الأول من أيار 4 مليون عامل خارج التشريع والقانون والنقابات ولكن من يدفع الثمن؟!!
كما لا يجري الاحتفال بالأول من أيار في بلدان العالم كلها على نمط واحد وبوتيرة واحدة، حيث يحدد طابعها، في أي بلد، واقع العمال وعلاقات الإنتاج، وواقع التطور الاجتماعي و الاقتصادي وموقع العمال في نظام الإنتاج وطبيعة النظام الاجتماعي القائم... حيث أن لكل بلد خصائص تلقي بظلالها وتأثيرها على الطبقة العاملة ويمر عبرها الأول من أيار، كذلك في البلد الواحد.. يختلف الاحتفال من عامل إلى آخر.. من شريحة عمالية إلى شريحة أخرى..
احتفالات وخطابات
احتفالات رسمية تقيمها النقابات، كانت قبل سنوات في قلب العاصمة دمشق حيث تحتشد الملايين في مسيرات صاخبة هي الآن في إحدى مواقع شركات القطاع العام وفي هذا العام في مقر الشركة الخماسية المؤممة يؤكد العمال في القطاع العام ونقاباتهم على زيادة الإنتاج وتحسينه وحماية وسائله، دعماً للقاعدة المادية للاشتراكية، وتوفيراً لمقومات الصمود. تعميق وحدة الطبقة العاملة والحركة النقابة في سوريا ورفع المستوى المعيشي لجماهير العمل وتطوير نمط حياتهم، ورفع مستواهم الثقافي والسياسي والاجتماعي وتعميق وعيهم الطبقي، والتصدي لمظاهر البيروقراطية.
80 % من العمال خارج التشريع
عمال القطاع العام حيث تتكون منهم النقابات العمالية لا يزيد عددهم عن 800 ألف عامل، وفي الجانب الآخر شرائح عمالية خارج النقابات وخارج قوانين العمل والتأمينات والضمانات يزيد عددهم عن ثلاثة ملايين ونصف عامل.
ومنذ صدور قانون الاستثمار في سوريا عام 1990 توسع عمل القطاع الخاص وخصوصاً في الجانب الخدمي وكانت المطلب النقابي ولا يزال صدور قانون يتضمن تشريعات قانونية لحماية عمال القطاع الخاص أو الالتزام بقانون العمل 91 و تفسيراته رغم قدم هذا القانون وعدم مواكبته للواقع الحالي.
براءة ذمة بيضاء
لم يتخذ أي إجراء في هذا الصدد وبقي القطاع الخاص يتوسع في المجالات الخدمية والإنتاجية وغيرها كافة.
عمر الحلو رئيس الاتحاد المهني للغزل يقول:
ننظر إلى القطاع الخاص بأنه قطاع وطني هام في تعزيز اقتصادنا الوطني وفي تأمين فرص عمل واستيعاب جزء من البطالة للنشاط بين صفوف العمال في القطاع الخاص ولكن للأسف رغم اهتمام الحكومة بالقطاع الخاص وإعطائه التسهيلات والمرونة الكاملة من إعفاءات وغيرها بما يفيد مصلحة أصحاب العمل. إلا أن هناك صعوبات يعاني منها عمال القطاع الخاص ومنها:
1 ـ قسم كبير من أصحاب العمل يمنع تشغيل عامل لديه إلا بالتوقيع على استقالة مسبقة وبراءة ذمة بيضاء كي يستعملها صاحب العمل متى شاء.
الدوام أكثر من ثماني ساعات ويدعي صاحب العمل بأنه يعطي العامل عملاً إضافياً ولكنه ليس إضافياً.
أصحاب العمل يسجل 10% أو 20% من عمال في التأمينات وخاصة العمال الذين بطبيعة عملهم يتعرضون إلى مخاطر وإصابات عمل وللأسف أكثر من ذلك أن بعض الموظفين التابعين لمؤسسة التأمينات الاجتماعية وخاصة المراقبين في التأمينات حين جولتهم على المنشآت لتسجيل العمال في التأمينات يتم إعلام أصحاب العمل بالجولة وذلك لتهريب عمالهم أو إخفائهم. والأهم من ذلك حين لقاء التنظيم النقابي بالعامل ويعلم صاحب العمل بهذا اللقاء يقوم صاحب العمل بفصل هذا العامل بأسلوب ما لأن القسم الأكبر من أصحاب العمل لا يسمح بانتساب عماله للنقابة وأمام هذه المعاناة نقترح:
عقد نموذجي
السعي مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بإصدار صيغة عقد عمل نموذجي فردي لعمال القطاع الخاص يلزم صاحب العمل بعدم تشغيل أي عامل إلا بعد توقيع العقد وتوثيقه لدى مديرية الشؤون الاجتماعية بالمحافظة وموثق وموقع من قبل النقابة المختصة، لكي لا يبقى العقد مفتوحاً وللمحافظة على العامل. ويجب وضع ضوابط قانونية تضع حداً لتهريب أصحاب المنشأة للعمال من التسجيل في التأمينات وإلزام صاحب العمل بنص يلزمه بوضع نظام داخلي للمنشأة يستند إلى أحكام قانون العمل بحيث يتضمن في جملة ما يتضمنه تحديد الأجور وأوقات العمل والعطل الأسبوعية والأعياد وحقوق العمال في الترفيع الدوري والإجازات والتعويضات والدعاية الصحية وأن يكون هذا النظام موقعاً من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ويتابع الحلو قائلاً: أصبح هناك شعور لدى عمال القطاع الخاص بأنه لا توجد جهة مسؤولة عنهم.
