واقع عمال الجوارب في مجمع (الزبلطاني)
تستمر (قاسيون) بزياراتها للمشاغل والمعامل الصغيرة والورش لرغبتها في رصد واقع عمالها الذين يصنفون ضمن القطاع الخاص غير المنظم قاصدة مجمع الزبلطاني في دمشق كي تلتقي عدداً من عمال صناعة الجوارب كونهم يشكلون الشريحة الأوسع هناك.
موسم الانتقالات وموسم الشتوي
في بداية الزيارة لاحظنا تغيراً واضحاً لأماكن عمل الكثير من العمال عن أماكنهم السابقة التي عملوا بها قبل عطلة عيد الفطر, فتنقل العمال بين هذه المشاغل الموجودة ضمن المجمع أو خارجه ليس أمراً طارئاً أو صدفة محضة كما حللنا ذلك مبدئياً, بل هو نتيجة لعدة أسباب موضوعية وواقعية, أولها انخفاض الإنتاج في تلك المعامل, كون أغلبها لم يُقلع بعد أو أنه في طور التجهيز, هذا من جانب, ومن جانب آخر فإن الصناعيين في هذا الوقت من العام يبدؤون بالتحضير لموسم الشتاء سواء بتعديل آلاتهم أو تحضير الخيوط المناسبة للإنتاج الشتوي, وما كثرة انتقال العديد من العمال من مشغل لآخر إلا لأن هذا الوقت بالذات هو الوقت الأنسب لكلا الطرفين للبحث عن مصلحتهما.
لا استقرار دائم في هذا القطاع
يفيد التذكير هنا بأن عمال القطاع الخاص غير المنظم يعملون دون قانون يحكم العلاقة بينهم وبين أرباب العمل, بل هناك صيغة واحدة تفرض نفسها عليهم هي حركة السوق وآلية العرض والطلب, ومن البديهي أن يكون لأرباب العمل القدرة الأكبر على التحكم بها, كيف لا وهي المفصلة وفق مصلحتهم العليا بالإبقاء الدائم على تدني أجر اليد العاملة, ولذلك فإن استقرار العمالة في مشغل أو معمل صغير وسائر القطاع غير المنظم يكون مؤقتاً ويستحيل أن ينعم باستقرار دائم, فمتى أراد رب العمل تسريح من يشاء من عماله فلديه القدرة على ذلك دون أن يحاسبه أحد ودون أن يتكلف قرشاً واحداً, وأما العامل فهو يستطيع أن يترك العمل متى استطاع ذلك, وليس متى شاء, فأهم شرط يحكم مشيئته هو أن يكون قد أمَن عملاً بديلاً أو أنه واثق من إمكانية وجوده.
تنقيط للحقوق بانتظار اللحظة
يشهد هذا القطاع تنقلات كبيرة للعمال بعد عطلات الأعياد وفي فترة تبديل الموسم وهذا مرده لسببين اثنين أولهما: أن العامل لا يغامر بترك العمل الذي بين يديه في فترة الذروة الإنتاجية التي تكون في منتصف الموسم أو قبل الأعياد بل يكتفي بمحاولات متكررة لزيادة أجره فهو يعلم بأن العمالة في مهنته تكون مستقرة عموماً ولا وجود لشواغر هنا أو هناك، ولكنه سيبدأ البحث عن عمل آخر بأجر أعلى وظروف أفضل مجرد أن تتوفر إمكانية ذلك. وثانياً: فإن رب العمل وانطلاقاً من مصلحته في استقرار الإنتاج يحافظ على عماله في تلك الفترات أيضا لصعوبة تأمين البديل وهو مستعد لتنقيط جزء من الحقوق المسلوبة للعامل خلال تلك الفترة سواء بعدد ساعات العمل أو قيمة الأجر المدفوع، ولكن ذلك التنقيط لا يستمر طويلاً فالموسم في نهايته والعطلة ستأتي قريباً وسينتقم رب العمل لنفسه وسيسرح من يشاء من عماله الذين شاكسوه طوال الأشهر الماضية.
ارتفاع للأجور وهبوط للمعيشة
ارتفعت أجور عمال الجوارب العاملين في مشاغل وورشات مجمع الزبلطاني خلال الشهر الماضي بنسب متفاوتة تراوحت نسبتها ما بين 10% و25% وأعلى تلك الزيادات حصل عليها عمال (المكنات) فيما كان أقلها لعاملات (الأمبلاج) وخاصة اللواتي يقمن في المجمع نفسه حيث تحولت عشرات العقارات هناك لمساكن أهلية استأجرتها بعض العائلات المُهجرة من الغوطة وأرياف المدن الأخرى فيما ثبتت أجور الأطفال في مكان وهبطت في مكان آخر نتيجة العطلة المدرسية التي تعني ارتفاعاً للعرض وانخفاضا للطلب ولا تبدو حالة السوق مستقرة بعد، لا بالنسبة للصناعيين وأصحاب الورش ولا بالنسبة للعمال أيضاً، ويبدو أن ارتفاع أسعار المحروقات الأخير قد فعل فعله و(خربط) سوق الخيط والجوارب وأسعارهما، كما أثقل بنتائجه على عمال لم يبق في جيبهم ما يلبي أدنى مستويات المعيشة الكريمة.
دردشة (على حبتها)
نستعرض بعضاً مما قاله العمال لقاسيون من خلال الدردشة التي جرت أثناء الزيارة وتركناها كما هي (على حبتها)
أبو أنس عامل كوي جوارب (شو فرقانة معهم هالمعلمين عم يشتروا الخيط حسب سعر الدولار وعم يبيعوا بضاعتهم كمان حسب سعر الدولار ونحنا الوحيدين مسعرين بالليرة ويا حسرتي على هالليرة شو تبهدلت وشو تبهدلنا معها معلمنا عم يتحجج برفع سعر المازوت أي أنا شو دخلني بهالحكي أي شو أنا اللي رفعتو كل ما الحكومة بتخبص بشي قرار جديد بصيروا هالمعلمين بدهن يحصلوها من جيبتنا).
عامل مكنة : كنت عم اشتغل بمعمل جرابات بالمقسم (16) وردية ليلية كل يوم من الثمانية المسا للثمانية الصبح ومن سنتين وأنا عم أطلب زيادة وآخر الشي بقلي المعلم (الله معك) جاب شب صغير محلي عمره 15 سنة وعم يعطيه نص أجرتي فانتقلت للمقسم 14 هاد المعمل أحسن لأنه بضاعته كلها لبرات البلد يعني دفيعة أكتر عالقليلة هيك بصير بقدر أدفع أجرة البيت.
عاملة أمبلاج تقول:عم اشتغل أنا وأختي وأخي الصغير ساكنين بالقبو بمقسم (15) أنا باخد 5 ألاف بالأسبوع وأختي 5 ألاف وأخي 2500 أبي مفقود من 4 سنين وأمي نص عاجزة أجرة السكن عنا 30000 بالشهر وكل رواتبنا يا دوب تطلع 50 ألف فكيف بدنا نعيش وعلى فكرة كل يوم بعد ما خلص شغل بروح بساوي دورة عالمعامل يمكن بلاقي أحسن من هون, عندي رفيقة بالمعمل التاني ساكنة بالمجمع عم تاخد 9 ألاف وعدتني بس يشد السوق لح تشغلني أنا وأخواتي معها لأنو معلمهم ابن حلال رواتبه أعلى وكل يومين بفطرهم على حسابه.