسس التي اتفقت عليها الطبقة العاملة في كل أنحاء العالم وناضلت من أجلها، ودفعت التضحيات عرقاً ودماً ومنها الطبقة العاملة السورية نتحول إلى قوة كبيرة يحسب لها حساب، ومن هنا نستطيع أن نعدل كفة الميزان الراجحة الآن لصالح الرأسمالية،ونحصل على جزء من حقوقنا المسلوبة والمنهوبة في إطار علاقات الإنتاج الرأسمالية السائدة الآن.

أي أن نفرض توزيعاً عادلاً للدخل ينعكس على حياة العمال.

4. إن هذا يحتاج إلى منظمة كي يصبح نضالاً فعالاً وموحداً في كل ارجاء الوطن، وهذه المنظمة التي نسميها الحركة النقابية، قد تكونت منذ عقود بفعل نضال العمال و تضحياتهم، لابد لنا أن نحافظ على وحدتها وقوتها، وأن نجعلها مستقلة بقراراتها وتوجهاتها، إن هذا يحتاج منا أن نختار النقابي القادر على الدفاع عن مصالحنا وحقوقنا، وليس النقابي المفروض علينا، والهابط بمظلة أو النقابي الذي يعينه رب العمل.

إن الطبقة العاملة السورية في كل مواقعها في القطاع الخاص أو قطاع الدولة تتعرض لأشكال عديدة من الهجوم على مصالحها وسلبها حقوقها ومكتسباتها، وإضعاف تنظيمها النقابي وتحويله إلى مجرد أداة لتنفيذ سياسات الحكومة وأرباب العمل. إننا نريد الحركة النقابية منظمة كفاحية قوية معبرة عن المصالح الحقيقية للعمال جميعاً، وهذا لن يتم بالأساليب القديمة التي سارت عليها الحركة النقابية إنما بأساليب جديدة متطورة انطلاقاً من رؤية جديدة لموازين القوى ولطبيعة الصراع الجاري، والاصطفاف الجاري أيضاً سواء داخل الحكومة أو خارجها، ونحتاج إلى خطاب نقابي جديد نتوجه به إلى العمال لتعبئتهم وتحويلهم إلى قوة حقيقية متراصة الصفوف،ونحتاج إلى ممارسة جديدة تعيد الثقة بين الحركة النقابية والطبقة العاملة متجاوزة فيها الطرق القديمة التي تستجدي الحكومة وأرباب العمل من خلال المذكرات والكتب والاستجداء من هذا الوزير أو ذاك أو من رئاسة الوزراء، نحن نحتاج إلى حركة نقابية تكون ناطقاً حقيقياً باسم الطبقة العاملة في كل مواقعها، مستخدمة كل الأسلحة الممكنة للدفاع عن الاقتصاد الوطني ضد عملية النهب المركز الذي يتعرض له وتتعرض له الطبقة العاملة.

إن السلاح الضروري والمهم الذي يجب أن نثبته بالقانون هو حق الإضراب والتظاهر، حق إنشاء صناديق الدعم المختلفة التي تمكن الطبقة العاملة من أداء دورها الفعال في الدفاع عن مصالحها.

إن الطبقة العاملة بدأت بإرسال إشاراتها ورسائلها المختلفة فهل تستجيب الحركة النقابية لهذه الإشارات والرسائل أم تبقى بين بين؟!

أيها الأخوة العمال.. لنقل كلمتنا الصادقة، ونكون جريئين بالدفاع عن مصالحنا كما كانت الأجيال التي سبقتنا، لنكن متضامنين وموحدين هذا هو سلاحنا كي نعي ذاتنا وندافع عن مصالحنا كطبقة منتجة للخيرات المادية والذاهبة معظمها إلى جيوب الرأسماليين.

وأخيراً نشكر حضوركم وإصغائكم

وجاءت مداخلات العمال والنقابيين كما يلي:

- أديب عجمي: النقابات والطبقة العاملة أصبحا الآن مثل رأس بلا جسد، هناك خطأ أساسي ارتكبته الدولة من خلال دفعها لتبني النقابات للنقابية السياسية مما أدى إلى ظهور تناقض حقيقي بين مصالح العمال وهذا التوجه الذي تبنته النقابات وأدى أيضاً إلى تفشي الفساد حتى داخل أقسام من النقابات.

