في مجلس الاتحاد العام للعمال.. ماذا نريد من الحكومة؟! أم ماذا تريد منّا؟!
على مدى يومي الأحد والاثنين بتاريخ 23-24/8 /2015 انعقد مجلس الاتحاد العام لعمال سورية، وقدم أعضاء المجلس مداخلات ساخنة امتدت من مناقشة السياسات الاقتصادية للحكومة، إلى طرح مسائل سياسية وخدمية، وصولاً للأوضاع العمالية، والمقترحات العملية..
قاسيون ستستعرض أهم مضامين المداخلات النقابية في اليوم الأول، وجزء من اليوم الثاني، بينما سيكون الرد على الردود الحكومية والسياسية في اليومين في موضع آخر.
قيّم العمال جوانب السياسة الاقتصادية، من جوانبها الأهم السياسة النقدية، وحماية الليرة، رفع الأسعار أو عقلنة الدعم ومستوى معيشة العمال، وصولاً إلى تقييم التشاركية كنهج عام للحكومة، وخاص لوزارة الصناعة في تأهيل المنشآت العامة.
الاستمرار بالفشل..
النقابية بلسم ناصر تساءلت عن السياسات النقدية وتفريغ العملة النقدية من قيمتها، عبر إجراءات عديدة بدءاً من السماح بشراء 10آلاف دولار في بداية الأزمة، وصولاً إلى عمليات التدخل، التي جعلت التجار والصرافين ينهبون المجتمع والدولة، (فلماذا الاستمرار بهذه السياسات التي أثبتت فشلها؟)، أما حول السياسة المالية الضريبية فقد تساءلت الناصر (لماذا يدفع العامل ضريبة دخل أكثر من التاجر مطالبة بالعدالة الضريبية).
المحاصيل الاستراتيجية بخطر..
فهمي إيليا رئيس اتحاد عمال الحسكة، تحدث عن المحاصيل الزراعية الاستراتيجية رابطاً تراجع تسليمها في هذا العام، باحتمال تراجع إنتاجها في العام القادم، وتحديداً مع بحث المزارعين عن زراعات بديلة أكثر ريعية لهم، «ففي هذا العام وصل للحكومة 300 ألف طن فقط في الحسكة، بينما إنتاج المحافظة بين 700 و800 ألف طن، والباقي بقي لدى الفلاحين، وربما في العام القادم لن يتجاوز الإنتاج 200 ألف طن بعد دخول وتوسع محاصيل أخرى) مشيراً إلى أن معالجة مسألة استلام الأقماح ونقلها، تتطلب جدية أعلى، والبحث في إشكاليات التسليم مشيراً أن (المعالجة لا تكون بإعفاء مدير عام الحبوب أو الوزير فقط!..».
(الاعتماد على الذات) أم انتظار التمويل!
يؤكد أغلب النقابيون على ضرورة الإقلاع الحقيقي بسياسة (الاعتماد على الذات) وتوسيع الإنتاج، مشيرين إلى الأمثلة التي تدل على سياسة معاكسة لذلك.
سامي أمين رئيس اتحاد عمال حمص، بعد أن تحدث عن اتساع تهريب الثروة الحيوانية، طالب بدعم أوسع للصناعات الخفيفة، متحدثاً عن واقع الورشة المركزية لقطع التبديل في حمص، ليؤكد بأنه (لدينا الإمكانات لكننا نحتاج لدعم الجهات المختصة..)
أشار نقابيو حمص في السياق ذاته، إلى نموذج ما حدث في مطحنة تلكلخ المنشأة منذ 10 سنوات، ولم تجهز بسبب العقود مع المطاحن الخاصة ومنها مطحنة الرياض التي كلفت 123 مليون ليرة كافية لتشغيل المطحنة العامة واليد العاملة، حيث اعتبر النقابي نزار العلي أن مصلحة تسيير أعمال مطاحن خاصة، مثل مطحنة محمد نزال الشيخ، هي وراء تأخير تشغيل وإقلاع المطحنة العامة!.
