هل من علاوة ثابتة للترفيع الدوري للعمال؟

هل من علاوة ثابتة للترفيع الدوري للعمال؟

بادرت أغلب الجهات العامة الحكومية إلى توزيع استمارات تقويم الأداء للعاملين في الدولة، على الرؤساء المباشرين استعداداً لاتخاذ قرار الترفيع أو عدمه، وتحديد علاوة الترفيع الدورية في مطلع العام القادم استناداً للقانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم (50) الصادر عام 2004 والتي شُكِّلت مؤخراً لجنة برئاسة وزير العدل وعضوية الجهات المعنية لإجراء التعديلات الضرورية عليه، ليواكب المستجدّات ويلبّي مطالب العمال وطموحاتهم كما يأمل كل العاملين الخاضعين لأحكامه.

وجهة نظر في الترفيع الدوري

لقد ساهمت «قاسيون» من على صفحاتها بإبداء العديد من الاقتراحات والملاحظات التي من شأنها تطوير التشريعات المتعلقة بحقوق الناس بشكل عام وفي مقدّمتهم العمال. وحيث أن التعديلات على القانون ستنجز مع حلول نهاية العام الجاري، فإننا سوف ندلي بوجهة نظرنا حول استحقاق (الترفيعة الدورية) الذي ينتظره العمال بلهفة كل عامين، لتعوض عليهم ولو جزئياً هزالة الأجر الذي لا يغني ولا يسمن، في ظل الانخفاض الشديد للقيمة الشرائية لليرة السورية.
من الصعوبة بمكان حالياً تعداد العاملين الذين سوف يستفيدون من هذه العلاوة، بسبب الأزمة التي تعصف في البلاد، وإغلاق العديد من المنشآت الحكومية، وتشرّد الكثير من العمال سواء خارج القطر أو داخله، ممّن حُرِموا من رواتبهم لأسباب غير مقنعة. فضلاً عن آلاف العمال الذين وصلوا إلى سقف الراتب ولا يحقّ لهم بالتالي الحصول على هذه العلاوة.
لكننا من حيث المبدأ نرى أن هذا الاستحقاق الدوري ومن خلال تطبيقه عبر سنين طويلة، يكتنفه العديد من الملاحظات والثغرات، وتتعزّز سنة بعد أخرى، مع اجتهادات بيروقراطية تزيد من سوء تطبيقه. فإذا كانت الاستمارات المتعلقة بهذا الترفيع سابقاً تتألف من حقول بسيطة تتضمّن الاسم الثلاثي وتاريخ بدء التعيين والفئة الوظيفية والعقوبات.. بحيث لا تتعدّى عدة أسطر، فقد تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى ما يشبه التحقيق الأمني، من خلال رصد كافة تفاصيل شؤون العامل الوظيفية وعلى صفحتين وبخطٍّ ناعم، عن وضع كل عامل خلال عامي (2014-2015) وكلّ ستة أشهر على حده.


العدالة في التقييم؟

وكلنا يعلم بأن البيانات المدوّنة في هذه الاستمارات تلعب دوراً أساسياً في تقييم كفاءة العامل وأدائه ومدى أهليته للفوز بالدرجة القصوى 9% أو أقلّ.
إن من حق أيّ عامل الحصول على علاوة الترفيع السنوية، وهذه غدت من البديهيات في كثير من الدول، وإننا نرى أن هذا الحق يجب أن يُشرعن بالتعديلات المرتقبة للقانون الأساسي للعاملين. من خلال إلغاء كل المواد الواردة في الباب الخامس من القانون (من المادة 23 وحتى المادة 28) والاستعاضة عنها بالقول: كل عامل مضى على وجوده في العمل سنتان من تاريخ بدء التعيين يمنح علاوة الترفيع. والإبقاء على المادة (29) المتعلقة بمنح علاوة الترفيع الاستثنائية.
مع اقتراح بإلغاء العقوبة الواردة في المادة (68) من القانون والمتعلقة بـ(تأخير الترفيع وحجب الترفيع) والاكتفاء عند المقتضى بالعقوبات المالية الأخرى (الحسم من الأجر مثلاً).
قد يقول قائل: وهل يستوي العامل النشيط المجتهد المتمرّس.. بذلك العامل الكسول المهمل الفاسد من حيث الدخل؟ الجواب: بالطبع لا يستوي. ويمكن التمييز بينهما من خلال التطبيق العادل لنظام المكافآت وفرض العقوبات الصارمة بمن يستحقها.
كما أننا نرى بأن العلاوة ينبغي أن تكون سنوية ونسبتها 10% مع اقتراح بإلغاء ما يسمّى سقف الراتب؛ بمعنى يحقّ للعامل طالما هو على رأس عمله أن يحظى بهذه العلاوة تحفيزاً وتشجيعاً له للمواظبة على إخلاصه وتفانيه في العمل. ومن الجدير ذكره أن القيمة المالية لترفيع جميع العاملين سنوياً لا تعادل إلا مبالغ بسيطة إذا ما قورنت بالإعفاءات الضريبية السنوية المقدمة للقطاع الخاص والمستثمرين، والتي كان آخرها مشروع القانون المقدم إلى مجلس الوزراء حول إعفاء المكلفين بضريبة دخل الأرباح الحقيقية وإضافاتها، العائدة لأعوام 2013 وما قبل، من الفوائد والجزاءات والغرامات..
ونسأل أخيراً: هل قامت الجهات المعنية باحتساب تكاليف إجراء هذه العملية الدورية المعقّدة من هدر للوقت والقرطاسية والورق. والتي تبلغ بالتأكيد عشرات الملايين إن لم يكن أكثر. ناهيك عن المناكفات والاحتجاجات والمساومات التي تطرح هنا وهناك حول هذا الموضوع؟
نأمل من اللجنة المكلفة بتعديل هذا القانون أن تلحظ في تعديلاتها هذه الانتقادات والمقترحات لما فيها خير للعمال وللوطن.