وتابع الرفيق أديب: لو كان للعمال حق التظاهر والإضراب والتعبير عن الرأي لكان وضع العمال الآن أفضل من حيث قدرتهم على تحصيل حقوقهم والدفاع عن مكاسبهم. القضية الأخرى التي أشار إليها النقابي أديب العجمي هي قضية الأرباح والخسائر في الشركات حيث قال: إن الإدارات هي المسؤولة عن خسائر الشركات أما الأرباح التي تتحقق فالعمال هم من يحققونها لذا العمال ليس لهم علاقة بالخسائر، الإدارة غير السليمة التي تجلب الخسائر بسبب العقود واللجان والمصاريف والبذخ غير المبرر.

- العاملة نور قالت: أريد أن أؤكد على ماقاله رفيقنا أن النقابات أصبحت الإدارات تسيرها كما تريد، وعندما نطالب النقابة بأي طلب يهمل ولايتحقق، حيث أصبح العديد من النقابات مع الإدارات ضد العمال، فالمكاسب التي تحققت بدأت تذهب، أضافت العاملة: حاولنا الاعتصام بالشركة ثلاث مرات، حيث كان ذلك له أهمية في توحيد العمال من أجل عطلة يوم السبت، نعم إن حق الإضراب والتظاهر للعمال سلاح هام يمكن أن يحقق بعض المكاسب للعمال.

وأشارت إلى أن هناك قضية أخرى هامة وهي أن الإدارات تقوم برشوة بعض النقابيين وخاصة في مجلس الإدارة لإسكاتهم وهذا مايحصل فعلاً.

- العامل سمير: معظم النقابيين غير منتخبين وخاصة في الهرم ومعينين من فوق فكيف نطلب من النقابيين أن يقوموا بمهامهم في توعية العمال من أجل مطالبهم. وقال أيضاً: برأيي أن المطلوب من الشيوعيين خاصة ضرورة العمل في الوسط العمالي وتوعية العمال من خلال الندوات وغيرها كي يتضامن العمال مع بعضهم.

- النقابي عبد الناصر: هناك بعض اللجان النقابية تحاول أن تعمل بشكل مناسب، ولكنها تواجه ممانعة من مكتب النقابة وتحدث ايضاً عن ضرورة انتخاب النقابيين من البداية إلى النهاية مباشرة من العمل.

- تحدث عامل من القطاع الخاص: عن هموم عمال القطاع الخاص ومعاناتهم حيث قال: هناك عضو نقابي يقوم بمساعدة رب العمل على إجبار العمال على توقيع استقالات مسبقة، ويتساءل: كيف لنا أن نثق بهذا النقابي، والمفترض أن يكون مع العمال يوحد كلمتهم وصفوفهم للدفاع عن حقوقهم، ويضيف العامل: عندما تقدم شكوى للنقابة من أجل زيادة أجورنا وحقوقنا المسلوبة من رب العمل تقوم النقابة بالمماطلة والتسويف ويضرب مثالاً على ذلك الزيادة الأخيرة التي مضى عليها 11 شهراً إلى الآن، ولم نحصل عليها وذلك من خلال سياسة التسويف التي تتبعها النقابة بالاتفاق مع رب العمل والسؤال الذي طرحه العامل هو سؤال استفساري: كيف سنحصل على الزيادة الآن؟ هل ستسمح لنا الحكومة بالإضراب لإجبار رب العمال على دفع الزيادة لنا، وهل سيؤثر هذا الإضراب على العمال من الناحية القانونية؟ أي هل القانون يحمي هؤلاء العمال من التسريح وخلافه طالما كان العمال موقعين على استقالات مسبقة؟ وختم حديثه أن أهم قضية هي وحدة العمال وهي التي ستوصلهم إلى حقوقهم.

- عادل ياسين عضو المكتب العمالي أكد على ماقاله العامل في القطاع الخاص حيث أشار إلى تجربة عمال معمل سلحب في حماة، حيث استطاعوا أن يسحبوا الثقة من اللجنة النقابية لعدم أهليتها وعدم قدرتها على الدفاع عن مصالحهم، حيث جرى انتخاب لجنة جديدة من العمال، إن سلوك العمال هذا قد أجبر القيادات الجالسة فقط على الكراسي أن ينزلوا إلى تحت حيث العمال، وأكد أيضاًُ على أن تضامن العمال مع بعضهم قضية أساسية ومهمة يجب التمسك بها ويجب تعميم التجارب التي تحدث هنا أو هناك لكي تتعزز ثقة العمال بأنفسهم.