أما الأمثلة الأخرى عن إمكانيات الاستثمار الحكومية المهملة، أتت في ما قدمه عامر جداري رئيس اتحاد عمال طرطوس، حول مبقرة في المحافظة (مساحتها 3 آلاف دونم وتتسع لـ 12 ألف رأس، وتمر فيها قناة ري، ومع ذلك غير مستثمرة بحجة عدم وجود تمويل! وقدمنا فكرة مشاركتنا فيها، لما تقدمه من فائدة غذائية وتشغيل يد عاملة، لكنها تحتاج إلى موافقات عديدة!)، كما أكد جداري على ضرورة تأمين جبهات عمل في المناطق الآمنة، وعدم التأخر بذلك..
التعويض المعيشي: 20 ألف.. لا أربعة!
حملات ارتفاع الأسعار المستمرة، وسياسة الحكومة في عقلنة الدعم، كان لها حصة هامة من المداخلات النقابية، والتي انطلقت من التساؤل عن قرار رفع أسعار الأدوية، ووصلت إلى المطالبة بإقالة الحكومة.
جمال القادري رئيس الاتحاد العام ركز على موضوع رفع أسعار الدواء الأخير بنسبة 50% (فحوالي 50-60 معمل، لم يكونوا ينتظرون هذه الزيادة السخية، ومن غير المنطقي أنها تنقذهم، فهل كانوا يعملون قبلها بخسارة؟!. عليهم أن يتحملوا خسائر معنا، فهم مدعومون بسعر الدولار، وسمعنا بتصرفهم بالأدوية المخدرة التي تصل لأيديهم تصرفات غير طبيعية، أما الأدوية المفقودة التي لم تتوفر في السوق إلا عندما تمت عملية رفع السعر، فهذه هي حالة احتكار، يجب أن يخضعوا للقانون ويحاسبوا عليها!) داعياً الحكومة للتراجع عن قرارها (فالعودة عن الخطأ فضيلة..).
حيث طالب النقابي شفيق طبرة برفع تعويض المعيشة من 4 آلاف إلى 20 ألف بالحد الأدنى، ليستطيع التعويض عن المعيشة فعلاً، مشيراً أنه إذا كنا لا نريد أن تزداد أجورنا، إلا أننا نريد أن نعوض عن أجورنا المسروقة في السوق..
أما النقابي نزار العلي، فقد أشار إلى أن (السؤال اليوم لم يعد ماذا نريد من الحكومة.. بل ماذا تريد الحكومة منّا؟!) مطالباً بإقالة الحكومة وليس بإقالة وزير أو اثنين ليضع التساؤل أمام المسؤولين: (يحق لنا اليوم أن نتساءل من يعين المدير العام والوزير، وكيف يستلم هؤلاء وعلى أي خلفيات؟!). وفي مداخلة بلسم الناصر اختتمت قولها (لم نعد نسأل الحكومة حول تحسين الوضع المعيشي، بل أصبحنا نتحدث عن انتشال ملايين السوريين من الفقر!، إن السياسة التي تمارسها الحكومة اليوم أشبه بتجويع ممنهج)، وطالبت بالتخلص من (دواعش الداخل) للقضاء على (دواعش الخارج)..
اتحادنا مدعو لرفض التشاركية..
حسان البني من اتحاد عمال السويداء، تحدث حول قانون التشاركية الذي أقرته الحكومة وأحالته إلى البرلمان قائلاً نحن ضد التشاركية بالمطلق في البنية التحتية كالمطارات والطرق لأنها عنوان السيادة الوطنية، ولدينا تجارب، فالتشاركية مع شركات النفط الأجنبية كانت نتيجتها انسحاب سريع لها في الأزمة ما سهل السيطرة على الحقول.. التشاركية يجب أن تكون مشروطة بتوسيع القطاع العام، داعياً الاتحاد العمال لرفض التشاركية وتقييمها جدياً، واستعادة دور الدولة.!
