بصراحة دور أساسي للحركة النقابية في تعزيز الوحدة الوطنية
الحركة النقابية منذ نشوئها الأولي، أي منذ كانت لينة العود، ناضلت من أجل خلاصها من قانون الحرف العثماني الذي كان يجمع العامل والحرفي ورب العمل في نقابة واحدة، وبالتالي تضيع الحقوق، ويصبح الناظم للعلاقة بين رب العمل والعامل هو العرف، وما يرتئيه شيخ الكار، الذي هو رب عمل أيضاً في الفصل بين العامل ورب العمل حين نشوء خلاف حول حق ما، أو مطالبة بزيادة أجور أو تخفيض ساعات العمل التي تمتد من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس.
أي أن العمال ناضلوا من أجل استقلالهم في نقابات خاصة بهم، ترعى شؤونهم وتدافع عن مصالحهم، وتطور هذا النضال إلى أن استطاعوا إنشاء نقاباتهم الخاصة، وأصبح لهم اتحاد عمالي واحد يقود نضالاتهم الوطنية والطبقية، وقد أصبح هذا الاتحاد رمزاً لوحدة الطبقة العاملة السورية كلها، معبراً عن حقوقها، مدافعاً عن مصالحها ومكاسبها، مستخدماً كل أشكال النضال من أجل ذلك، بما فيها حق الإضراب الذي كان سلاحاً فعالاً بيد الحركة النقابية الموحدة على مطالبها، حيث خلقت من أجل ذلك كل الأشكال الضرورية التي تساعد العمال المضربين على الاستمرار بإضرابهم، مثل صناديق المساعدة، ولجان لقيادة الإضرابات، مما جعل الحركة النقابية المدعومة من الطبقة العاملة قوة هامة في طول البلاد وعرضها يحسب حسابها، ولا تستطيع أية قوة سياسية تجاهلها، بل راحت كل القوى، بما فيها القوى الرجعية، تحاول الوصول إلى الحركة النقابية للهيمنة عليها وتأطيرها بما يخدم برنامجها ونشاطها وخاصة بالانتخابات النيابية، ولكن القوى الحية والفاعلة في الحركة النقابية كانت تقطع الطريق على تلك المحاولات في الاحتواء والهيمنة، وتواجهها بموقف نقابي وعمالي صلب أساسه الموقف الطبقي المتمثل بالتناقض بين الرأسمال والعمل، هذا الموقف الذي تحاول كثير من القوى الآن طمسه وإظهار نقيضه، وهو أن العمال يمكن أن يكونوا شركاء للرأسمالية في العمل من خلال بيعهم أسهم الشركات، والمعامل، فيصبحوا مالكين، وبالتالي تتحقق الشراكة المنشودة لإثبات أن التناقض بين الرأسمال والعمل كما (يدعي) الشيوعيون ليس موجوداً، وأن ليس هناك صراع طبقي، وبالتالي مصلحة العمال في تلك الشراكة، وليس لهم مصلحة في النضال ضد الرأسمال الذي يقوم بأبشع عمليات الاستغلال لقوة العمل التي يبيعها العمال مقابل حفنة من الدراهم.
إن استحضارنا لما هو تاريخي في تطور دور الطبقة العاملة والحركة النقابية، ينبع من ضرورة تأكيدنا نحن وكل الشرفاء في هذا الوطن على الدور الخاص الذي لعبته، والذي لا بد أن تلعبه الحركة النقابية والطبقة العاملة في حياة البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وإن هذا الدور هو الأساس في تطور البلاد في مواجهة القوى المعادية الساعية لإخضاع البلاد والعباد لمصالحهم المتناقضة مع مصالح شعبنا، وإن المواجهة لتلك القوى والانتصار عليها لا يمكن أن يتم إلا بتعزيز الوحدة الوطنية، التي تشكل الحركة النقابية والطبقة العاملة عمادها الأساسي، وهذا الدور للحركة النقابية سيتعزز بتحقيق أوسع ديمقراطية للطبقة العاملة في اختيار ممثليها القادرين على قيادة نضالها في هذه الأوقات الصعبة التي تحتاج فيها إلى استقلالية قرارها وحركتها، لتبقى تمثل مصالح الطبقة العاملة السورية وطنياً ومعاشياً.