إبراهيم اللوزة لـ«قاسيون»: الطبقة العاملة وقياداتها لن يسمحوا للفريق الاقتصادي بالتمادي أكثر !!
إبراهيم اللوزة مناضل نقابي مخضرم عرفته الطبقة العاملة كمدافع حقيقي عن مصالحها ومكاسبها، وقد خصَّ جريدة قاسيون بهذا اللقاء الذي دار الحديث فيه حول ما تطرحه الحكومة من تعديلات على الاشتراكات التأمينية، ونواياها المعلنة بتخفيض الراتب التقاعدي للعمال وفقاً لنصائح صندوق النقد الدولي، هذه النوايا التي ظهرت بوضوح بعد انتهاء ورشة العمل التي عقدت في مبنى رئاسة مجلس الوزراء بعنوان: «إصلاح نظام المعاشات وحماية دخل المتقاعدين في سورية»
• لماذا اختارت الحكومة تطبيق نصائح صندوق النقد الدولي القاضية بتخفيض الاشتراكات التأمينية والراتب التقاعدي للعمال؟
قبل الحديث بهذا الموضوع لابد للعمال من معرفة مزايا قانون التأمينات الاجتماعية، والتي منها الراتب التقاعدي، وإصابات العمل، والأمراض المهنية، لأن التأمينات هي ملاذ حقيقي لتأمين وضع العامل أثناء عمله أو عند وصوله إلى سن التقاعد، فالعامل يحصل بموجبها على راتب تقاعدي يؤمن حياته هو وأسرته، ورغم أن الراتب التقاعدي البسيط الذي يحصل عليه العامل حالياً ليس متناسباً مع مستوى المعيشة، إلا أن هناك تآمراً يجري لتخفيضه، مما ينعكس سلباً على حياة العامل، وقدرته على مواجهة متطلبات الحياة بعد تركه للعمل، وتحديداً حاجته للعلاج والدواء.
كنا ننتظر من الحكومة أن تؤمن الضمان الصحي للعمال والمتقاعدين وكل المشمولين بالتأمينات الاجتماعية، حيث يصاب العامل بالكثير من الأمراض، وخاصة الأمراض المهنية التي يحتاج بعضها إلى تكاليف علاج باهظة لا قدرة للعامل على تحملها.
• ما رأيك بقانون التأمينات الاجتماعية الحالي، وهل هو بحاجة إلى تعديل؟
إن الحديث عن قانون التأمينات الاجتماعية الذي صدر عام (1959) وتعديلاته أمر مهم، حيث أنه أخذ بعين الاعتبار حماية العمال المؤمن عليهم والمشمولين بأحكامه من خلال عدة أنواع من التأمين، تتمثل في:
ـ تأمين إصابات العمل (حيث يشمل هذا التأمين كافة العمال المؤمن عليهم والمشمولين بأحكام المرحلة التأمينية الثالثة والرابعة على حد سواء، وكذلك عمال المقاولات، وعمال الحمل والعتالة، والعمال الموسميين).
ـ تأمين الشيخوخة (يشمل العمال المؤمن عليهم والمشمولين بأحكام المرحلة التأمينية الثالثة).
ـ تأمين العجز والوفاة (يشمل العمال المؤمن عليهم بأحكام المرحلة التأمينية الثالثة والرابعة. وقد صدر مؤخراً قرار عن رئاسة مجلس الوزراء بتشميل عمال العتالة بهذا التأمين).
إن التعديلات الماضية على قانون التأمينات قد خضعت لنقاش موسع من الجهات المعنية، اشترك فيه ممثلو نقابات العمال في مجلس الشعب، وبعض الخبراء الذين قدموا النصائح لمصلحة العمال، وقد حملت هذه التعديلات مكتسبات جديدة للطبقة العاملة ما كان يمكن أن تتم لولا نضال هذه الطبقة وتضحياتها.
ورغم ذلك فإن قانون التأمينات لا يزال يعاني من الكثير من النواقص والثغرات، فحسب هذا القانون يدفع العامل نسبة 7 % من أجره لمؤسسة التأمينات، بينما لا يدفع رب العمل سوى 14 % من أرباحه لهذه المؤسسة، وهذه أقل نسبة يدفعها رب عمل في العالم.