فساد وتعدي في القنيطرة واللاذقية
نقل النقابيون مشاكل محافظاتهم الخدمية المختلفة، وكان من البارز ما وضحه النقابي أحمد سعدية رئيس اتحاد عمال القنيطرة إلى الحالات المتكررة في مشفى الشهيد ممدوح أباظه، المشفى العام الوحيد العامل في المحافظة، والتي تتجاوز الفساد إلى التعدي على المشفى وأطبائه وتعرضهم للضرب مطالباً بإيصال الصوت لضبطه أمنياً..
أما من اللاذقية فقد أشار النقابي غياث الأسد، إلى عقد في شركة المشاريع والموارد المائية باللاذقية والبالغة قيمته 400 مليون ليرة، والذي اعتبره أقرب إلى (عقد شخصي) من كونه للمصلحة العامة، في إشارة إلى قضية فساد في المحافظة..
تثبيت العمال.. الحكومة (تسحب وعودها)!
أخذت مسألة تثبيت العمال المؤقتين والموسميين وما يشابههم، الكثير من مداخلات النقابيين والقيادات النقابية، وذلك انطلاقاً من الخيبة المريرة لممثلي العمال، من عدم إمكانية تحقيق هذا المطلب الواقعي لهؤلاء العمال، وتحقيق الاستقرار لهم، وتحديداً بعد أن كانت الحكومة واللجنة الاقتصادية قد أشارت على موافقتها وتسوية الأمر..
الذريعة الحكومية الأولية هي الإرباك القانوني المرتبط بمسألة الملاكات العددية في شركات القطاع العام، وعدم صدورها، ليتضح لاحقاً في ردود الحكومة، أن الأمر لا يتعدى سوى توفير الأعباء على الحكومة، ضمن سياسة تقشفها وتحصيل الموارد التي تطال الضعفاء والمنتجين دون غيرهم!. أتت أهم مداخلات النقابيين التي تشرح الوضع في المداخلات التالية..
20 عام لم يصدر الملاك ولن يصدر!
البداية من مداخلة رئيس الاتحاد العام جمال قادري الذي عرض سير عمل مشروع تثبيت العمال المؤقتين، بين الاتحاد والحكومة، ومآلاته:
(صادق مجلس الوزراء على قرارات اللجنة المشكلة لتسوية أوضاع عمال معمل اسمنت طرطوس، وتسوية الحالات المماثلة كلها لكل العاملين في الدولة، ورفعت إحصائية وضعت بالتنسيق مع الوزارات كلها، واقتصرت على العاملين على خطوط الإنتاج، وحتى الآن لم يرد الجواب، رغم التأكيدات، والتجاوب الأولي!..) مشيراً إلى أن التثبيت لا يكلف رواتب إضافية، بل قد تكون فقط إضافات بسيطة ناجمة عن الحقوق الطبيعية لأي عامل، مشيراً إلى أن العمال المؤقتين أصبحوا جزءاً أساسياً وهاماً من العمل لا يمكن الاستغناء عنهم، مطالباً بالنظر (بالتخبط في قرار اللجنة الاقتصادية، وقرار وزير المالية، ومسألة الانتظار حتى صدور الملاكات، فنحن نعرف أنه من حوالي 20 عام لم يصدر الملاك، ولن يصدر الآن!)..
توفير في العمال المتسربين!
عمر حورية عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال أشار إلى أن التوفير الحكومي تم تلقائياً بتسرب العمال حيث (لدينا حوالي200 إلى 300 ألف عامل متسرب، حققوا وفراً على الحكومة، وبالمقابل لا يعطوننا تثبيت العمال المؤقتين بحجة التوفير على خزينة الدولة؟! والحكومة مصرة على عدم وضوح الرؤية وكيفية التعامل مع هذه الفئات.)
أما غسان السوطري رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال النفط والثروة المعدنية، تحدث عن العمال المؤقتين في الاتحاد المهني للنفط و(عددهم 136 عاملاً مضى عليهم 15 عاماً في العمل، وتراكمت خبراتهم، وتم اتخاذ قرار لتحويلهم إلى عقود دائمة لكن وزير المالية يربط ذلك بالملاكات، ونحن لا ملاك عددي لنا)!..
