الأجر العالي هو الأجر الكافي
ما زالت تكاليف المعيشة ترتفع يوماً بعد يوم، في حين بقيت الأجور تراوح مكانها، ولكن المراقب لحركة الأجور في سوق العمل يلاحظ تبايناً واضحاً للأجور بين مهنة وأخرى وقطاع وآخر.
يبلغ متوسط الأجور حاليا 34 ألف ليرة سورية بالنسبة للعاملين في القطاعين العام والخاص، في حين يختلف هذا المؤشر في القطاع غير المنظم، وسيكون من الصعب جداً الوصول لأرقام دقيقة لحركة العمالة وأجورها في القطاع غير المنظم، ولكن يمكن التقاط الكثير من المؤشرات التي تدل بطريقة ما على واقع الأجور هناك، وعوامل ارتفاعها أو انخفاضها.
تقارب الأجور في القطاع العام
يوجد تفاوت في قيمة الأجور عند القطاع العام بين فئة وأخرى، ولكن تبقى نسبة هذا التفاوت قليلة لا تتعدى بضعة ألاف من الليرات شهرياً, فيما يرتفع ذلك الفارق بالأجور من قطاع لآخر ومن عمل لآخر إذا أضيف إليه طبيعة العمل أو العمل الإضافي والحوافز الإنتاجية، وكذلك سنوات الخدمة وعدد الترفيعات، ورغم ذلك تبقى الفوارق بين الأجور في القطاع العام ليست كبيرة لدرجة التأثير الكبير بالفوارق المعيشية، وخاصة في سنوات الأزمة التي أصبح أعلى أجر فيها غير قادر على تأمين أدنى حاجات الأسرة المعيشية، فالليرة فقدت وما زالت تفقد قيمتها الشرائية، والهوة ما بين الأجور والأرباح توسعت لأضعاف وما زالت تتوسع.
أجر مضاعف
وفي التأمينات سواء
يشبه الوضع في القطاع الخاص نظيره العام، من حيث قيمة الأجور والفوارق بين أجر وآخر، وتبقى لشريحة العمال الإداريين والفنيين فيه ميزة الأجور العالية، وعالية هنا المقصود بها بالنسبة لأجور عمال الإنتاج وليس بالنسبة لتكاليف المعيشة (التي لا يعلو عليها أجر)، لذلك لا يخلو معمل أو منشأة من عاملين أو ثلاثة ذوي أجور عالية تصل لضعفين أو ثلاثة أضعاف متوسط أجر العامل العادي, أي أنه لا يتجاوز 100 ألف ليرة وفق متوسط الأجر المقدر بـ 34 ألف ليرة, ويرجع ارتفاع أجور هؤلاء لخبرتهم الطويلة ومهنيتهم العالية، أو لتحملهم مسؤوليات إدارية ومالية.
فوارق كبيرة بين الأجور
يشهد القطاع الخاص غير المنظم تفاوتاً كبيراً وواضحاً بين الأجور، ويرتبط ذلك بعدة عوامل، أولها: معادلة العرض والطلب على العمالة في هذه المهنة أو تلك، وتختلف قيمة الأجور باختلاف المهنة وطبيعتها وشدة خطورتها وصعوبتها، كما توجد فوارق أخرى بين أجور العمال في المهنة الواحدة وحتى في خط الإنتاج الواحد، ومثال على ذلك: لو أخذنا أحد مشاغل الخراطة وتشكيل المعادن، للاحظنا بأن متوسط الأجور فيها أعلى من أي متوسط أجور في مهنة أخرى، حيث يصل لـ 55 ألف ليرة شهرياً، وفي مهنة الخياطة 45 ألف، كذلك هناك فوارق بين الأجور ضمن المشغل ذاته، فأجر عامل ( معلم البلص) يصل لحدود 200 ألف ليرة شهرياً، في حين يحصل عامل التلميع على 45 ألف شهرياً، والعاملة على نفس خط إنتاج التلميع 25 ألف.
الأجر العالي هو الأجر الكافي
لا يمكن الانطلاق والحديث عن الأجور إلا من أساس واحد وهو تكاليف المعيشة الحالية, لماذا؟ لأنه من المفترض أن يكون الدور الوظيفي للأجر هو تأمين كلفة المعيشة الضرورية للعائلة الواحدة, وعليه فإن أي أجر لا يؤدي وظيفته هو أجر غير كافٍ، حتى لو وضعت أمامه عشرة أصفار, ووفق الدراسة الفصلية والدورية التي تقوم بها جريدة قاسيون, فإن تكاليف المعيشة الضرورية لأسرة سورية مكونة من 5 أفراد قد وصلت لحدود 290 ألف ليرة مع نهاية الشهر التاسع, في حين لم يتجاوز متوسط الأجور حدود 34 ألف.