بصراحة اتحاد العمال: القطاع العام الصناعي خط أحمر!
كل الوقائع والتطورات التي تشهدها سورية على المستوى الاقتصادي - الاجتماعي تؤكد اليوم، أن الصدام بين الطبقة العاملة السورية وتنظيمها النقابي: الاتحاد العام لنقابات العمال، وبين الفريق الاقتصادي ذي الأفكار والسياسات والمناهج النيوليبرالية، بات وشيكاً، بل إنه قد بدأ فعلياً، مع استمرار هذا الفريق بخروقاته السافرة للدستور السوري، ومحاولاته المتكررة للإساءة للطبقة العاملة والقطاع العام..
هذا الصدام، وإن لم يظهر في أقصى تجلياته حتى الآن، إلا أنه بات من الناحية الموضوعية حتمياً مع تزايد الهوة بين ما يطمح إليه العمال وتنظيمهم النقابي، وبين ما يخطط له، ويسعى إليه الفريق الاقتصادي الذي أعمت بصيرته تهاني وتبريكات صندوق النقد والبنك الدوليين والليبراليين الجدد الذين كلما أفرطوا في مدح توجهاته، يزداد شراسة في ضرب مكاسب العمال والفقراء والمهمشين، والمنتجين الوطنيين عموماً، ويبذل أقصى ما يستطيع لجعل الاقتصاد الوطني تابعاً هشاً للمراكز الإمبريالية العالمية..
مؤخراً، وبالتزامن مع الغارات الجديدة – القديمة التي شنها هذا الفريق على مرفأي اللاذقية وطرطوس للشروع في خصخصتهما، وعلى معمل أسمنت طرطوس للغرض نفسه، ومع الاستمرار في سياسة «فوضى السوق» التي تؤدي كل يوم إلى ارتفاعات جديدة وقياسية في الأسعار، وإلى خلق أزمات منظمة حادة تتجلى بفقدان وندرة بعض المواد والسلع الأساسية وعلى رأسها المحروقات، يحاول الفريق الاقتصادي توجيه ضربة حادة للقطاع العام عموماً، والصناعي خصوصاً، عبر إضافة اقتراحين خطرين لمشروع قانون إصلاح القطاع العام الصناعي، ينص الأول على بيع الشركات الخاسرة، والثاني على نقل 15 ألف عامل خارج وزارة الصناعة تحت عنوان فائض عمالة!! وهو ما أثار حفيظة الاتحاد العام لنقابات العمال الذي سارع إلى توجيه كتاب لنائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، موقعاً باسم رئيس الاتحاد شعبان عزوز وأمين الشؤون الاقتصادية عزت الكنج، يعترض فيه على هذين الاقتراحين، جاء فيه:
«في إطار مناقشتكم لمشروع قانون إصلاح القطاع العام الصناعي الذي شارك الاتحاد العام لنقابات العمال في صياغته وإعداده وردنا بأنه تم إضافة فقرتين جديدتين إلى مشروع القانون المقترح (بيع الشركات الخاسرة، ونقل 15 ألف عامل خارج وزارة الصناعة تحت عنوان فائض عمالة)، فإننا نؤكد على أننا لسنا مع بيع الشركات الخاسرة والتنازل عن ملكيتها لأي جهة كانت، لأن ذلك مخالف لدستور الجمهورية العربية السورية/ المادة (14) منه، ولسنا مع نقل العمال خارج الوزارة، لأننا نعيش ضمن سياسة الاستيعاب الاجتماعي، وهذا يتعارض مع توجهات الحزب وقائد الوطن، ونأمل دراسة أوضاع الشركات ومعالجتها وفق مقررات المؤتمر القطري العاشر للحزب، إضافة إلى دراسة واقع «العمالة الفائضة» -كما يقول البعض - على مستوى القطاع العام بشكل عام، وليس في إطار وزارة الصناعة فقط»..
إن الفريق الاقتصادي ما انفك يحارب القطاع العام الصناعي بهدف تخسيره، عبر حرمانه من الاعتمادات والسيولة اللازمة لتأمين احتياجاته من مستلزمات الإنتاج والدعاية والإعلان، وخلق الكثير من الصعوبات الجمركية والمصرفية والرسوم والضرائب في وجهه عند التصدير، وفتح الأسواق أمام السلع المستوردة، وخلق وضع غير متكافئ في المنافسة بينه وبين القطاع الخاص عبر التراخي في ضبط ومعالجة تهربه الضريبي وغض النظر عن إخلاله بالمواصفات، كل ذلك من أجل الوصول بهذا القطاع الهام إلى حالة مزرية، تتيح لمن يريدون خصخصته وبيعه وتشريد عماله أن يقوموا بذلك دون عناء، ودون مقاومة أو اعتراض من أحد، وهذا يتطلب اليوم وقفة جادة حقيقية، تتجاوز لغة الاعتراض، إلى لغة اللجم، والعمل المباشر على ترحيل الفريق الاقتصادي وإسقاط سياساته التي لم، ولن تجلب للاقتصاد الوطني والطبقة العاملة إلا الأزمات والفقر والبطالة..