بصراحة كي لا يدير العمال ظهورهم للانتخابات
اقترب موعد الانتخابات النقابية، ولم يبق سوى القليل من الوقت فماذا أعددنا؟؟
سؤال مطروح على الجميع على ضوء التجربة المستنتجة من الدورة الـ(24) التي شارفت على نهايتها، حيث حفلت هذه الدورة بالكثير من النقاشات والمداخلات التي دارت داخل المؤتمرات النقابية، وخارجها بالندوات حول قضايا اقتصادية هامة تمس الاقتصاد الوطني عموماً، وبالتحديد القطاع العام الصناعي واتجاهات إصلاحه والتي كان للحركة النقابية وجهات نظر بطرق وأساليب الإصلاح.
عندما تحضر الحكومة الاجتماعات مع النقابات ويجري طرح القضايا المتعلقة بالقطاع العام يعبر النقابيون عن تخوفاتهم المشروعة على القطاع العام، وهنا بيت القصيد. هل استطاعت الحكومة أن تبدد مخاوف النقابيين جراء نهجها وسياساتها المتبعة لإصلاح القطاع العام؟؟
إن الإجابة عن ذلك واضحة، لأن النقابيين لم يتخلوا عن طروحاتهم في كل الاجتماعات والمؤتمرات، ولأن النقابات بحكم علاقتها المباشرة بمواقع الإنتاج تتحسس الخطر الداهم، وكذلك المخاطر التي تتهدد مصالح العمال، رابطة تلك المخاطر الواقعة على الاقتصاد الوطني بالمخاطر الأمنية والضغوطات السياسية الواقعة على وطننا من العدو الخارجي المتزامن مع الضغوطات الداخلية التي تمارسها رموز العدو الخارجي.
قد يقول قائل: إن ما هو مطروح هنا ليس بالجديد... نعم إن ما يبرر إعادة القول هو حجم المخاطر الحقيقية التي تواجه اقتصادنا الوطني وانعكاس ذلك على مصالح الطبقة العاملة، ونحن على أبواب انتخابات نقابية جديدة، تتطلب حشد كل الإمكانيات والقدرات الكامنة لدى الطبقة العاملة لمواجهة المخاطر وعدم بقائها على الحياد، وهي ليست على الحياد، وإن كانت لاتشارك بشكل فاعل بما يجري لأسباب لا تتعلق بالطبقة العاملة، بل بالشروط والأدوات والرؤى التي تدير دفة الصراع..
ومن هنا فإن الانتخابات القادمة لا بد أن تكون محطة هامة على طريق خلق ممانعة حقيقية لدى الطبقة العاملة السورية لتلك السياسات المراهنة على السراب الذي سيحقق النمو المطلوب، والذي سيحل مشاكل البلاد والعباد كما يدعون ذلك.
إن لدى العمال تجربة واسعة بالانتخابات، وما يرافقها من ظواهر سلبية تؤدي إلى إدارة الظهر، مما يوسع الهوة أكثر بين العمال وبين ممثليهم، أي أن هناك ضرورة سياسية وطبقية لاحترام عقل العامل في اختيار مرشحه النقابي القادر على تحمل مسؤولية العمل والنضال النقابي دفاعاً عن مصالح العمال في مواقع الإنتاج، لا أن يعيش العامل بغربة عن لجنته النقابية، حيث يجري تزكية الكثير من النقابيين ليس لكفاءتهم وقدراتهم النقابية، بل لاعتبارات أخرى يعرفها العمال، خاصة وأن الكثير من القضايا لم يجرِ الدفاع عنها بما يكفي من الحزم رغم مساسها بمصالح العمال وحقوقهم ومنها:
1 ـ الأجور المتدنية غير المتناسبة مع تكاليف المعيشة.
2 ـ الأسعار الكاوية التي جعلت العامل يفكر كثيراً قبل أن يقدم على شراء كيلو بطاطا، أو كيلو بندورة، أو عدد من البيض... أو ... أو...
3 ـ الحوافز الإنتاجية، التي أصبحت جزءاً من الأجر للسببين السابقين، والتي هي الآن على كف عفريت..
4 ـ العمال المؤقتون والبالغ عددهم 48 ألف عامل، وهذه الصفة التي يحملونها «عامل مؤقت» تخفي وراءها الكثير من النوايا تجاه العمال وتجاه القطاع العام، بحيث يبقى مصير هؤلاء مجهولاً، ويمكن التخلص منهم في اللحظة المناسبة دون أن يترتب على ذلك مساءلة قانونية أو التزام محدد، كما هو حاصل تجاه العمال المثبتين، والعمال المؤقتين. والعمال المؤقتون يندرجون تحت تسميات عدة مثل: عمال موسميون، عمال على الفاتورة ـ وغيرها من التسميات التي تفتق عنها العقل الإداري الحكومي.
5 ـ مكان العمل وبيئة العمل: حيث بات التعامل معها وكأنها شيء ثانوي بالرغم من المخاطر التي يتعرض لها العمال من أمراض مهنية خطيرة، مثل معمل السماد الآزوتي ـ معامل النسيج -عمال المرافئ - عمال المناجم - عمال مصفاة حمص - بانياس..
6 ـ الوجبة الغذائية الوقائية: وهي وجبة يستحقها العمال لوقايتهم من الأمراض..
7 ـ أموال التأمينات الملطوشة» لصالح صندوق الدين العام.
إن الارتقاء بالعمل النقابي وتطويره بما يتناسب مع التطورات الجارية، ضرورة ملحة تقتضيها المصالح الوطنية ومصالح العمال التي هي وطنية أيضاً.
adel @kassioun.org