مجلس اتحاد عمال دمشق يضرب على الوتر الحساس: الفجوة آخذة بالاتساع بين الأجور والأسعار والحكومة تدغدغ المشاعر!!
اتسم الاجتماع الأخير لمجلس اتحاد عمال دمشق الذي عقد قبل قدوم عيد الفطر بأيام بحدة النقاش والجرأة المعهودة من ممثلي العمال في المجلس، وكان واضحاً الاستياء العام من الوضع الاقتصادي الاجتماعي، مما أدى إلى التناغم في لغة الحوار كما هي العادة بين نقابيي دمشق، إذ تصدر الواقع المعيشي التي تعيشه الطبقة العاملة السورية صدارة هذه الحوارات، وأخذ طرحه نصف الوقت المخصص للاجتماع، بالإضافة إلى الحديث وبمنتهى الصراحة والجدية حول الظروف الحرجة التي تمر بها العديد من الشركات المتعثرة في القطاع العام الصناعي، فكان المجلس بحق مرآة عكست بكل صدق وجرأة هموم العمال، وتطلعاتهم إلى تحسين مستوى معيشتهم حين عرف كيف يضرب على الوتر الحساس في الوقت المناسب وذلك بمطالبته القوية بتقليص الفجوة الآخذة بالاتساع بين الأجور والأسعار في الأشهر الأخيرة بشكل لم يعد يحتمل، وتخليص شركات القطاع العام التي مازال بإمكانها إعطاء نتائج أفضل من المعوقات التي تواجهها والتي تحول دون دخولها في السوق كمنافس حقيقي للقطاع الخاص، من خلال التأكيد على اتخاذ خطوات أكثر جدية وفاعلية في هذا الاتجاه من وزارة الصناعة.
وأكدت معظم المداخلات التي قدمت في المجلس والمعبرة عن الأجواء الحقيقية التي سادت المجلس من خلال الاتفاق على مجموعة المطالب، وعلى العديد من القضايا المحقة وفي مقدمتها زيادة الأجور التي وعدتها بها الحكومة خلال الخطة الخمسية العاشرة المقررة بنسبة 100% لتتناسب مع الغلاء وتفعيل دور الدولة في الرقابة على الأسواق التي أصبحت محررة في معظم منافذها، كما شدد المجلس على ضرورة اتسام التصريحات الحكومية بالشفافية المطلوبة في إطلاقها، والابتعاد عن التناقض بين القول والفعل، الذي من شأنه أن يدغدغ مشاعر العامل السوري حين عبر على ذلك رئيس اتحاد عمال دمشق جمال القادري أثناء حديثه عن موضوعي زيادة الأجور والرواتب في الوقت الحالي، وقضية إصلاح القطاع العام الصناعي التي لم تنته.
وكان القادري قد افتتح أعمال المجلس بكلمة عرض من خلالها واقع العمل النقابي بالاتحاد واقفاً عند أبرز الصعوبات التي تواجهه ومؤكداً على ضرورة تطوير الأداء التنظيمي في العمل النقابي، وتجاوز الترهل الموجود في بعض مفاصله من خلال الارتقاء بأساليب العمل الحديثة والمتطورة لتواكب المتغيرات الحاصلة في جميع المجالات والالتصاق بالعمال في مواقع العمل والإنتاج، وعرض رئيس اتحاد عمال دمشق واقع الأنشطة الخدمية التابعة للاتحاد وما يتطلب ذلك من من أعمال الترميم والصيانة ليوضع له نظام خاص للاستثمار، كما دعا القادري إلى الخروج من أسلوب النمطية في العمل النقابي وتفعيل العمل الميداني لتذليل كافة الصعوبات والمعيقات التي تواجهه، وفي تناوله للوضع الاقتصادي، أكد رئيس اتحاد عمال دمشق على ضرورة أن تتخذ وزارة الصناعة قرارات أكثر فاعلية حيال إصلاح شركات القطاع العام الصناعي التي لم تعد تتحمل أي تسويف بذلك .
مداخلات عكست الواقع
لم تذهب بعيداً المداخلات التي تليت في المجلس عما تم إثارته من رئيس الاتحاد سواء من حيث الأجور والرواتب أو من حيث تناول مشاكل القطاع العام الصناعي بالإضافة إلى بعض المداخلات التي ركزت على العديد من القضايا لها صلة مباشرة بمواقع العمل والعمال والمعيقات التي تواجههم.
