نقابات عمال دمشق تختتم مؤتمراتها.. ضماناتٌ تُسحب.. ومكتسباتٌ تُضرب.. وحكومةٌ تتهرّب!
شهدت المؤتمرات الأخيرة لنقابات عمال دمشق مداخلات جادة وجريئة، تضمنت أبرز المطالب العمالية العامة، وبرز فيها استياء عمالي ونقابي كبير من سياسات الحكومة الحالية التي ماتزال تتعامى عن الواقع المزري للطبقة العاملة، وتبذل بالمقابل أقصى ما بوسعها لإنهاء القطاع العام..
نقابة عمال الدولة والبلديات..
قدم رئيس مكتب النقابة مداخلة المكتب، تحدث من خلالها عن بعض هموم وأجاع العمال ومطالبهم المحقة، وعن دور القطاع العام وأهمية الدفاع عنه والحفاظ عليه حيث قال: إن المحافظة على القطاع العام والمكتسبات وتحديث الآليات لا يتم من خلال الأقوال والأمنيات والشعارات فقط، وإنما من خلال الإيمان بالإصلاح وتغيير مفاهيم العمل وأساليبه وتطويره بالمشاركة الجماعية والمؤسساتية عبر مشاركات حقيقية، وضمن استراتيجيات شاملة قي عصر أصبح طابعه تقنياً وفنياً، وطالب بتثبيت العمال المؤقتين، ومعاملة العمال المحالين من مكاتب التشغيل معاملة العمال الدائمين، وكذلك بقانون الضمان الصحي للعاملين والمتقاعدين.
النقابي عماد العبودي طالب بتشميل عمال مكاتب الدفن بتعويض طبيعة العمل كونهم يتعرضون للأخطار المختلفة، وطالب بتثبيت العمال المؤقتين والذين يشكلون نسبة 50% من العاملين..
وجاء في مداخلة اللجنة النقابية في محطة المعالجة في عدرا: إذا كان جوار المحطة يشكون من روائح المحطة والتلوث البيئي، فكيف بعمال المحطة الذين يعيشون وسط هذه البيئة الملوثة معرضين لكافة الأمراض، وهم محرومون من الوجبة الغذائية ومن الكمامات الواقية بحجة عدم وجود اعتمادات، وكذلك اللباس الذي تأخر عام على الأقل، بينما هناك ملايين تصرف بلا طائل؟؟ وطالبت المداخلة بتشميل عمال المحطة بالمهن الشاقة والخطرة، وذكرت أن رئيس اتحاد عمال دمشق قد وعد بذلك، وقال إنه لايوجد اثنان يختلفان على هذا، وأضافت المداخلة أن المدير العام قد أقدم على طرد اللجنة النقابية من مكتبه وتوجيه التوبيخات والشتائم التي لايمكن ذكرها في هذا المقام وذلك بسبب تقديمهم إليه كتاباً يشرح بعض ما يعانيه العمال وبعض مطالبهم، علماً أن هذا الكتاب موجه إلى السيد الوزير بناء على طلبه إثر زيارته للمحطة!!
ضابطة السكك الحديدية
افتتح رئيس مكتب النقابة المؤتمر بمداخلة جاء فيها: لايزال قطاع السكك الحديدية أقل استخداما في مجال الشحن والنقل والاتصال بين المدن، رغم أنه الأكثر أمانا والأرخص تكلفة..
وإن حالة السكك تعكس عمليا الواقع الاقتصادي وتطوراته التي لازالت ضعيفة إلى حد ما وأضاف: أما على مستوى العمل فنلاحظ النقص الواضح باليد العاملة في هذا القطاع، ولابد من تغطية هذا النقص للقيام بالخدمات المطلوبة لتحقيق الأمان لسير القطارات. وطالب بتشجيع الطلاب للانتساب إلى معهد الخطوط الحديدية، وجهات القطاع العام لنقل بضائعهم بالقطارات.
وأكد أن مكتب النقابة قام بكل ما يترتب عليه بشأن تثبيت العمال المؤقتين ومنح الوجبة الغذائية لمستحقيها وتطوير الحوافز والمكافآت والمشاركة في الجهود النقابية لطرح المطالب العامة للعاملين وخاصة زيادة الأجور وخفض الأسعار.
وجاء في مداخلة اللجنة النقابية الخامسة أنه حتى تاريخه لم يتم منح العاملين طبيعة العمل حسب القانون /50/ لعام 2004، وطالبت المداخلة بإعادة الوجبة الغذائية التي تم قطعها دون معرفة الأسباب، وضرورة إصدار نظام الضابطة للسكك الحديدية.
وطالبت مداخلة اللجنة النقابية الثالثة بتحسين مستوى المعيشة من خلال التوازن بين الأجور والأسعار...
عمال الصحة بلا صحة
أكدت معظم المداخلات في المؤتمر على الضمان الصحي وضرورة توفير مقومات نجاحه، وأوضح رئيس مكتب النقابة «نحن الذين نعمل في هذا القطاع ما زلنا نحرم من المعالجة الطبية المجانية»!! وطالب بمايلي:
- إدراج العاملين بالقطاع الصحي ضمن جدول أمراض المهن الخطرة.
- إن القانون /50/ جاء مجحفا بحق الكثير من العاملين بشكل عام وعمال القطاع الصحي بشكل خاص.
- ضرورة التوسع بالمشافي التخصصية في المحافظات.
- الإصرار على الوجبة الوقائية الداعمة.
- ضرورة ربط الأجور بالأسعار خاصة.
