الحصار والاحتكار وجهان لعمله واحدة
الحصار الاقتصادي المفروض على سورية منذ بدء الأزمة له نصيب مهم في تضييق الخناق على شعبنا من حيث توفر المواد الأساسية التي يحتاجها في غذائه اليومي، وما كان هذا ليحدث لولا السياسات الانفتاحية التي تمت مع الغرب مما أدى إلى ربط الاقتصاد السوري برمته «تقريباً» مع هذه الأسواق الأمر الذي جعل الاقتصاد الوطني يتأثر تأثراً خطيراً بالحصار الجائر المفروض، وبالتالي انعكاسه على قدرة الدولة على تأمين الحاجات الضرورية للمواطنين من خبز، وغاز، ومازوت، وغيره من الحاجات الأخرى التي أصبح تأمينها يشكل عبئاً مضافاً للأعباء الأخرى التي يعاني منها شعبنا وخاصةً الفقراء منهم المكتوين بنار الأسعار المتحكم بها من كبار الفاسدين والمحتكرين المسيطرين على الأسواق والمخازين من البضائع، وهذا الفعل الشائن يصب في طاحونة الحصار
ويكمله من حيث النتائج المراد الحصول عليها ضمن الخطط السياسية الموضوعة أمريكياً حتى يوصلوا الشعب السوري إلى تلك اللحظة التي يقبل بها بأي حل يخلصه من أزمته الطاحنة التي يعيش فيها قرابة العامين تحول فيها إلى مهجر ومتسول ومشرد ليس له مأوى ولا عمل يغنيه عن طلب المساعدة، والإغاثة المقدمة له من المنظمات الأهلية، والهلال الأحمر إذا حالفه الحظ، وحصل على تلك المعونة التي لا تسد الرمق، ولا تغني من جوع، وبالنسبة للدواء، والعلاج فحدث عن ذلك ولا حرج، ولكن السؤال الذي يتردد على كل لسان من المكتوين بنار الأزمة، وهو موجه إلى الحكومة بالدرجة الأولى، وإلى كل القوى الوطنية والشريفة، وما أكثرها في بلادنا: أليس من طريقة نسير عليها لكسر الحصار الشيطاني المفروض علينا؟ أليس من وسيلة لمواجهة المحتكرين وتجار الأزمات؟!.
لقد تبنت الحكومة في بيانها الوزاري الحد من ارتفاع الأسعار، وتخفيف آثار الأزمة على المواطنين، ولاحقاً قالت إنها ستضرب بيد من حديد على كل من يتلاعب بقوت الشعب من خلال قرارات صارمة اتخذتها لهذه الغاية، ولكن المكتوين بنار الأزمة لم يروا طحناً!! بل يشاهدون على وسائل الإعلام جعجعةً ترفع منسوب عدم الثقة المتراكم أصلاً بين الحكومات وفقراء الشعب السوري ليزداد مع كل تصريح أو قرار تتخذه الحكومة له علاقة بشكل البيان الوزاري الذي تقدمت به لمجلس الشعب، وليس بمضمونه الواضح والصريح من حيث الأهداف والمرامي، مما يطرح تساؤلاً أخر عن قدرة الحكومة على تنفيذ بيانها منذ لحظة إعلانه وحتى الساعة، وهذا يستدعي من مجلس الشعب مساءلة الحكومة في العلن وأمام وسائل الإعلام عما هو منفذ من بيانها الذي جرى التوافق عليه، وهذا المطلب الهام والضروري هو برسم أعضاء مجلس الشعب الممثلين للعمال والفلاحين البالغة نسبتهم 51% من أعضاء المجلس وهم الأغلبية، ومن المفترض أن يكون صوتهم مسموعاً تجاه المطالب المحقة لمن يمثلونهم، وخاصةً الجانب المعيشي الذي تردى مع النزوح الواسع، والتهجير في المناطق الساخنة بكل امتداداتها.
إن الحلول المطروحة لتخفيف وطء الأزمة من الحكومة تصطدم بجدار صلب تمثله قوى النهب والفساد التي لا مصلحة لها بالخروج الآمن من الأزمة عبر الحل السياسي والحوار «المفترض» البدء به، وهذا يتطلب من القوى السياسية الوطنية وفي مقدمتها الحركة النقابية التحرك السريع في مواجهة الجبهة الأخرى المعتدية على قوت الشعب التي هي جبهة متراصة الصفوف مستفيدة من ظروف الأزمة التي جزء منها الحصار الاقتصادي كي تمعن في نهبها واحتكارها للقمة الشعب، بينما القوى المفترض أنها تدافع عن لقمة الشعب وحقوقه تقف مكتوفة الأيدي لا حول لها ولا قوة، مع العلم أنها تملك من الإمكانيات الشيء الكثير، وسيساندها فقراء الشعب السوري إذا ما استطاعت تنظيمه، والتعبير عن مطالبه، وحقوقه لتتشكل بذلك جبهة عريضة مقاومة لجبهة قوى الفساد الكبير ومن لف لفهم، الساعين لتسليم البلاد والعباد لسيدهم الأمريكي مستفيدين من الظروف السياسية الناشئة دولياً المطالبة بحل سياسي للأزمة السورية، حيث تسعى قوى الفساد أيضاً إلى حل سياسي، ولكن عبر توافق طائفي على الطريقة اللبنانية أو العراقية.
إن الظرف الموضوعي مهيأ الآن لشن هجوم معاكس واسع على مكونات الفساد الكبير السياسية منها والاقتصادية، وذلك بـ:
1-أن يعلن العمال الاستيلاء على الأصول الثابتة للشركات النفطية الأجنبية التي فرضت دولها الحصار على بلدنا، وإعادة تشغيلها لمصلحة الاقتصاد السوري.
2-أن تدعم هذا الإجراء الحركة النقابية، والقوى والأحزاب الوطنية 3-دعوة الحركة النقابية الأحزاب والقوى المعادية للمشروع الامبريالي الأمريكي بما فيها العمال العرب لمقاطعة البواخر والشركات الأجنبية التي تقوم دولها بفرض الحصار الاقتصادي على سورية.
4-دعوة النقابات في أوروبا للوقوف إلى جانب الشعب السوري ومساندته بفك الحصار.
5-الضغط على الحكومة والقوى الممانعة للتوجه شرقاً من أجل تفعيل هذا التوجه بشكل حقيقي لأنه المخرج الوحيد لكسر الحصار الجائر.
6- تفعيل دور النقابات السورية في المراقبة والتوزيع للمواد الأساسية، والتي تملك في المعامل مراكز توزيع للمواد الأساسية من المفترض تفعيلها مرة أخري لكسر الاحتكار الداخلي للمواد.
و أخيراً لنشكل أوسع جبهة شعبية مقاومة للحصار والاحتكار، والشعب بعماله وفلاحيه سيساندنا ويكون عمادها الأول والأخير.