بصراحة خطوة عملية واحدة أفضل من اجتماعات كثيرة ...!!
تتصاعد يوماً بعد يوم مخاطر بقاء الحركة النقابية بعيدة عن عمال القطاع الخاص، وعدم القدرة على تنسيبهم إلى النقابات العمالية المختلفة، وهذا الموضوع أخذ حيزاً كبيراً من اهتمام الحركة النقابية لاستشعارها بذاك الخطر الذي سيتفاقم إن لم تجد له حلولاً عملية تمكنها من تجديد قواها التنظيمية، بدماء جديدة وشابة، موجودة في معامل وشركات القطاع الخاص، التي نمت بسرعة، من حيث نوعية الصناعات، وعدد العمال وتوصيفاتهم المهنية، فمنذ صدور قانون الاستثمار رقم /10/ الذي سمح للرأسمال، المحلي وغير المحلي، بالتوسع بالاستثمار الصناعي والخدمي،
بحيث أصبح القطاع الخاص الآن هو السائد في الاقتصاد الوطني، وتراجع القطاع العام إلى الخلف من حيث دوره ومساهمته بالناتج المحلي، وهذا سببه السياسات الحكومية المتعاقبة، التي لعبت دوراً أساسياً في هذا التراجع، وعدم توسع الاستثمار فيه، ليس هذا فقط، بل تسعى الحكومة وفريقها الاقتصادي، إلى التخلص منه تحت مسميات عدة، وبشكل متدرج، وأتاحت الفرصة الكاملة لنمو وتوسع القطاع الخاص، والمراهنة عليه ليحل مشكلات النمو والتنمية، والبطالة....إلخ؟!
هذا الوضع الاقتصادي المتحول، وهيمنة القطاع الخاص، قد عكس نفسه على واقع الحركة النقابية بشكل واضح وجلي، ما جعل الحركة ترسل إشارات تحذيرية عبر مؤتمراتها واجتماعاتها المختلفة بأن الخطر قادم، ورغم ذلك بقي هذا الوضع سائداً رغم تلك التحذيرات الكثيرة، والإشارات العديدة من داخل الحركة النقابية ومن خارجها، ولم تتخذ الخطوات العملية الكفيلة بتجاوز هذا المأزق الحاد، الذي على حله يتحدد مستقبل الحركة النقابية، من حيث فعاليتها وقدرتها على الدفاع عن حقوق العمال ومكتسباتهم، سواء في القطاع العام أو الخاص، إن بقاء الوضع النقابي على وضعه الحالي، بما يتعلق بالعلاقة مع عمال القطاع الخاص، استدعى من الحركة النقابية القيام بمبادرة جدية، من أجل إيجاد مخرج وتكوين رؤية، وصياغة برنامج عمل يوحد آلية العمل النقابي ويطور أدواته، ويتجاوز الوضع الراهن الذي وصلت إليه الحركة النقابية، حيث عاشت لعشرات السنوات معتمدة في مطالبها وطلباتها على ما يأتيها من فوق، وبالتالي تكونت الكوادر النقابية من حيث ثقافتها وآلية عملها على هذا الأساس. أما الانتقال من هذا الوضع إلى وضع أخر مختلف تماماً، من حيث ظروف وشروط العمل والأدوات والخطاب، الذي لابد منه للتوجه إلى الطبقة العاملة من أجل إقناعها وتحفيزها للانتساب إلى النقابات، فإن ذلك الانتقال سيكون صعباً، ويحتاج إلى وقت موضوعي لتتمرس الكوادر والقيادات النقابية على المهمات الجديدة التي ستواجهها، حيث يتطلب ذلك الوعي الطبقي والكفاحية العالية، والعزيمة على التضحية، والقدرة على قيادة العمال والتأثير فيهم، دفاعاً عن مصالحهم وحقوقهم. ومن الجانب الآخر أن يقتنع العمال بأهمية ما تقوم به النقابات من أجلهم، باعتبارها تمثل مصالحهم، وتدافع عنهم.
إن المهم فيما تحاول النقابات أن تقوم به الآن، أنها خطت بالاتجاه الصحيح نحو هدف محدد، وكل خطوة عملية في هذا الاتجاه، تعني الاقتراب من الهدف المراد تحقيقه بفعالية ونجاح.
■ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.