النقابي عبد الناصر عكام أكد في مداخلته على أهمية دور الحركة النقابية في مواجهة ما تقوم به الحكومة من خصخصة، حيث قال: لقد لعبت الحركة النقابية دورا مهما في إفشال موجات الخصخصة التي سعت إليها الحكومة من طرح شركات عدة للاستثمار، وهي لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستسعى بأشكال أخرى للخصخصة مثل: التشاركية وتطوير رؤوس أموال الشركات من خلال طرح أصولها للبيع كأسهم.....الخ، مما يوجب على القوى الوطنية والحركة النقابية التنبه لهذه المخططات ومواجهتها بحزم، وأكد أنه رغم التطمينات التي تقدمها الحكومة وكذلك قيادة الحركة النقابية بأن الأجور زادت 100% ما زال العمال غير قادرين على تأمين مايلزم من غذاء وكساء وطبابة وتعليم....الخ، وأضاف أنه على الحركة النقابية خلق الصلة القوية مع الطبقة العاملة وتعبئتها وتنظيم حركتها بالشكل الذي يؤمن فاعليتها في تحقيق مطالبها وحقوقها التي يجري الهجوم عليها بأشكال مختلفة قانونية وإجرائية، حتى لا تتسع المسافة بين الحركة النقابية والطبقة العاملة، وحتى لايترسخ الانطباع الخاطئ عند العمال بعدم جدوى النضال النقابي وعدم فاعليته في الدفاع عن مصالحهم وخاصة لدى عمال القطاع الخاص.
وطالب بحق الإضراب للطبقة العاملة لتحقيق حقوقها ومطالبها والذي أكدت عليه وثائق العمل العربية والدولية والموقعة عليه سورية.
النقابية سميرة علي تساءلت كيف للجهات المعنية أن ترصد في الموازنة العامة سنويا عقود الموسميين والعقود السنوية، ولا يمكن أن تضمها إلى كتلة الرواتب والأجور؟؟
اللجنة النقابية في الهيئة العامة لمشفى دمشق تساءلت: ما مصير القوانين الموجودة منذ عشرات السنين والتي لاتطبق، منها قانون البطالة المنصوص عنه في قانون التأمينات الاجتماعية؟
وطالبت مداخلة اللجنة النقابية في الهيئة العامة لمشفى دمشق بفرق الحسميات التي كانت تحسم على العاملين الخاضعين لنظام التأمين والمعاشات الذي كان 10%، وبعد توحيد النظامين في قانون التأمينات وتخفيضه لـ 7% بات هناك فارقاً 3%، هي من حق العمال ولابد من استردادها..
نقابة عمال الخدمات والسياحة
عتب رئيس مكتب النقابة في كلمته على وزير السياحة لعدم حضوره المؤتمر..
وجاء في مداخلته: «من واجبنا ومسؤولياتنا النقابية والعمالية أن نتمعن أكثر بما يقع على عاتقنا من مهمات في القطاع السياحي وتجاه عمالنا هذا القطاع الذي نما وينموبسرعة البرق، وهو الأقدم تاريخيا، والأكبر عددا، لنتمكن من تحفيز العاملين فيه للانتساب للمنظمة النقابية».
وأكد أن غالبية عاملي هذا القطاع لا يتمتعون بأي من الميزات والمكتسبات، فلا علاقات عمل منظمة وواضحة للعاملين، ولا كفالة من الدولة، ولا حفاظ على الحقوق، ولا منظومة صحية محددة ترعى العاملين، ولا عقود عمل واضحة وموثقة، ولا ضمانات ثابتة في المرض والشيخوخة والوفاة والصحة والسلامة المهنية، ويتعرض العاملون بهذا القطاع لاضطهاد واضح وهضم حقوق من عدد من أصحاب العمل، ويتعرضون للتعسف والتسريح، فنرى في هذا القطاع الاستقالات المسبقة وبراءات الذمة التي يلزم العاملون بتوقيعها قبل بداية العمل، وعقود العمل أقل ما يقال عنها إنها عقود إذعان مقابل فرصة عمل في سبيل لقمة العيش!!
وأضاف: يغيب عن ذهن الجميع من حكومة وأصحاب عمل ومستثمرين بأن أي تطوير أو تحديث لهذا القطاع لابد وأن يشمل العاملين فيه الذين تعتمد عليهم هذه المهنة قبل أي شيء، فدون العامل المؤهل والمدرب والمحافظ على حقوقه ورواتبه وتأميناته، لا يمكن لهذا القطاع أن ينمو ويواكب السياحة العالمية.. وتابع يقول : واليوم نرى وزارة العمل تتوجه لمراعاة مصالح أصحاب العمل والمستثمرين، ونرى السيدة الوزيرة المناط بوزارتها حماية العمل وحقوق العمال تتنادى يوميا لتلبية مصالح المستثمرين ومتطلباتهم، وتتناسى العمال..
وختم كلمته بالقول: نحن لا نطالب اليوم بتعديل القوانين بل بتطبيق وتنفيذ هذه القوانين وعدم عرقلتها بتعليمات تنفيذية، وكذلك نطالب وزارة العمل أن تلتزم هي ومديرياتها ودوائرها المختلفة بتنفيذ القوانين وعدم مخالفتها ليلتزم بعد ذلك أصحاب العمل..
وجاءت معظم المداخلات في المؤتمر متطابقة مع هذا الطرح مؤكدة على ضرورة زيادة الأجور والتسجيل في التأمينات برواتبهم الحقيقية..
■ متابعة: نبيل عكام