العمال ومطالبهم الصغيرة
لوح صابون، ليتر حليب، كرسي، ومياه للشرب وغيرها.. مفردات بسيطة قد لا تحمل معانٍ أو مغزى لمن يبحث عن ارتباط بينها، هي في الحقيقة مجرد أشياء بسيطة يفتقر إليها كثير من العمال، ممن يقضون ثلث ساعات يومهم على الأقل في أماكن عملهم، وهي معامل ومنشآت تزود الأسواق السورية بقسم لا بأس به من احتياجاتها، في حين أن أغلب العاملين فيها يفتقرون إلى أبسط مقومات الراحة أو النظافة أو حتى السلامة التي يفترض ألا يخلو منها أي تجمع بشري.
أضعف الإيمان..
كثير من العمال ما عادوا يطالبون بتلك الحقوق التي قد يصعب الحصول عليها، إذ يئسوا من تحصيل حقوقهم الأساسية مثل الزيادة في الأجور أو التعويضات أو تلقي الطبابة الضرورية وتأمين المواصلات وغيرها- وهي مطالب محقة بالأحوال كلها- بل باتت مطالبهم متواضعة تقتصر على أشياء بسيطة هم بأمس الحاجة إليها في معاملهم وأماكن عملهم.
حتى ماء الشرب
عمال معمل كنار للمناديل الورقية في ريف دمشق خير مثال عن العمال الذين يفتقدون أبسط احتياجاتهم، إذ سبق لهم أن طالبوا إدارتهم بتأمين مياه للشرب لكي لا يتحملوا مشقة جلب الماء معهم، كما طالبوا بحقهم في كراسٍ يجلسون عليها أثناء عملهم لحماية أنفسهم من مضاعفات الوقوف لساعات طويلة، وأثر ذلك على صحتهم، مع العلم أن ملاك الشركة يبلغ تسعةً وعشرين عاملاً فقط، إلى جانب نحو ستين عاملاً ندباً، أي أنه ما من تكلفة كبيرة ستترتب على توفير هذه المتطلبات البسيطة.
ليست توفيراً
تأمين ألواح الصابون ليتمكن العمال من غسل أيديهم بعد إنهاء عملهم، الذي يفرض عليهم التعامل مع المواد الكيماوية الخطرة، مطلب حمله أحد ممثلي العمال إلى مؤتمر الاتحاد المهني لعمال النفط والصناعات الكيمياوية والذي عقد منذ عدة أيام، إذ دعا كمال رضوان من نقابة عمال النفط في حمص إلى تأمين استحقاقات العمال من المنظفات اللازمة للنظافة الشخصية، وهي الصابون وسائل الجلي، فهم عمال صناعة نفطية ومع ذلك ليس لديهم ما يغسلون به أيديهم من المشتقات أثناء عملهم، حيث أن الامتناع عن صرف كيلو غرام صابون أو نصف كيلو غرام من سائل الجلي لن يحقق وفراً على الإدارات بل على العكس، ذلك أن الإدارة ستكون مضطرة لدفع أضعاف هذا المبلغ قيمةً لطبابة يفترض أن تقدمها لمن سيحتاجها من العمال المتضررين، في ظل غياب أبسط مقومات السلامة.
التدفئة أيضاً
لم يكن الشتاء يسيراً على عمال عشرات المعامل السورية، إذ عملوا ساعات طوال في ظروف البرد القارس، في معامل تفتقر إلى أية وسيلة تدفئة، وبعضها يفتقر حتى إلى نوافذ مغلقة ترد الرياح الباردة في قاعات عمل مترامية الأطراف.
وعن القفازات
تعتبر القفازات الواقية جزءاً لا يتجزأ من اللباس العمالي، ولاسيما عند التعامل اليدوي المباشر مع المواد الكيميائية، هي حاجة لم تجد سبيلاً إلى كثيرٍ من العمال في مصانع المنتجات الكيمياوية مثل عمال شركة سار للمنظفات، حيث بإمكان أي زائر أن يرى العمال، بمن فيهم المسؤولون عن تعبئة مادة الكلور المنزلي، يقومون بعملية التعبئة يدوياً وبيدين عاريتين.
طريقٌ طويل
مطالب كثيرة تطرح على الدوام، تحمل في أعماقها مشاعر الأسف، لأنها وعلى بساطتها لا تجد آذاناً صاغية، وتنضم إلى قافلةٍ من المطالب الملحة التي حرم منها عمالنا بعد أن سعوا في سبيلها طوال عقود، ما يعني أن مسيرة النضال العمالي ما تزال بعد في بداياتها.