بصراحة إعادة توزيع الدعم، ولكن ليس على طريقتهم!!
القاصي والداني لاحظ القلق الكبير الذي بدا على وجوه الفقراء من أبناء شعبنا، منذ لحظة طرح الحكومة لخطتها برفع الدعم عن المشتقات النفطية، والقلق الشعبي لم يأت من فراغ، بل أتى استناداً لواقعه الذي يعيش فيه، والذي جرى التعبير عنه في الأحاديث، والحوارات اليومية التي تدور بين الناس عن حالة الغلاء الفاحش، وارتفاع الأسعار الجنوني الذي أصاب أبسط المواد الاستهلاكية التي يعتمد عليها الفقراء، ومنهم العمال، في غذائهم اليومي البسيط كالبندورة، والبطاطا، والفلافل، ولا نقول أشياء أخرى كالفواكه، واللحم، حيث انتفت من سلتنا الغذائية، وباتت من المحرمات التي لا نقترب منها، بل ننظر إليها خلسة وهي معروضة في واجهات المحلات الفخمة.
الدكتور عبد الله الدردري في إحدى مقابلاته الصحفية وهي كثيرة هذه الأيام قال: «سياستنا الاقتصادية الكلية منذ بدايتها مصممة كي لا تؤذي الفقراء،».
ونريد القول للسيد عبد الله عن أي فقراء تتحدث؟ والذين لا تريد أن تؤذيهم بسياساتك الاقتصادية؟! هل هم فقراء سورية، أم فقراء الدول المجاورة لنا، والتي يطيب لك كثيراً مقارنة وضعنا بأوضاعهم، لكي تدلل على حسن هذه السياسة الاقتصادية المتبعة؟؟ فإذا كنت تتحدث عن جيراننا فإن السياسات الاقتصادية هناك ليست أفضل حالاً، لأنها تشرب من النبع نفسه الذي يغذي خططنا الاقتصادية، مما جعل فقراء جيراننا ينزلون إلى الشوارع معبرين عن سخطهم على حكوماتهم التي أوصلتهم إلى حافة الجوع في الأردن واليمن ومصر.
وإن كنت تقصد الفقراء في بلدنا فاسمح لنا أن نقول لك: لقد أصابنا أذى كبير من سياساتك الاقتصادية، ومن كلامك نستشهد حيث قلت في مؤتمر الفقر: وأنت تتحدث عن متوسط إنفاق الأسرة السورية إن «أفقر أسرة تحصل على 49 ألف ل.س سنوياً، والأسرة العليا مليون ل.س» وتابعت قائلاً، نحن أكثر عدالة وتوزيعاً مقارنة مع جميع دول المنطقة.
نعم أكثر عدالة، وتوزيعاً لصالح الأغنياء حيث نسب الأرباح للأجور 75%، 25%، ومتوسط الأجور يتراوح بين 7 ـ 9 آلاف ل.س، ولا ندري إن كان يعلم السيد عبد الله كيف سيوفق الفقراء، ومنهم العمال بين متوسط أجورهم، ومتوسط إنفاقهم الذي حدده سابقاً، خاصة، ونحن مقبلون على افتتاح المدارس، وموسم (المونة)، وموسم الشتاء الذي سيكون حاراً هذا العام بناء لتعليمات صندوق النقد الدولي الذي يطيب لهم سماع ما يقول، بينما لا يطيب لهم سماع صرخات أطفالنا، ولا يطيب لهم سماع معاناتنا في تأمين الضروريات لكي نبقى على قيد الحياة كما يقال..
نعم قال الدردري: لا أعتمد على ما يقوله الناس حول ارتفاع الأسعار.
إن ارتفاعات الأسعار المتوالية هي مؤشر لقضايا عديدة ليتنا نفهمها نحن العمال بحسنا العفوي والصادق، والذي يستشعر ما هو قادم، وما هو مخطط لنا تحت مسميات يطرحونها علينا، كإعادة توزيع الدعم على مستحقيه، والتوزيع العادل للدخل، وإجراءات لا تضر بمصالح الفقراء..الخ من المقولات التي لا تعنينا بشيء، والذي يعنينا هو النتائج على الأرض، التي تدل جميعها على تدهور المستوى المعيشي، التي أدت إلى المزيد من الإفقار للفقراء، والمزيد من الغنى للأغنياء، وأمام هذا الواقع المأساوي فإن المطلوب من كل الشرفاء في هذا الوطن، وعلى رأسهم الحركة النقابية، وهي المعنية مباشرة بهذا الموقف كونها تمثل مصالح الطبقة العاملة التي يصيبها الأذى، ويصيبها الحرمان، والتدهور بمستوى معيشتها يوماً بعد يوم، بأن يعلو صوتها جنباً إلى جنب مع القوى الخيرة من أبناء شعبنا لصد هذه الهجمة العاتية على مصالح الناس، لأن النجاح في إفشال هذا الهجوم المتتابع منذ سنوات يعني الانتصار لمصالح الطبقة العاملة، والانتصار لحقوقها، وكذلك الانتصار للوحدة الوطنية المطلوب تعزيزها الآن، وأخيراً الانتصار لكرامة الوطن والمواطن.