بصراحة:النقابات في ذكرى تأسيسها
كل عام تمر ذكرى التأسيس على الطبقة العاملة السورية، كغيرها من المناسبات، دون أن تترك أثراً ما في الأذهان أو النفوس. ولهذا الوضع أسبابه الموضوعية التي راكمتها السنون من خلال التجربة التي عاشتها الحركة العمالية، من حيث حقوقها المتعددة «الاقتصادية والديمقراطية» التي جرى الهجوم عليها، عبر مراحل مختلفة، وبشعارات ظاهرها غير باطنها، كان لها دوراً في تحييد الطبقة العاملة وتقييدها، الذي كان في مراحل سابقة محوري في الحراك السياسي والاقتصادي. مما جعلها رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه، وهذا لم يكن بدون ثوابت أساسية، عند الحركة النقابية، تستند إليها في نضالها اليومي من الإعلان عن مواقفها، في مقدمتها حفاظها وتمسكها باستقلاليتها الحقيقية، وليست الشكلية.
لقد بدأ تحجيم دور الحركة النقابية منذ نهاية الخمسينات حيث تم استبعاد القيادات الحقيقية للطبقة العاملة، التي استمدت شرعيتها من علاقتها الكفاحية مع العمال، وقدرتها على الدفاع عن حقوق ومصالح الطبقة العاملة، وهذا السلوك، تجاه القيادات النقابية، كان يستند على شعارات تعبر عن مصلحة الطبقة العاملة شكلاً؛ بأن المعامل التي أممت للعمال، وأن العمال هم أصحاب القرار في معاملهم، وأن حقوقهم مصانة ومكفولة بحكم القانون النافذ، وهو القانون 91 لعام 1959. حيث منع هذا القانون حق الإضراب على الطبقة العاملة، وبقي هذا المنع إلى يومنا هذا، رغم إقرار الدستور له ولكن بقي على الورق فقط؛ تمنعه قوة العطالة للمادة الثامنة في الدستور القديم، بالرغم من الضرورة القصوى لهذا الحق، مع تبني جميع الحكومات جميعها للسياسات الاقتصادية الليبرالية، التي منحت، وبقوة القانون وممارسات أخرى مرافقة له، حرية واسعة لقوى رأس المال في عملية الاستثمار الوحشي لقوة العمل، التي لا تملك أدنى شكل من أشكال التعبير عن وجعها الحقيقي، في أن أجورها الحقيقية لا تكفي حتى لإعادة إنتاج قوة عملها، كيما تستمر في إنتاجها.
إن الطبقة العاملة التي صنعت أدواتها في السابق «وحدتها التنظيمية، استقلاليتها، حقها بالإضراب والتظاهر السلمي» ستتمكن من إعادة البناء مرةً أخرى. وهذا منطق الأشياء.