كيف نعطي تسهيلات وإعفاءات لصاحب العمل وكيف نتجاهل حقوق العمال وهم أساس الإنتاج.
لا تشريعات
سميح العاصي رئيس نقابة الكيماويات يقول:
مع تقديرنا لجهود القطاع الخاص بالمشاركة في القطاع الإنتاجي واستيعابه لجزء من اليد العاملة إلا أن بعض أرباب العمل لا يقومون بتسجيل عمالهم في التأمينات ولا يسمحون للنقابات بالدخول إلى هذه المنشآت لتنسيب العمال للنقابة بل يقومون بتشغيل العمال لديهم 12 ساعة ويضغطون عليهم لكتابة استقالة مسبقة ومن هنا نؤكد على:
إصدار قانون عمل واحد للعاملين كافةً سواء في القطاع العام أو الخاص أو التعاوني والمشترك، لأن الإنسان من حقه أن يعيش ولديه فرصة عمل محترمة في أي مكان وظاهرة الهروب للعمل في القطاع العام بادية للعيان حيث الضمان الصحي ـ الإجازات ـ التأمين على الحياة ـ مزايا الألبسة...الخ.. وإصدار نظام داخلي نموذجي لشركات القطاع الخاص وعدم السماح للترخيص لأي منشأة إلا بعد توثيق عقود العمل في النقابة.
محمد فخري مندو رئيس نقابة البناء والأخشاب يقول:
لا توجد تشريعات ولا قوننة لعمال القطاع الخاص وخصوصاً في مهن البناء وعددها 62 مهنة، لا يخضعون لقانون ولا لأية حماية ولا أنظمة ورب العمل لا يؤدي الحد الأدنى من الالتزامات تجاه العمال.
خالد الخضر رئيس اتحاد البناء يقول:
أوضاع عمال القطاع الخاص مأساوية ولا بد من ضرورة توثيق العقود لدى مديريات الشؤون الاجتماعية والعمل ومؤسسة التأمينات والنقابات وعدم إعطاء أي ترخيص لأية منشأة صناعية إلا بعد تعهد رب العمل بتوثيق عقود العمال تحت طائلة إلغاء الترخيص.
وإصدار تشريع أو تعليمات من رئاسة مجلس الوزراء بالسماح للنقابات دخول معامل ومنشآت وورش تجمعات القطاع الخاص شأنهم بشأن موظفي مديرية الشؤون الاجتماعية ومديرية التأمينات.
تسوية ميدانية للعقود
وتشكيل لجنة ثلاثية برئاسة رئيس النقابة وعضوية مندوب عن التأمينات وعن الشؤون الاجتماعية مهمتها إجراء تسوية ميدانية لعقود العمال وتوثيقها مع مراعاة المدة الفعلية لخدمة العامل لدى رب العمل. وإصدار أنظمة داخلية نموذجية لشركات القطاع الخاص تضمن حقوق العاملين. وعقد عمل فردي نموذجي يحفظ حق العاملين في القطاع الخاص من خلال القانون والتشريعات.
ابراهيم عبيدو رئيس اتحاد الغذائية والسياحة يقول:
ـ لا بد من تطبيق أحكام قانون العمل والتأمينات على العمال واستثناء القطاع الخاص السياحي من قانون وزارة العمل المعمول به من تاريخ 2001 والخاص بالالتزام بمكاتب الدور لتشغيلهم في المنشآت السياحية المصنفة في فئات دون خمس نجوم.
ورعاية مصالح العمال في القطاع السياحي الخاص وإيجاد آلية لتعزيز آلية لتعزيز صلتهم بالنقابة ووضع أسس وضوابط ملزمة لأرباب العمل، والتأكيد على العمل بالنظام الداخلي الموحد الموضوع للمنشآت السياحية، وإيجاد صيغة إلزامية لأصحاب العمل في القطاع السياحي للعمل بموجب أحكامه حفاظاً لحقوق العمل.
العمالة الهامشية
هناك عمالة أخرى في قطاعات هامشية، وغير منظمة، ويكفي أن نشير أن بعض الدراسات تقول أن قطاع الصناعة وحده يضم 153 ألف منشأة بين حرفية صغيرة وورشة والمسجل رسمياً 25 ألف منشأة والباقي غير قانوني وهذا يعني أن مئات الألوف من العمال لا يتمتعون بأي حق قانوني، وهذا مؤشر له دلالاته وانعكاساته ليس على العمال فقط وإنما على الاقتصاد السوري والتهرب الكبير من الضرائب. هذا بالإضافة إلى الأعمال الهامشية في اقتصاد الظل.
وهذا الواقع بكل حيثياته يتطلب تشريعات وقوانين تحقق المكاسب والحقوق التي ناضل من أجلها عمال شيكاغو، وتلجم التهرب الكبير من الضرائب حيث يدفع الثمن المجتمع بكامله.
■ نزار عادلة