• وما مصير الأموال التي يدفعها العمال لمؤسسة التأمينات؟
منذ صدور قانون التأمينات وإلى الآن قامت الحكومة بمصادرة جزء هام من الاشتراكات التي يدفعها العمال لصالح صندوق الدين العام، حيث يقدر المبلغ المصادر بـ(114 مليار ل.س)، فلو استثمرت هذه الأموال بشكل صحيح لاستطاعت التأمينات الاجتماعية دفع رواتب تقاعدية للعمال تبلغ 100 %، ولاستطاعت أيضاً تأمين الضمان الصحي لهم، هناك ديون لمؤسسة التأمينات على الحكومة وأرباب العمال وشركات القطاع العام، حيث تصدر الحكومة كل فترة إعفاءً لأرباب العمل عن المبالغ السابقة المستحقة عليهم تحت دعوى تشجيعهم على الاشتراك عن عمالهم في التأمينات الاجتماعية، ولكنهم يتهربون من ذلك. في الواقع لا يوجد قانون في العالم يبيح للحكومات مصادرة أموال العمال من التأمينات الاجتماعية لأنها أموال خاصة.
• ما رأيك بتدخلات صندوق النقد الدولي في قضايا التأمينات الاجتماعية في بلادنا؟
يهمني هنا أن أشير إلى موقف الرئيس الماليزي من تدخلات صندوق النقد الدولي، فهو كان يعمل بعكس ما يقدمه الصندوق من نصائح ولهذا استطاعت بلاده أن تحقق التطور الاقتصادي المطلوب، وقد قال لنا هذا الكلام لدى زيارته لدمشق. فالمفترض بالحكومة السورية أن تستفيد من هذه التجربة لا أن تتبع نصائح البنك الدولي، لأن هذا البنك لا يتدخل في أي بلد إلاّ ويجلب له الخراب.
إن ما يقدمه صندوق النقد الدولي من نصائح يضر بمصالح أكثر من ثلاثة ملايين عامل، وعند قراءتي لتوصياته التي نوقشت في مجلس الوزراء لاحظت أن العامل كان عند وصوله سابقاً إلى سن التقاعد (بعد 30 سنة عمل) يتقاضى 75 % من الأجر، بينما حسب النصائح الجديدة فإن العامل سيحصل على 60 % من الراتب فقط بعد أن يكون قد امضى40 عاماً من الخدمة، بالإضافة إلى تخفيض التعويضات من 2.5 إلى 1.7 عن كل سنة، ولا ندري ما هو المبرر لهذا التخفيض.
• وماذا عن تصريح الدردري الأخير بأن توصيات صندوق النقد الدولي ستعتمد في الحكومة كصانع قرار؟
أنا أعتقد أن الطبقة العاملة والحركة النقابية والقوى الوطنية لن تسمح لمثل هذا التصريح أن يمر، وستقاومه بكل الوسائل، لأن الطبقة العاملة والكوادر النقابية واعية لمصالحها، والمطلوب من الحكومة عدم استغلال القضايا الوطنية والموقف الوطني لتنفيذ ما تشاء من سياسات تمس حياة ومعيشة الطبقة العاملة، فإذا أصر الدردري على سياساته فإن هذا سيعني دفع أكثر من ثلاثة ملايين عامل لمقاومة هذه السياسات والحكومة الداعية لها. هناك مؤامرة كبيرة يجري تحريكها من الداخل وهي مؤامرة على الموقف الوطني السوري.
• ما هو المطلوب من النقابات إذاً لمواجهة هذه السياسات؟
المطلوب الدفاع عن حقوق العمال والقوانين الحالية التي تخدم مصالحهم، بعد السعي لتطويرها في سبيل تحسين مستوى معيشتهم، وأنا أعتقد أن قيادة الاتحاد العام لنقابات العمال ستقف موقف الدفاع عن حق العامل، وستحاول الحفاظ على هذه القوانين مهما كلف الأمر.
إن الطبقة العاملة قوية، وهناك أحزاب وطنية حية، بالإضافة لقواعد أحزاب الجبهة التي لها مصلحة في مقاومة السياسات الحكومية.
إن من قام بتخريب الصناعة الوطنية في القطاع العام والخاص لابد من محاسبته، وهو من يجب أن يدفع الثمن لا الاقتصاد الوطني والعمال.