علي مرعي رئيس نقابة عمال النفط ركز على أهمية الإسراع بصدور قانون على غرار القانون رقم 8 لتثبيت العمال المؤقتين غير المشمولين بقانون التثبيت وخصوصا للعاملين في مجال القطاع النفطي، والعمل بشكل جدي للانتهاء من موضوع الوجبة الغذائية المستحقة والضرورية للعاملين في النفط نتيجة تماسهم المباشر مع المواد الكيمياوية السامة والمسرطنة التي تلحق بالعامل أضراراً جسمية كبيرة، وأكد المرعي تفعيل عمل دوائر الرقابة الداخلية في الشركات والمؤسسات من خلال تطوير كوادرها لتغدو مفصولة ومستقلة بقراراتها عن الإدارات حتى تحصل على نتائج ترضي الجميع.
غسان السوطري رئيس نقابة عمال الصناعات الكيمياوية أكد في مداخلته على ضرورة تفعيل دور وزارة الصناعة في حماية المنشآت الصناعية في القطاع الخاص وأن لا ينحصر دورها في إعطاء التراخيص للقطاع الخاص الصناعي،دون وجود أي رابط بين طرفي المعادلة ودون إقامة أية دراسات لواقع السوق والمشاريع، وتساءل السوطري من سيتحمل ويدفع تلك المبالغ التي ستدفع للعمال المتقاعدين حسب الاستبيان الوزاري والذي سيحصل العامل بموجبه على مبلغ قد يصل لأكثر من /600/ ألف ل.س وأستغرب السوطري في حديثه القول أن كانت الوزارة ستنفق عدة مليارات على مشروع كهذا، أليس من الأجدى أن تقوم بإنفاق تلك المبالغ الهائلة على تأهيل بعض هذه الشركات التي لم يقدم لها شيئاُ من هذا القبيل ووضع جميع الأسباب بظهر العمالة الفائضة.
غسان منصور رئيس نقابة عمال البناء والأخشاب طالب بصرف الرواتب المستحقة للعاملين في شركتي البناء والمشاريع المالية عن الشهرين الماضيين خاصة وأنهم يعيشون أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة نتيجة الغلاء الفاحش في السلع الاستهلاكية اليومية .
جمال المؤذن رئيس نقابة عمال السياحة طالب بإزالة كافة التمايزات التي تحصل بين مستحقي القروض بين العاملين في القطاع الخاص والعام من مصرف التسليف الشعبي، وأن يكون التعامل عادلا في قضية المنح والوكيل، كما تحدث المؤذن عن السكن العمالي وعاود مطلبه الذي لم يتحقق حين طالب بتخصيص ما يقارب /300/ شقة من المساكن العمالية للعاملين في القطاع الخاص، مؤكداً أن ذلك سيكون بمثابة تشجيع لهم للانتساب للنقابة، منوهاً أن هذا الطلب لم يؤخذ بعين الاعتبار ولم يتم إعطاء نقابة السياحة من السكن العمالي أي مسكن.
بشير حلبوني رئيس نقابة الدولة والبلديات تحدث عن زيارة السيد الرئيس لمؤسسة الاتصالات والتي تحولت من مؤسسة إلى شركة بعد الزيارة وضرورة متابعة أوضاعها بعد هذا التحول، خاصة وأن الرئيس أكد على الإدارة بضرورة معاملة العامل على أنه شريك حتى يعتز بإدارته لعمله وتفانيه في خدمة الوطن، ونوه حلبوني إلى مسألة العمالة الفائضة التي تحدث عنها سيادته خلال زيارته للمؤسسة وأنه يجب تدوير هذه العمالة حتى لا يبقى من هذا المصطلح شيء.
شفيق طبرة عضو المجلس اقترح على الاتحاد شراء إحدى الشركات التي يقال أنها متعثرة وإعادة تشغيلها من أول بمساعدة العمال أنفسهم وانتظار ما ستؤول إليه النتائج ومن ثم إطلاق الأحكام بحقها وحق باقي شركات القطاع العام الصناعي التي تعاني من المرض نفسه.
صالح منصور رئيس نقابة عمال الغزل والنسيج تحدث عن الدراسة التي تم توزيعها بشكل استبيان من وزارة الصناعة على عمال الشركات الخاسرة التابعة لها بخصوص التقاعد المبكر، وتمنى منصور أن تتم دراسة متعمقة للاستبيان لأنه وفي حال تطبيقه ستفرغ العديد من الشركات من كوادرها دون تأمين الكادر البديل الذي قد ينوف عن عشرة آلاف عامل، والتي ستكون بمثابة نكسة للقطاع الصناعي بشكل عام والنسيجي بشكل خاص، وأكد منصور على ضرورة الامتناع عن نقل العاملين الإلزامي دون أخذ موافقتهم كما جرى لعمال الخماسية دون أذن النقابة، استناداً للقانون الخاص الذي يوصي على منع نقل العامل إلا بموافقته أو بمحضر لجنة ثلاثية معتمدة .
■ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.