من الأرشيف العمالي: قصور.. على حساب لقمة أطفالنا
من إنذار غورو إلى إنذار باول، التاريخ يعيد نفسه وما أشبه الظروف الدولية والعربية للإنذارين.. فسورية بعد الثورة العربية الكبرى كانت القاعدة الأولى الواعدة لحركة التحرر العربية،
وسورية اليوم هي مفتاح المنطقة وأي مخطط إمبريالي لايمكن استكماله دون تطويعها، لأنها الحاضنة الأساسية للقوى المناهضة للسياسة الإمبريالية والصهيونية ولاسيما بعد تفشي الخيانة والهرولة منذ السادات وحتى القذافي.. وسورية في الظرفين وحيدة عربياً.. ورسمياً على الأقل، وهناك الكثير من أوجه التشابه بين ظروف وشروط الإنذارين حتى على الصعيد الداخلي، لدينا المشككون والانتهازيون، ومن يتطوعون لجر عربة «العولمة والأمركة». وفي يومنا هذا صراع بين اتجاهين أساسيين يعكسان مجرى الصراع الطبقي في البلاد وهما: اتجاه قوى السوق الكبرى الملتحقة ببرامج العولمة المتوحشة والاتجاه النقيض الذي يعكس المصالح الوطنية ومصالح الجماهير الشعبية في البلاد.
لقد استطاعت سورية بفضل وحدتها الوطنية أن تنتصر على الاحتلال الأجنبي حيث كانت الوحدة الوطنية مثالاً يحتذى به فكل يأخذ بدوره، العمال والفلاحون وأحزابهم موحدون في نضالهم إلى جانب البرجوازية الوطنية آنذاك حيث لعبت دوراً هاماً إلى جانب كل القوى الشريفة حيث قدمت وتقدمت في المعارك الوطنية.
وإذا كان اليوم أشبه بالأمس فما الذي نحتاجه حتى ننتصر كما انتصرنا في السابق. هل نحتاج إلى أمركة حسب ما تريد قوى السوق والسوء الذين ينهبون البلاد والشعب والذين يعملون على تقويض اقتصادنا الوطني خدمة لمصالح الشركات المتعددة الجنسية وعلى حساب صناعتنا الوطنية، أو نحتاج لوحدة وطنية حقيقية منيعة على أساس برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي ديمقراطي يعبر عن مصالح الجماهير الشعبية صاحبة المصلحة الحقيقية في الصمود، هذا البرنامج الذي يتطلب منا جميعاً أن نتفق على أولويات الإصلاح الاقتصادي بشكل واضح وصحيح حيث يحدد حجم الفاقد من الاقتصاد الوطني الذي يسببه النهب الكبير حجماً وموقعاً والعمل على إغلاق كل منافذ النهب.
إنّ الذين آثروا مصالحهم الخاصة على مصلحة الوطن، ونفذوا بشكل غير مباشر وصفات بيوتات المال الغربية ولاسيما تلك التي تتعلق بتجميد الأجور والتي انعكست سلباً على التطور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، مما أدى إلى وجود نسبة كبيرة من الأمّيين رغم إلزامية التعليم في سورية، ونسبة أكبر بكثير من العاطلين عن العمل.
نعم لقد بنت القلة قصورها ومشاريعها على حساب لقمة أطفالنا ومستقبلهم ونسبة النهب تتجاوز 25% من دخلنا الوطني، ولا بد من بناء تنمية اقتصادية مستقلة حقيقية، وهذا يتطلب أن تأخذ الحركة النقابية دورها فهي المعبر عن مصالح العمال والمدافع الأمين عن حقوقهم المشروعة.
قاسيون العدد 219 نيسان 2004