كما أشار إلى حجم التوفير من تسرب العاملين في القطاع العام، حيث (تسرب في وزارة الصناعة 24 ألف عامل، كتلة رواتبهم 8 مليار ليرة، فلماذا لا يسوى وضع المؤقتين بقرار سياسي وهم في الوطن يعملون، دون التقيد بالإرباكات القانونية المذكورة!..)
أكثر من 120 ألف عامل مؤقت!
حسام ابراهيم من اتحاد عمال دمشق أكد أن (عدد العمال المؤقتين عشرات الآلاف حيث بعض الأرقام تقول أنهم 60 ألفاً ونحن نقول أكثر من 120 ألفاً، وليس هناك معالجة لقضية تثبيتهم، علماً أن تثبيتهم ليس فيه كلف على الدولة بإضافتهم إلى الملاكات مما يشعرهم بالأمان ويحقق استقرارهم واستقرار العمل). كما أشار إلى وجود (قرارٍ صدر عام 2011 بتثبيتهم لكنه ضاع في دهاليز الحكومات..)
النقابية لينا رمضان تحدثت عن مخالفة قانونية في تحويل صيغ العقود، حيث أن (المادة 148الفقرة ب من القانون 50 تمنع نقل العقد، فكيف تم إنهاء عقود سنوية لعمال، وتحويلها إلى 3 شهور؟، وما هو المستند القانوني لذلك؟).
حموا المنشأة.. فكوفئوا بالطرد!
أما المثال الواضح على حالات أوضاع العمال المؤقتين، وإجحاف عدم تثبيتهم قدمه رئيس اتحاد حمص، حول (عمال مبقرة حمص الـ 32 الذين نظمت لهم عقود نصف سنوية منذ 2010، وحافظوا عليها خلال الأزمة وحموها وأمنوا الحليب لمعمل ألبان حمص، ولولاهم لذهبت المبقرة ، وبدل أن يكافؤوا أنهيت عقودهم..!).
اقتطاعات غير مرسلة!
أشار نقابيو إدلب إلى أن مديرية مالية حماة تقتطع اشتراكاتهم العمالية من روابتهم التي يستلمونها منها، ولا ترسلها إلى اتحاد عمال إدلب، على أرقام الحسابات الخاصة به، والمرفقة بموجب مذكرة إلى رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ: 1-7-2015، عن يطرق الاتحاد العام، ولم يأت الرد إلى اليوم؟! فأين تذهب هذه الاقتطاعات؟!
تشابه أسماء..براءة.. وكف يد!
أشار نقابيو حمص، إلى مسألة العمال الذين يوقفون مؤقتاً للتحقيقي الأمني، ويكون تشابه الأسماء هو السبب، حيث تأخذ هذه التحقيقات فترة أكثر من 16 يوم على الأغلب، لا تبررها الجهات العامة، ويتخذ بحق هؤلاء العمال الموقوفين قرار كف يد، بعد 16 يوم من الغياب! ثم يخرج أغلبهم براءة! فلماذا لا يبرر الغياب، إذا ما تبين وجود تشابه بالأسماء، ويعود العامل المثبتة براءته إلى عمله مع نهاية الإشكال الأمني؟!
كان للحديث حول قانون التأمينات، ومسألة التأمين الصحي مساحة هامة، وتحديداً أن الاتحاد يطرح ويعد باقتراب تأسيس شركة تأمين نقابية، وستعود قاسيون لهذا الجانب الهام في مقالات لاحقة.
رسالة من دير الزور..
طلال عليوي رئيس اتحاد عمال دير الزور، تحدث عن حصار أحياء المدينة من قبل التنظيم التكفيري داعش، منذ حوالي 9 أشهر وانقطاع الكهرباء منذ 6 أشهر وندرة المواد الغذائية وأسعارها الخيالية، وانعكاسات ذلك على المواطنين، ودور الفساد في عرقلة وصول المساعدات، وبيعها عوضاً عن التوزيع..