- عامل آخر من القطاع الخاص قال: (يا أخي العامل ضعيف مهما وقف واستعد لظروف عديدة فهو يريد أن يأكل ويشرب هو وأولاده وأسرته، فهل ينتظر حتى هذا النقابي أو غيره أن يتحنن عليه لكي يزاد له معاشه أو أن يأخذ له حقه)؟!

أما بالنسبة لزيادة الأجور يقول: لماذا لاتقوم النقابة بجولة على المعامل لتعرف من أرباب العمال لماذا لم ينفذوا الزيادات، ولماذا النقابة تنتظر شكاوى العمال والذين يعانون بالوقت والجهد لإيصال شكواهم؟

وأضاف: كانت النقابة سابقاً تقوم بجولة على كل المعامل وتطلع على واقع العمال ومعرفة مطالبهم، هناك نقابيون جيدين وصفحتهم بيضاء، ولكن ضمن هذا الواقع لم يستطيعوا المتابعة وذلك من خلال محاربتهم المستمرة.

وأخيراً أشار العامل إلى ضرورة أن ينتخب النقابي مباشرة من العمال لا أن يفرض على العمال فرضاً، حتى أن هناك الكثير من العمال يعرفون من هو عضو اللجنة النقابية الموجود في معملهم، والسبب في ذلك لم يكن هناك انتخاب، حيث جرى تعيينهم من خارج المعمل.

رد أحد النقابيين على العامل موضحاً: بالنسبة للتجمعات العمالية هناك لجان قطاعية يتم تجميعها من أكثر من معمل ويتم انتخاب ممثلين عنهم.

- عامل آخر من القطاع المشترك ـ قال: هناك العديد من النقابيين والعمال لايعرفون ماهي حقوقهم وماهي واجباتهم وبالتالي عليكم كشيوعيين القيام بعدة مهام:

أولاً: القيام بتوعية العمال عبر الاجتماعات والندوات والنشرات على الأقل حتى يتعرف العامل على أهمية النقابة وأهمية أن ينتخب العضو النقابي المناضل المدافع عن حقوق العمال.

نحن الآن نشكو من العديد من المشاكل والهموم، ولكن بهذه الطريقة لايمكن أن نصل إلى شيء، قمنا بإضراب لحل مشكلة معينة، ولكن ماالذي نقدمه للمستقبل؟ لذلك يجب أن يكون لدينا تفكير للمستقبل.

- النقابي أبو أنس: إن شعار قلمك أخضر لأرباب العمال يعني تحرير الاقتصاد والتجارة، وإطلاق أيديهم، وهذا يعني أن ميزان القوى مختل لصالحهم، وبالتالي المطلوب من القوى السياسية العمل والنضال من أجل مصالح العمال. إن مصالح العمال الآن ليست مرتبطة بهذا الحزب أو ذاك بل بكل الناس الشرفاء الذين يهمهم الدفاع عن حقوق العمال.

وأضاف قائلاً: عندما أدافع عن القطاع العام فأنا أدافع عن لقمة عيشي وعن أسرتي واستمرارنا بالحياة بدل أن نبقى بالشوارع ونتعرض لأمراض اجتماعية معروفة، وعمال القطاع الخاص أيضاً يريدون الدفاع عن مواقع عملهم وعن آلاتهم لأن استمرار حياتهم وأسرهم مرتبط ببقاء تلك الآلات تدور.

إن التجارب التي تحدث عنها المداخل في معمل سلحب ومعمل الخيش وغيرها، تجارب مفيدة يجب أن نتعلم منها ونتعلم فن الرد المناسب في الوقت المناسب وأن الأمور لايمكن أن تحل خلال شهر أو شهرين، الآن كفة الميزان راجحة من خلال التشريعات والقوانين والأنظمة للرأسمال، ومطروح القطاع العام للخصخصة، ويجري الهجوم على مكتسبات الطبقة العاملة وحقوقها.

وأكد النقابي أبو أنس على أن العمال الموجودين في كل مواقع العمل يجب أن يتضامنوا ويتحدوا كي يقووا في مواجهة القوانين والأنظمة والتشريعات الداعمة لرأس المال وقواه الأساسية، بغض النظر عن الخلفيات السياسية وغيرها.

 

في نهاية الندوة أجاب الرفيق المداخل على التساؤلات التي طرحت مؤكداً على استمرار الحوار والنقاش بين العمال والنقابيين بمختلف توجهاتهم السياسية وعلى ضرورة الوصول إلى قواسم مشتركة وهي كثيرة من أجل مصالح الطبقة العاملة وحقوقها وبالنهاية من أجل الدفاع عن الوطن في مواجهة أعدائه الداخليين والخارجيين.