بصراحة: الحركة النقابية و الانتخابات!
يُطرح تساؤل على درجة كبيرة من الأهمية بين كوادر الحركة النقابية، وفي الأوساط العمالية عن إمكانية إجراء انتخابات نقابية بعد انقضاء فترة التأجيل التي أقرتها قيادة الحركة النقابية نظراً لتعذر إجراء الانتخابات بشكل طبيعي كما هي العادة في كل دورة انتخابية بسبب الأوضاع الأمنية السائدة في كثير من المناطق التي تتوضع بها المعامل والشركات، والسؤال الذي يطرح هو:
هل سيجري تأجيل الانتخابات النقابية مرةً أخرى؟ وهل هذا التأجيل إن تم يتوافق مع قانون التنظيم النقابي في المادة السادسة الفقرة /ب/ منه والتي تنص على أن«تكون مدة دورة الانتخابات النقابية خمس سنوات على أن تجري الانتخابات خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء الدورة». واضح من نص المادة السابقة أن لا صلاحيات لقيادة الحركة النقابية في تأجيل الانتخابات النقابية، ومن المفترض التحضير لبدء الانتخابات القادمة، والعمل على انجاحها بالرغم من الظروف الأمنية السائدة الآن لأن إنجاز هذه المهمة بكل تفاصيلها، وخاصةً تلك المتعلقة بآليات الانتخاب وطرقه والشروط المفترض أن تتوافق مع مواد الدستور الجديد وتحديداً مادته الثامنة، وهذا يعني دستورياً أنه من غير الجائز العمل على أساس المادة الثامنة القديمة التي أعطت المبرر لتقاسم الكعكة النقابية بين أحزاب الجبهة دون مراعاة للاتفاقيات الدولية التي نصت على الحقوق والحريات النقابية، وعدم التدخل في الشأن النقابي الداخلي الذي أدى ويؤدي في حال استمراره إلى أن تفقد الحركة النقابية دورها الطليعي في الدفاع عن القضايا الوطنية وحقوق الطبقة العاملة، والتجربة الماثلة أمام العمال تؤكد أنهم فقدوا الكثير من الحقوق المشروعة بفعل الموقف النقابي الذي كان متهادناً مع السياسات الاقتصادية الليبرالية التي عاثت فساداً في البشر والحجر، وأوصلت البلاد والعباد إلى مواقع تحمل درجة عالية من الخطورة يحتاج الشعب السوري إلى جهود مضنية وعمل جبار وتضحية كبيرة كي يتمكن من تجاوز الأزمة بسلام.
إن الشروط الموضوعية متوفرة إلى حد مقبول لكي تتجاوز الحركة النقابية حالة الاستعصاء، والمراوحة في المكان، وخاصةً مع وجود العديد من المواد الدستورية التي تتيح للحركة النقابية والحركة العمالية العمل المستقل خارج إطار الهيمنة، والاحتواء الحزبي، وهذا لا يعني أن الحركة النقابية خارج إطار العمل السياسي، ولا يصادر حق أعضائها في انتماءاتهم الحزبية، بل وجود حزبيين وطنيين في الحركة النقابية والعمالية من مختلف الأحزاب الوطنية السورية هو دليل صحة، وحيوية وتنوع في الرؤى ووجهات النظر، والقبول بذلك يعبر عن عقل وفكر وتوجه الطبقة العاملة الأصيل الرافض لكل أشكال الهيمنة والاستغلال الواقعين عليها منذ عقود.
قوى عديدة تراقب ما يجري داخل الحركة النقابية والعمالية من جدل ونقاش، وحراك سياسي، حتى وإن لم يطفُ على السطح بشكل واضح، ولكنه جار كما هو جار في المجتمع، ولكن هنا يبدو أكثر وضوحاً، وتم التعبير عنه بأشكال مختلفة لسنا بصدد استعراضها الآن، وما نود قوله بهذا الصدد«المراقبة» لأن بعض القوى السياسية تسعى باتجاه العمل على شق الحركة النقابية، أو تأسيس حركة آخرى مستقلة «حرة» تحت شعار الاستقلالية في العمل النقابي، ورفض الهيمنة كما جرى في العديد من البلدان العربية، وخاصة مصر، وتونس مستفيدين من واقع الحركة النقابية، ودورها الضعيف في الدفاع عن حقوق ومطالب الطبقة العاملة مستفيدين من الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوربي للمنظمات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني، وخلف كل ذلك هو الاتحاد الحر الذي أحد أعضائه الفاعلين النقابات الصهيونية«الهستدروت» والتي من مصلحتها شق وإضعاف دور النقابات في الدفاع عن القضايا الوطنية والطبقية.
إن دفع العمل النقابي والعمالي إلى مواقع متقدمة تقطع الطريق فيها على كل من يريد تفتيت أو إضعاف الحركة النقابية، وشل قدراتها الجبارة يكون في تبني الحركة النقابية للحريات النقابية والديمقراطية ، التي منها:
حق الإضراب والتظاهر السلمي للطبقة العاملة.
حق العمال باختيار من يرونه مناسباً للدفاع عن حقوقهم المشروعة.
استقلالية الحركة النقابية ورفع الوصاية عنها.