خطة برنامج تشغيل الخريجين الشباب.. 25 ألف فرصة عمل لن تحل المشكلة!

تشهد مختلف دوائر الدولة ومؤسساتها حركة كبيرة بعد البدء بتسجيل الشباب على مسابقة فرص العمل المتاحة في خطة برنامج تشغيل الخريجين الشباب في الجهات العامة لعام 2012، والتي يبلغ مجموعها /25/ ألف فرصة تم توزيعها على مختلف الوزارات.

وحسب عدد من الخبراء الاقتصاديين فإن نسبة البطالة في سورية بنحو 20%، مع تزايد ملحوظ في الآونة الأخيرة، حيث يعاني المواطنون السوريون من أوضاع اقتصادية صعبة مع فقدان العديد منهم عملهم ووظائفهم بسبب تأثر الاقتصاد بأعمال العنف والحالة الأمنية الصعبة التي تعيشها البلاد، ترافق ذلك مع ارتفاع جنوني للأسعار ونقص في مواد المحروقات، ما زاد من أعباء المعيشة لأغلبية الشعب السوري وعلى وجه الخصوص لأكثر من ثلاثة ملايين نازح تركوا مدنهم ومنازلهم، إضافة إلى عقوبات دبلوماسية واقتصادية دولية أحادية الجانب جاءت بكاملها على كاهل الشعب أولاً وأخيراً.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل 25 ألف فرصة عمل ستحل مشكلة البطالة في سورية وخاصة شريحة الشباب منهم؟!.

إن القوة العاملة في سورية تنمو بمعدل 300 ألف طالب علم سنويًا، وهي تعتبر من أعلى النسب في المنطقة يقابلها ضعف القدرة على خلق الوظائف في سوق العمل، وهو ما يؤدي إلى تسارع وتيرة الهجرة نحو الخارج، سيّما في أوساط الشباب إذ أنّ 75% من العاطلين عن العمل في البلاد أعمارهم أقل من 25 عامًا، علماً أن البطالة وحسب التقديرات الحكومية لعام 2005، كانت تبلغ 8.4% في حين نجد

 أن النسبة قد انتقدت من جهات مستقلة وقدرتها بنحو 12%، وأخرى قدرتها بأكثر من ذلك بكثير، يضاف إلى ذلك أن 35% من خريجي الجامعات يعملون في غير اختصاصهم، مع «فشل» مكاتب التشغيل والهيئة العامة لمكافحة البطالة من الحد في هذه الظاهرة، يضاف إلى ما سابق انتشار ظاهرة «البطالة المقنعة» سيّما في القطاع العام.

كيف ستحل الحكومة مشكلة البطالة بهذا الرقم المتواضع والمجتمع يعاني من فجوة اقتصادية كبيرة للغاية بين الطبقة الوسطى والطبقة الغنية، فعلى سبيل المثال فإنه وبعد السماح للقطاع الخاص الاستثمار في مجال التعليم وتأسيس مدارس خاصة، فإن رسوم التسجيل في بعض هذه المدارس يبلغ 4600 دولارًا أي ما يعادل نصيب أربع مواطنين من حصة الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، الذي قدر و«بإحصاءات متفائلة» بحوالي 1200 دولارًا للفرد، وكانت الحكومة العتيدة وقبل أن تسلم أمرها وترحل قد وضعت ضمن أهدافها في «الخطة الخمسية الحادية عشرة» تخفيف حدة الفقر والفروقات بين طبقات المجتمع، غير أن ما يعيق أي عملية تنمية هو الفساد، لأن ما كشف من حالات الفساد في العام 2010 وحده كان يكلف الدولة 10 مليون ليرة يوميًا، لذلك فإن السؤال الآخر الذي يطرح هو: كيف ستعطل آليات الفساد حتى في عملية التشغيل في وقت نجد أن دائرة حكومية بعينها لم تطلب سوى 80 فرصة عمل بينما وصل عدد المتقدمين للمسابقة للآلاف؟!.

كل ما يحصل الآن نتيجة غياب الشفافية في إعطاء الأرقام الحقيقية لطالبي فرص العمل أو لأي رقم إحصائي، وإذا رجعنا إلى الوراء قليلاً ولأحدى تصريحات حكومة العطري الراحلة حول أرقام النمو، كانت تؤكد أن نسبة النمو بلغت 6-7% بينما كشف لاحقًا أنها لم تتجاوز 3.5% حسب حكومة سفرالتي جاءت بعده.

يذكر أن الحكومة أصدرت العام الماضي قرارا يقضي بإحداث برنامج يسمى «برنامج تشغيل الخريجين الشباب» في الجهات العامة، وتكليف الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات بإدارة البرنامج، حيث يحدد عدد المتعاقدين المستفيدين من البرنامج سنويا بما لا يتجاوز 10 آلاف مستفيد ولمدة 5 سنوات، وعلى ذمة المسؤولين على تشغلهم من الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات فقد بلغ عدد المستفيدين من برنامج تشغيل الشباب نحو 9400 خريج أي إن نسبة التنفيذ بلغت نحو 94%، وجاءت «وزارة التربية» في المرتبة الأولى في حجم طلب الخريجين بطلبها نحو 5 آلاف فرصة ووظف منهم فعليا أكثر من 4800 عامل.

من حسنات المشروع أن المشمولين في البرنامج يستثنون من الدور في مكاتب العمل، لكن الغرابة في المشروع ان هؤلاء يبقون خارج الملاك العددي للجهات العامة، وينتهي عقدهم بانتهاء فترة التعاقد القابلة للتجديد حسبما تقرر تلك الجهات ويخضع المستفيدون لقانون العمل الأساسي، بالإضافة لقرار رفع الحد الأقصى للسن من 30 إلى 35 عاما.

ماذا يعني هذا؟ إنه بالمختصر سيكون امتحاناً آخر للاتحاد العام لنقابات العمال بعد سنة من الآن للدفاع عن هؤلاء الشباب الذين سينهى عقدهم بمجرد انقضاء الفترة، باستثناء أصحاب الوساطات، أو من يدفع أكثر ليبقى مستحوذاً على فرصته في العمل لعام آخر إن استطاع الوصول لذلك سبيلا؟!.