الحركة العمالية السورية والتجذر الطبقي
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

الحركة العمالية السورية والتجذر الطبقي

نظرة موضوعية وبعيداً عن المزاودات، لقد أثبتت الطبقة العاملة السورية وحركتها وتنظيمها النقابي، أنها الأكثر تماسكاً خلال الأزمة والحرب التي يعيشها الوطن منذ خمسة أعوام، وذلك بالمقارنة مع غيرها من المنظمات والتنظيمات، وذلك بسبب تجذرها وإرثها النضالي.

فعلى المستوى العملي كان للطبقة العاملة السورية الدور المفصلي والهام في استمرار عمل الدولة بمؤسساتها الاقتصادية والخدمية الوطنية كافة، على الرغم من الضربات الموجعة التي أصابت تلك المؤسسات، اعتباراً من أشكال الدمار للبنى التحتية الواضح للعيان بالمرحلة الراهنة، مروراً بالقرارت والتوجيهات الحكومية السلبية خلال الأزمة، وليس انتهاءً بالسياسات العامة المتبعة منذعقود التي أضعفت وتضعف تلك المؤسسات يوماً بعد آخر، وخاصة على مستوى القاعدة والركيزة الأساسية لها وهي القطاع العام والطبقة العاملة السورية.

مساعي للهيمنة والإضعاف

وعلى الرغم من ذلك نرى من يحاول ويسعى إلى استكمال إضعاف دور تلك المؤسسات وخاصة العامة منها، عبر إضعاف دور المدافعين عنها المتمثلين بالطبقة العاملة وتنظيمها النقابي، وذلك اعتباراً وخاصة بأسلوب ونمط الهيمنة الذي بات فاقعاً ويجب التوقف عنده بكل جدية وحزم، فمن غير المقبول أن تخضع الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي لأي شكل من أشكال فرض الهيمنة عليها وعلى توجهاتها ولا على أدواتها ووسائلها، وخاصة بهذه المرحلة وبهذه الظروف، والتي أثبتت فيها ومن خلالها الطبقة العاملة بأنها صمام الأمان، وخاصة تلك الموجودة في مؤسسات ومعامل القطاع العام، بما لايدع مجالاً للشك بولائها وانتمائها الطبقي والوطني.

حكومة من؟

الطبقة العاملة لم تعد تغرها عبارات المديح المدبجة التي تبثها الحكومة لها، كما لم تعد تخدع بعبارات الصف الواحد والخندق الواحد معها، فقد أثبتت الحكومة بما لايدع مجالاً للبس والشك بأنها في غير خندقها الطبقي، بل هي في الخندق الطبقي الآخر، الذي يفرغ جيوبها و يهدد مستوى عيشها ومستقبلها، وهي تدرك أهمية التجذر الطبقي الآن وفي هذه المرحلة تحديداً لأن المستقبل لن يرحمها، كما لن يرحم الوطن، فالطبقة العاملة كانت ومازالت هي الحامي والمدافع الحقيقي والأساسي عن الوطن في الخندق الداخلي، كما هي مؤسسة الجيش في الخنادق الدفاعية والهجومية الأولى في وجه الأعداء.

لقد عملت الحكومة خلال عقود على وضع التشريعات والقوانين الكفيلة بالانقضاض على مصالح الطبقة العاملة وقطاعها العام على وجه الخصوص، عبر انتهاجها لليبرالية اقتصادياً واجتماعياً في سياساتها، وقد عززت ذلك خلال فترة الأزمة، وعلى عجالة، في ظروف الحرب القائمة وتداعيتها، وما زالت تستكمل تلك التشريعات حتى تاريخه، بذرائع وحجج وتذاكي بالعناوين، ولمصلحة أصحاب الجيوب الكبيرة والمتسعة، من تجار وفاسدين كبار، وقد باتت ومنذ زمن في خندقهم، وتعمل لحسابهم.  

حق استخدام الأدوات والوسائل

يجب ألا يغيب عن الطبقة العاملة والقادة النقابيين أهم سبب ومقوم من مقومات القوة للحركة العمالية والمتمثلة بوحدة الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي، والتجذر الطبقي والنضالي لهذه الطبقة، كما حسن استخدام كافة أدواتها ووسائلها في الدفاع عن مصالحها الطبقية المرتبطة جذرياً بالمصلحة الوطنية، اعتباراً من وسائل الفضح والتعرية بكل جرأة وجدية وبكل الأدوات والأساليب خاصة، وأن تلك الأدوات والوسائل باتت حقوقاً مصانة للطبقة العاملة من خلال نضالاتها وتضحياتها وصمودها عبر عشرات السنين، ودستورياً ايضاً.