في إنتظار اللباس العمالي!
سمر علوان سمر علوان

في إنتظار اللباس العمالي!

هو واحد من الحقوق التي بات كثيرٌ من العمال السوريين يفتقدونها، منذ بدء الأزمة، أو حتى قبلها، بحجة انعدام السيولة وقلة الأرباح لدى المنشآت الصناعية والخدمية، وهو مطلب لا يخلو منه ملتقى أو مؤتمر عمالي، إنه اللباس العمالي الذي أصبح بالنسبة لآلاف العمال حقاً ضائعاً، وحلماً بعيد المنال.

لطالما طالب ممثلو العمال، في مؤتمراتهم السنوية، بحقهم في اللباس العمالي أو ببديل نقدي عادل له، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومنذ بداية العام الحالي شهدت المؤتمرات العمالية مطالبة واسعة به، ففي حمص طالب عمال نقابة الدولة والبلديات بتأمين اللباس العمالي لعمال النظافة، كما طالب به أيضاً عمال الاسمنت والبناء، وعمال الصناعات المعدنية والكهربائية، وفي حماه طالب به عمال مديرية الموارد المائية، وتكرر المطلب ذاته بالنسبة لعمال الكهرباء في الحسكة، وعمال شركة الرخام في اللاذقية، في حين دعا ممثلو عمال الكهرباء في  دمشق إلى رفع قيمة بدل اللباس الممنوح لهم، والحالات المشابهة كثيرة.

حقٌ لا ترف

يشكل اللباس العمالي واحداً من أساسيات السلامة المهنية للعامل، ويمكن أن يشمل لباساً كاملاً، وحذاء وخوذة وقفازات، وواقيات الغبار والضجيج.. إلخ، وذلك تبعاً لنوعية العمل الذي يؤديه العامل والمخاطر التي يحتمل أن يتعرض لها، وهو على ذلك ليس حالة ترّفية يمكن الاستغناء عنها، بل حاجة ضرورية تفرضها شروط العمل نفسه.
عمال الشركة العامة للطرق والجسور في دمشق مثلاً جزء من تلك الشريحة العمالية المحرومة من هذا الحق، فهم لا يحصلون على اللباس العمالي رغم أنهم في أمس الحاجة إليه، ذلك أنّ تعاملهم مع الأجزاء المعدنية، وما تتركه على الأرض من مخلفات حادة، يمكن أن يعرضهم للأذى، لأن الأحذية العادية التي يرتدونها ليست مزودة بنعل متين مهيأ لحماية قدم العامل من المسامير والأشياء الحادة بشكل عام.

أعذار معدة سلفاً

بالنسبة لأرباب العمل، اعتباراً من الادارات في المؤسسات والشركات العامة مروراً بوزارة المالية وانتهاءً بالحكومة، فالأعذار حاضرة دائماً، فالبعض يتذرع بأن الإمكانات المادية للمنشآت لا تسمح بتأمين اللباس العمالي أو البدل النقدي في موازناتها، بحجة الأزمة وما أفرزته من تداعيات وغيرها من الحجج والذرائع، ويجادل البعض الآخر بأن العامل، حتى وإن حصل على لباسه وحذائه فإنه يبيعهما، وينتفع بثمنهما بدلاً من استخدامهما.
ولكن إذا كان العامل قد وصل بالفعل إلى حد بيع ثيابه، أليس ذلك وحده كفيلاً بأن نتخيل حجم المعاناة والضائقة الاقتصادية التي يعانيها!، أم أنه مجرد عذر للتنصل من الالتزامات؟.
في الحالتين كلتيهما من الواضح أن العامل هو وحده  من يدفع الثمن.
وأحياناً يأتي الفساد أيضاً ليكمل المعاناة ويزيد الطين بلة، عبر لجان الاستلام والتسليم، والتلاعب بالإيصالات وأسماء المستحقين، وغيرها الكثير من الأساليب التي تضيع عبرها بعض الحقوق للعاملين.

البدل النقدي

ويحصل العامل في بعض الحالات على بدل نقدي للباس العمالي، وهو في غالب الأحيان بدل زهيد، لا يفي باحتياجات العامل الحقيقية، مثل الشركة العامة للصناعات التحويلية في دمشق، والتي تقدم بدلاً نقدياً قيمته 3500 ليرة فقط، علماً أن هذا السعر لا يغطي قيمة بنطال بأسعار السوق.

المطالبة بالحقوق ستستمر

وعلى الرغم من ذلك ما زالت المشكلة تكمن في المبررات والمسوغات سابقة الذكر والتي تمنع توفير متطلبات وحقوق العمال المختلفة، كالوجبة الداعمة وباصات المبيت واللباس العمالي أو بدله النقدي وغيرها من حقوق كثيرة يفتقدها عمالنا اليوم.
وبالمقابل ستستمر المطالبات العمالية قائمة، وإن دورت من عام لآخر، إلى أن يحصل هؤلاء على حقوقهم كاملة دون نقصان.

منفعة متبادلة

الجدير بالذكر أن الحكومة أصدرت بتاريخ 18/5/2014 تعميماً إلى جميع الوزارات والمؤسسات والشركات والجهات العامة بتأمين اللباس العمالي، لجميع العاملين لديهم، من شركتي الألبسة الجاهزة بدمشق «وسيم» والشركة الصناعية للملبوسات بحلب «زنوبيا و شمرا»، التابعين للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية، وذلك بموجب اتفاق مباشر دون أي وساطة، وكان التعميم قد صدر بهدف تنشيط الصناعات النسيجية التابعة للقطاع العام، وتحقيق منفعة متبادلة للطرفين، كما يفترض، وبغض النظر عن تدني المواصفة والجودة لمنتجات هاتين الشركتين، التي يشتكي منها العاملين المستفيدين من الكساء العمالي دائماً، إلا أنهم مع تنفيذ هذا التعميم إن كان سيعيد لهم بعض حقوقهم.