بصراحة العمال يحتفلون على طريقة أرباب العمل
احتفلت الطبقة العاملة في العالم أجمع بالأول من أيار كل على طريقته، والطرق تختلف من مكان إلى آخر تبعاً للظروف التي تعيش فيها الطبقة العاملة، من استغلال، واستلاب، ومصادرة للحقوق، وحجم البطالة، ومستوى المعيشة، ودور الحركة النقابية وقدرتها على التأثير في الحركة العمالية، وقيادة نضالها..
بسبب تلك الظروف مجتمعة، أو متفرقة، تكون الطريقة التي يحتفل بها عمال العالم بعيدهم السنوي.
والطبقة العاملة السورية ليست استثناءً من ذلك، فهي أيضاً قد احتفلت على طريقتها التي عُودت عليها منذ عقود، بعد أن غيرت طريقتها التي كانت تسير عليها سابقاً، بأن يكون الأول من أيار احتفالاً شعبياً عمالياً يمارس فيه العمال عاداتهم النضالية، بالمطالبة بالمزيد من الحقوق، والمزيد من الحريات النقابية وغير النقابية التي تمكّنهم من تعزيز قوتهم كطبقة عاملة ضد مستغليهم، وسالبي حقوقهم.
ولكن ما يجري الآن ليس كذلك، بل هو احتفال خطابي يجري فيه استعراض آخر ما توصل إليه علم البلاغة، والفصاحة في تدبيج الكلمات المنمقة التي لا تذهب أبعد من الجدران التي تحيط بمكان الاحتفال، على الرغم من التحضير الجيد والمسبق لمكان الاحتفال من إعادة تجديد ألوان طلاء الجدران، وتوزيع الصوت الذي لم يسمعه العمال الحاضرون (على قلتهم لا ندري لماذا)؟؟ لأن هذا السؤال لا بد أن نوجهه إلى العمال عموماً ليقدموا إجابتهم.
وإجابتهم قد لا تسر الخاطر لأنها إجابة مليئة بالحزن والمعاناة، مليئة بالقهر من الظروف التي تحيط بهم، والتي أوصلتهم إلى حافة الجوع، بالرغم من أن كل المسؤولين الحكوميين، وغير الحكوميين يقولون لهم إن أوضاعهم المعيشية قد تحسنت، وإن أجوركم قد ازدادت، وأنهم سيعيشون بالفردوس القادم، لأن التعليم مفتوح على مصراعيه أمامهم، وصحتهم مؤمنة على أكمل وجه، والعمل متوفر أمامهم دون رشوة، أو واسطة.. لكل هذه الأسباب.. ومازال هناك من يتجاهلها، ثمة من يستغرب لماذا أدار العمال ظهورهم، وسدوا آذانهم، وبدت وجوههم متجهمة ولا لون لها؟؟
والجانب الآخر من الصورة يحتله عمال القطاع الخاص الذين لم يتمكنوا من الاحتفال بعيدهم، لأن أرباب عملهم قد فرضوا عليهم العمل بيوم عيدهم، ولم تتح لهم فرصة الاحتفال بأية طريقة، لأن كل الطرق مسدودة أمامهم، وخاصة طريق النقابات، هذا الطريق الوعر والمليء بالمطبات، التي تحول دون وصول عمال القطاع الخاص إليه، رغم كل المطالبات، والاستغاثات، والمحاولات والنداءات، الصادرة من هنا وهناك، والداعية إلى الاهتمام بهؤلاء الملايين الثلاثة المهمشين، والمفترسة حقوقهم رغم القوانين، والتشريعات التي تنص عليها وتضمنها والتي يعلمها الجميع، ومنها حقهم بعطلة يوم الجلاء، وعطلة الأول من أيار، ولكن لا حياة لمن تنادي، فأرباب العمل لهم سلطة القانون، وسلطة القرار، ولا سلطة فوق قرارهم، فالعطلة ممنوعة، ودفع تعويض مضاعف عنها ممنوع، والكل صامت.... والكل يتفرج... والكل يتحدث، ويتغنى باسم العمال والفلاحين... ولكن دون فعل حقيقي يمكّن العمال من الحفاظ على حقوقهم المستلبة..
يقول المثل الشعبي (لا يحك جلدك إلاّ ظفرك)، والعمال لن يحصلوا على حقوقهم، ومكتسباتهم إلاّ بطريقتهم النضالية الخاصة، التي لن تطول كثيراً.
adel @kassioun.org