قراءة في مسودة مشروع: (نظام العجز والشيخوخة للتنظيم الحرفي)
(نظراً للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في الوقت الراهن إضافة إلى انخفاض الدخل لدى الحرفيين، ولمواجهة ظروف الحياة بات من الضروري تأسيس صندوق العجز والشيخوخة للأخوة الحرفيين لتأمين إعانات للإصابات ورواتب العجز والشيخوخة ومعاش لورثة المتوفى حسب الأصول).
ويحتاج إنشاء مثل هذا الصندوق الذي أحدث بناءً على أحكام المرسوم التشريعي رقم 44 تاريخ 16 /5/2010م، إلى قرار من مجلس الاتحاد العام للحرفيين، ويرفع إلى وزارة الصناعة لاستكمال مراحل إصداره، وتتكون موارد الصندوق من: رسم انتساب (25000) ل.س – اشتراك شهري (1500) ل.س – إعانات وتبرعات وهبات – ريع أموال الصندوق – نسبة من ريع المشاريع الاستثمارية – نسبة من رسوم تصديق الوثائق والشهادات الحرفية – مع ما تخصصه الدولة من إعانات.
يحق للعضو المنتسب للصندوق طلب التقاعد في سن السبعين، ويكون قد زاول المهنة مدة ثلاثين عاماً، بعد أن يكون قد دفع كامل التزاماته على مدار تلك السنوات. وحدد المشرع ثلاث حالات للحرفي له الحق بالتعويض: (في حالة التقاعد – في حالة العجز الصحي – وفي حالة الوفاة)، وحدد أيضاً انتقال الحقوق التقاعدية الى الورثة.
تشابه القوانين
في مراجعة سريعة لقوانين صناديق التقاعد أو نهاية الخدمة للنقابات المهنية في سورية: (نقابة المهندسين، الصيادلة، المحامين..)، تجد تشابهاً في تشريع نصوص الصناديق في الكثير من الجوانب، إلا أن نصوصاً قانونية أخرى ملحقة وصادرة عن المؤتمرات العامة، والتي أجازت لهذه النقابات طرقاً متنوعة جداً للجباية الإجبارية لدعم موجودات هذه الصناديق، (دون أن تعتمد فقط عل جيوب مشتركيها على أهميتها)، جعلها تعتمد في القسم الأعظم من وارداتها، على الرسوم التي تجبى من المواطنين في مجالات متعددة: من نشاطهم ومعاملات أملاكهم، وزواجهم، ومشاكلهم القضائية، وغيرها.
نقابات الحرفيين موارد أقل!
مقابل هذا فإنه حتى الآن تعويض الوفاة لحرفي قائم على عمله ومسجل أصولا في اتحاد الحرفيين / 25 / ألف ليرة، والحجة بذلك أن الاشتراك بصندوق التكافل الاجتماعي مازال قليلاً من قبل الحرفيين, إلا أننا نرى أن السبب يعود إلى أن المشرع لم يتح لهذه النقابات البحث عن مطارح أخرى، كما في غيرها من النقابات..
مقارنة مع نقابات أخرى!
تجبى الكثير من الرسوم لصندوق نقابة المهندسين: عن تصديق المخططات والإشراف وغيرها وتبدأ بعشرات الآلاف مروراً بمئات الآلاف، في حين كل الأعمال التي تلزم لهذه المنشأة منذ البداية حتى النهاية يقوم بها العمال والحرفيين دون جباية ليرة واحدة لصندوق الاتحاد، ومن المفارقات العجيبة بذلك على سبيل المثال, عندما يقوم حرفي بالترخيص لمشغل خياطة سواء كان في المدينة الصناعية أم لا, يدفع هذا الحرفي رسوم رخصة إدارية (بلدية، المنطقة العقارية), أيضاً رسوماً وأجوراً تعود لنقابة المهندسين، من مساهمة مهندسيها بالعمل، في التخطيط، أو رسم مسقط البناء، أو لقياس الكيلو واط، أو لقياس قدرة الآلات، وهذه رسوم عالية جداً تجبيها جهة معينة لصناديقها وأعضائها، في حين لا يوجد مستند قانوني لاتحاد الحرفيين لجباية ليرة واحدة إذا كانت المنشأة خارج المدينة الصناعية, أما داخلها فيضطر لدفع رسوم الشهادة الحرفية لمرة واحدة فقط، وتعد بالآلاف القليلة، وبعدها يصبح من الممكن عدم الالتزام بالدفع، مع العلم أنه توجد منشآت تصل ضريبة دخلها السنوية 100 ألف ليرة، ولا تدفع للاتحاد شيئاً، رغم أن المدينة الصناعية تحت إشرافه، بينما قوانين في نقابة المهندسين تؤكد على منع أي مهندس من قبول المعاملات بأنواعها إلا بإلصاق طوابع الهندسة المقررة لصالح خزينة تقاعد النقابة..
ينبغي أن يسمح المشرع للاتحاد بالحصول على موارد حتى من أعضائه ونشاطهم الاقتصادي، ليستفيدوا منها لاحقاً في تعويضات الوفاة ومطارح الاستفادة الأخرى، كما في غيره من النقابات.
آراء في بعض مواد المشروع
لكي يعطي المشروع فائدته القصوى للأخوة الحرفيين يجب أن يكون الانتساب للصندوق إجبارياً من ضمن الأوراق المطلوبة للترخيص، وفي مواد متعددة أعطى المشرع صلاحيات كبيرة للجنة الإدارية على حساب صلاحيات المؤتمر العام، حيث يجب أن تعطى صلاحيات للمؤتمر العام كإقرار السياسة العامة للصندوق والإشراف على تنفيذها، وخاصة في مجال استثمار أمواله. ولجنة الإدارة رغم الصلاحيات العالية لها، لم تحدد الفترة الزمنية لاستمرار عملها. ورفع المشرع سن التقاعد الى السبعين عاماً وأعطى حق الورثة للأولاد حتى سن الثامنة عشر، وهو سن مرتفع بالنسبة للحرفي حتى يجوز له الاستفادة من الصندوق، ورقم منخفض بالنسبة للأولاد المستفيدين، يجب أن تضاف عبارة (في حال الدراسة العليا لأولاد الحرفي المتوفى أن يبقى الأولاد مستفيدين حتى بعد سن الثامنة والعشرين شرط ألا يرسب الطالب سنتين متتاليتين). كما لم يحدد المشرع هل تعويض الوفاة من ضمن مهام هذا الصندوق؟! أم ستبقى ضمن صندوق التكافل الاجتماعي؟
أهمية المشروع تأتي كونه صدر أخيراً رغم أنه كان يجب أن يصدر منذ زمن بعيد , وإذا لم يلحق بهذا الصندوق التعليمات التي تجيز لصناديق الحرفيين ما أجازته لصناديق النقابات المهنية المتنوعة، لن يكون أفضل من قانون صندوق التكافل الاجتماعي الذي لا يرتقي في خدماته الى مستوى حاجة الحرفي في خمسينات القرن الماضي, على أمل أن تؤخذ بعين الاعتبار هذه الشريحة الكبيرة المنتجة في المجتمع السوري ودورها الاقتصادي والاجتماعي في البلد .